النمل لا يعزل رفاقه المصابين بل يداويهم

المناعة الاجتماعية تؤدي إلى حصانة المجتمع

TT

ذكر علماء من النمسا أن مجتمع النمل لا يطرد أفراده المصابين بجراثيم معدية من قريته، بل يسارع إلى رعايته وتطهيره من هذه الجراثيم، مما يجعل النمل المصاب يساهم في زيادة مناعة مجتمع النمل ضد الأمراض المعدية.

وقال الباحثون تحت إشراف سيلفيا كريمر، من معهد العلوم والتقنية في مدينة كلوسترنبورغ النمساوية، إن ذلك يؤدي إلى احتكاك الكثير من النمل من فصيلة لاسيوس نيجليكتوس بالنمل المصاب، ولكن هذا الاحتكاك يكون مع قدر قليل من الجراثيم المسببة للمرض.

ونشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة «بلوس بيولوجي» الأميركية، وأشاروا إلى أنه من اللافت للنظر أن الإنسان سلك طريقا مشابها في المراحل المبكرة من تطويره الأمصال، حيث تبين للعالم البريطاني إدوارد جينر عام 1796 أن بثورا غير خطيرة نسبيا يمكن أن تنتقل من الأبقار إلى الإنسان الذي يحتك بها، وغالبا ما يكون هذا الإنسان من النساء اللاتي يقمن بحلب هذه الأبقار، وأن ذلك لا يؤدي إلى إصابات كبيرة لهؤلاء النساء لأنهن اكتسبن بهذه الطريقة مناعة ضد المراحل الخطيرة من هذه البثور بسبب انتقال عدوى البثور مرة إليهن.

وللتأكد من ذلك قام العالم جينر بنقل عدوى هذه البثور إلى نجل البستاني الذي يعمل عنده، وكان طفلا في الثامنة، وذلك من خلال حك عينة صغيرة من نسيج حالبة أبقار مصابة بالبثور في بشرة الطفل بعد أن تم خدشها (وهي تجربة لا تسمح بها الأخلاق العلمية الحالية بأي حال من الأحوال) فوجد أن الطفل قد أصيب بشكل خفيف ولكنه سرعان ما تعافى من هذه البثور بشكل جيد، ولم تعد البثور تؤثر فيه.

وأشار الباحثون إلى أن النمل يتحصن بهذه الطريقة التي يطلق عليها اسم المناعة الاجتماعية، حيث يقوم عدد من أفراد النمل بتخليص أقرانهم من الآثار الدقيقة لفطر ميتاريزيوم انيسوبالي الدقيقة، مستخدمين الفم في ذلك، مما يزيد من إمكانية تعافي النمل المصاب من هذا الفطر الخطير.

كما تبين للباحثين أن النمل المصاب ينشط جينات تساعد على مكافحة هذه العدوى.

وأكد الباحثون من خلال نموذج حسابي من تصميمهم أن هذه الطريقة تجعل النمل يتعافى بشكل أسرع من الفطر الخطير.