قوات الأسد تتحدى العالم وتخرق مهلة أنان

قتلى وقصف ومداهمات وانشقاقات والأسلحة الثقيلة تحاصر حمص وحلب ودمشق

صورة وزعها موقع «شام نيوز» تظهر منازل مهدمة بعد القصف على مدينة القصير في حمص أمس (أ.ف.ب)
TT

كما توقعت قوى المعارضة السورية، لم يلتزم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بانتهاء المهلة المعطاة له وفق مبادرة المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي أنان والقاضية بسحب القوات النظامية والآليات العسكرية من الشوارع، تمهيدا للوصول إلى وقف متبادل لإطلاق النار بعد 48 ساعة، إذ أعلنت لجان التنسيق المحلية عن سقوط أكثر من 50 قتيلا في أنحاء سوريا يوم أمس جراء دك قوات الأمن حمص وحلب ودرعا وحماه بمئات الصواريخ التي قضت على ما تبقى من بشر وحجر في هذه المدن.

وفي وقت أعلن الجيش السوري الحر أنه سيمهل الجيش السوري النظامي 48 ساعة لوقف إطلاق النار تحت طائلة استئناف الهجمات عليه، أكدت مصادر قيادية فيه أنه «أوقف العمليات الهجومية بما نسبته 100%، وأن أي اشتباكات تحصل مع عناصر من الجيش النظامي هي بإطار الدفاع عن النفس لا أكثر ولا أقل».

وقالت مصادر الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «مروحيات الجيش السوري قصفت يوم أمس عددا من المدنيين السوريين الذين كانوا يهربون باتجاه تركيا فقتلت عددا منهم في الأراضي السورية المقابلة لمخيم كلس».

وكان لحمص بالأمس الحصة الكبرى من القتلى، إذ سقط فيها وبحسب لجان التنسيق المحلية ما يزيد عن 30 قتيلا إثر قصف عنيف ومتواصل على أحياء الخالدية، القصور، القرابيص، جورة الشياح والبياضة. وقال ناشطون إن من بين القتلى الذين سقطوا بالأمس في حمص 4 نساء و3 أطفال إثر سقوط عدد كبير من قذائف الهاون والصواريخ على كل من حي الخالدية والبياضة، متحدثين أيضا عن قصف عنيف طال أحياء حمص القديمة وتمركز على حي باب الدريب والصفصافة.

وأفادت لجان التنسيق بأن قصفا مدفعيا عنيفا استهدف مدينة الرستن والمناطق المحيطة بها وبالتحديد قريتي غرناطة وزممير كما طال منطقة حولة.

وقال الناشط السوري وليد فارس إن القصف أيقظه من النوم صباح يوم أمس، لافتا إلى أنه «كان بوسعه أن يسمع سقوط قذيفة مورتر كل نحو 10 دقائق على أحياء في وسط وشرق حمص».

بدوره أكد الناشط عمر حمصي تواجد عدد كبير من دبابات الجيش النظامي في ضواحي محافظة حمص بوسط البلاد، مشيرا إلى أن هذه الدبابات قصفت حي الخالدية وحي باب السباع بالمحافظة. وأضاف أن «الدبابات والقوات لم تبرح مكانها، ولم يحدث أي تغيير على الأرض حتى الآن بالرغم من انتهاء ما يسمى بمهلة أنان».

وفيما حذر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن من أنه إذا لم تنجح خطة السلام التي طرحها أنان فإن سوريا ستنزلق إلى حرب أهلية، أوضح أن بلدة مارع في ريف حلب، في شمال سوريا، تعرضت يوم أمس للقصف من دبابات الجيش السوري، في وقت حلقت مروحيات فوقها، مؤكدا من جهة ثانية، أن قرية حور النهر المجاورة لبلدة مارع تعرضت أيضا لقصف من القوات النظامية السورية «التي تحاول السيطرة على المنطقة». وقال الناشط أبو عمر الموجود في محيط بلدة مارع إن «قصفا عنيفا طال البلدة التي تصاعدت منها أعمدة الدخان»، مشيرا إلى حصول حركة نزوح عائلات.

وفي حلب أيضا، أفادت لجان التنسيق المحلية أن الجيش النظامي قصف منازل المدنيين في بلدة تركمان مستخدما الصواريخ والرشاشات الثقيلة والطيران الحربي. وقال ناشطون إن مصادمات عنيفة وقعت بين الطلبة المتظاهرين في جامعة حلب في كليتي الهندسة المعلوماتية والآداب وقوات الأمن أدت إلى سقوط عدد من الجرحى.

وفي تطور لافت مع انتهاء مهلة أنان، أفاد ناشطون أن دبابات النظام السوري دخلت وسط دمشق للمرة الأولى في إطار سعيها لقمع الاحتجاجات متحدثين عن أن «أكثر من 20 دبابة ومدرعة وناقلة جند تتمركز منذ يوم الاثنين في مناطق كفرسوسة والدحاديل والقدم ونهر عيشة بدمشق، حيث جرى استعمال الأسلحة الثقيلة للمرة الأولى في أحياء العاصمة، وجرت عملية اقتحام لتلك المناطق تخللتها حملات اعتقال واسعة طالت أكثر من 400 شخص».

وقال ناشط من حي الميدان في العاصمة السورية إن «الحملة المستجدة على دمشق سعت للسيطرة على الجيش الحر الذي تزايدت نشاطاته في تلك المناطق، حيث بدأت بعض نقاط التظاهر تحتج وسط حماية من الجيش الحر» مشيرا إلى أن «العناصر الذين شنوا الحملة كانوا يرتدون لباس الحرس الجمهوري، إضافة إلى عناصر من الشبيحة بلباس مدني».

ومن حماه، قال الناشط والصحافي السوري منهل أبو بكر إن الدبابات قصفت مدينة حماه منذ الساعات الأولى من صباح يوم أمس، مؤكدا أنها تجوب الشوارع رغم انتهاء المهلة التي وافق عليها الرئيس السوري بشار الأسد للبدء في سحب قوات الحكومة من المدن. وأضاف: «في الساعة الثانية صباحا سمعنا دوي قذيفتين تسقطان وأصوات دبابات تتحرك في الشوارع» وأضاف عبر «سكايب»: «ليس هناك إطلاق للنيران إذ جرى قصفنا ليلا حتى يكون التصوير صعبا». وأوضح تسجيل فيديو قال أبو بكر إنه جرى تصويره في حماه أثناء ليل الاثنين الثلاثاء انفجارات تحدث ليلا في منطقة مكتظة بالمباني.

وفي حماه أيضا، قال ناشطون إن «منطقة اللطامنة تعرضت لقصف عنيف ولعملية اقتحام بعدد من الدبابات والعربات العسكرية بعد نزوح معظم الأهالي من المدينة جراء المجازر» متحدثين أيضا عن أن «جيش النظام يطوق مدينة كفرزيتا من جميع الجهات، فيما تقتحم قوات الأمن المنازل وتشن حملة اعتقالات عشوائية وتقوم بتخريب المنازل والمحال التجارية».

وفي وقت أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «6 عناصر من القوات النظامية السورية قتلوا إثر هجوم بالرصاص شنه مسلحون مجهولون استهدفهم بين قرية مسعدة وبلدة مرقدة» في محافظة الحسكة، تحدثت لجان التنسيق المحلية عن قصف عنيف تعرضت له بالأمس كل مناطق درعا، لافتة إلى أن «منطقة اللجاة شهدت قصفا عنيفا من طائرات حربية ترافق مع حملة اقتحامات ومداهمات في بلدة الشرايع وانتشار أمني كثيف في المقبرة» وكشف ناشطون عن «انشقاق عدد من الضباط من لواء 33 شرق بلدة المسمية بعد القصف العنيف الذي استهدف المنطقة». وقد قال المرصد السوري إن «منطقة اللجاة التي يتحصن فيها الكثير من مقاتلي المجموعات المسلحة المنشقة تعرضت لقصف من الطائرات السورية وذلك بعد فشل قوات المشاة خلال الأسابيع الفائتة اقتحام اللجاة وتكبدها خسائر كبيرة»، وتحدث المرصد أيضا عن «اقتحام القوات النظامية بلدة طفس حيث بدأت حملة مداهمات بحثا عن مطلوبين للسلطات السورية». وبمقابل الحراك العسكري على الأرض، تحرك عدد كبير من الناشطين في مختلف المحافظات السورية في مظاهرات سلمية مطالبة بالحرية وبإسقاط النظام. وقد بثت صفحات المعارضة السورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأكثر من مظاهرة رفع خلالها المتجمهرون لافتات تحيي أرواح الشهداء وتتضامن مع المدن المنكوبة. وبين أحد المقاطع خروج مظاهرة في الرقة في حي الثكنة، فيما أظهر آخر خروج العشرات في مظاهرة في بلدة التح في إدلب كما في كفرنبل. ومن درعا، وبالتحديد من كفرشمس ونامر هتف المئات بإسقاط النظام.