إقبال لافت على أكلة الحلزون في المغرب ومختبرات التجميل الأوروبية تصنع منه مواد واقية

حديث الأطباء عن فوائده جلب الانتباه إلى «المطاعم المتحركة»

سيارة عبارة عن مطبخ متحرك أمام مسجد بدر في حي أكدال بالرباط («الشرق الأوسط»)
TT

انتشرت في الآونة الأخيرة في المدن المغربية الساحلية سيارات، هي في الواقع عبارة عن مطاعم متجولة، تبيع الحلزون الذي يعرف محليا باسم «البابوش»، وهي تقوم بذلك سواء في الشارع أو من خلال نقل طلبات الزبائن إلى منازلهم (خدمة منزلية) كما يحدث مع أكلات سريعة أخرى، خاصة البيتزا.

ويعتبر المغرب أول بلد مصدر للحلزون «الببوش» في العالم، ويستورد الأوروبيون كميات كبيرة من هذه السلعة، بيد أن المشكلة الأساسية التي تواجه المصدرين هي أن الحلزون لا بد أن يستهلك خلال فترة وجيزة، وإلا فسد. بالمقابل عرف الإقبال على أكل الحلزون في المغرب في السنوات الأخيرة زيادة مطردة، خاصة بعد أن تعرف كثيرون على قيمته الغذائية، والفوائد التي يمكن الحصول عليها من تناوله.

ويحتوي الحلزون على بروتينات تعادل كمية البروتني الموجودة في اللحم الأحمر تقريبا، لكن المغاربة لا يتناولونه من أجل هذه الفائدة كما يتبادر إلى الذهن، لكن يقبلون عليه لأنه يمنح حرارة وطاقة للجسم بالنظر إلى التوابل التي يتم فيها طبخ الحلزون وهي بهارات وأعشاب مختلفة وحارة، خاصة أن الحلزون يقدم ساخنا.

وتعتقد النساء العاقرات أو اللواتي تأخرن في الحمل أن أكل الحلزون يساعدهن على الإنجاب وتوجد بها عناصر تساعد على الخصوبة، كما يعتقد المرضى الذين يعانون أمراض البرد والروماتيزم أنه يوفر لأجسادهم الطاقة والحرارة.

وأسهم حديث الأطباء عن خصائص «الببوش» الغذائية في إقبال الناس عليه، ولعل من أبرز الأطباء المغاربة الذين يعتقدون اعتقادا جازما بأهمية «الببوش» الغذائية البروفسور والباحث محمد الفايد، الذي دأب على تقديم برنامج منتظم في الإذاعة المغربية حول مزايا المطبخ المغربي وعادات الأكل عند المغاربة سابقا وحاضرا، وفي مرات كثيرة تحدث الدكتور الفايد عن فوائد «الببوش» الغذائية.

وبات المغاربة الذين يبحثون عن «الببوش» يجدونه في شوارع المدن لدى باعة متجولين على متن سيارات تكون مكشوفة أحيانا، في بعض المدن المغربية كما في وسطه وغربه.

ويستهلك الزبناء «الببوش» في الشارع بالقرب من العربة أو «المطعم المتحرك»، لكن هناك بعض العائلات تفضل أن تطلب أكلات «الببوش» وهي في المنزل، إذ أصبح ممكنا الآن الاستفادة من خدمات المنازل، وهو ما يكتبه باعة «الببوش» على عرباتهم، وتتم الاستجابة لطلبات الراغبين في إيصال «الببوش» إليهم حيث يرغبون من خلال مكالمة هاتفية كما هو مبين أيضا في السيارة.

ويتم طبخ أكلات «الببوش» سواء في المنازل أو لدى الباعة المتجولين بعد غسله بطريقة خاصة جدا، إذ يتم وضع «الببوش» حيا في أوانٍ كبيرة تحتوي على نخالة القمح سواء القمح الطري أو الصلب لبعض الوقت، لأن أكل الحلزون لهذه المادة يجعله يستخرج كل ما في بطنه من مخلفات، وهي أفضل طريقة لغسل أحشاء هذا الكائن الذي يتقوقع داخل دارته وهي عبارة عن غشاء سميك، ويصعب إخراجه منها حيا.

ثم تأتي بعد هذه العملية، مرحلة الطبخ، حيث يتم وضع «الببوش» في أقداح الماء الساخن مع كمية من الملح. وغالبا ما تردد السيدات اللائي يطبخن «الببوش» قبل رميه على النار عبارة «ذبحتك الماء والملح»، لأن البعض لا يستسيغ رمي «الببوش» على النار وهو حي.

ويؤكل «الببوش» أيضا بطريقة خاصة، لأنه يبقى متقوقعا حتى بعد موته بعد طهيه فوق النار، ولا يمكن أكله إلا بعد سحبه بواسطة إبرة حديدية. وأهم طرف يؤكل فيه حسب البروفسور محمد الفايد هو عنقه، أي الطرف المتكون من الرأس والصدر. ويبلغ ثمن قدح من «الببوش» مع مرقه ما بين خمسة وعشرة دراهم (ما بين دولار ونصف الدولار).

وتعتبر المناطق الفلاحية ذات التربة الجيدة هي أكثر المواقع التي يتكاثر فيها «الببوش» بالمغرب، مثل المناطق الواقعة في مناطق الرباط وسلا وزمور وزعير ومنطقة الغرب والشاوية وضواحي مدينة سطات جنوب الدار البيضاء.

ويجمع «الببوش» من طرف النساء القرويات والأطفال في البوادي والأرياف، ويتم بيع كميات منه على الطرق بالمغرب بالنسبة للمسافرين، وكميات أخرى يشتريها وسطاء يتولون جمعه في عربات كبيرة قبل نقله لتجار متخصصين في التصدير نحو أوروبا وتستقبل إسبانيا وفرنسا ودول أخرى كميات كبيرة منه على اعتبار أن المغرب أول بلد مصدر لهذا الكائن الزاحف في العالم، لأن مختبرات التجميل باتت تولي أهمية قصوى للحلزون المغربي وتصنع من لعابه اللزج واللامع كريمات واقية من أشعة الشمس.