مجلس الأمن يناقش قرارا بإرسال مراقبين إلى سوريا.. ومطالب بإقامة ممرات إنسانية

ضمانات تمكنهم من الانتقال والحركة دون عوائق.. والسماح لهم بدخول أي مكان

متظاهرون في جمعة «ثورة لكل السوريين» ينددون بالرئيس السوري بشار الأسد في ريف دمشق أمس (رويترز)
TT

شهدت الجلسة المغلقة لمجلس الأمن، أمس، مناقشات ساخنة حول مشروع القرار الذي تقدمت به كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإرسال مراقبين إلى سوريا لمتابعة تنفيذ خطة المبعوث الدولي كوفي أنان. وطالب مشروع القرار بإعادة القوات العسكرية السورية إلى ثكناتها والانسحاب من المراكز السكانية «بشكل واضح» وفي حال عدم التزام دمشق بتعهداتها فإن مجلس الأمن سيدرس اتخاذ التدابير التي يراها مناسبة. وطلب المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية من مجلس الأمن المكون من 15 دولة الموافقة على إرسال بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة (مكونة من 30 مراقبا) في أسرع وقت إلى سوريا.

ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية يشير نص مشروع القرار المكون من صفحتين إلى «الدعوة إلى التطبيق الفوري لجميع نقاط خطة كوفي أنان الست ويطالب الحكومة السورية باحترام حق الشعب السوري في التظاهر السلمي في إطار القانون». ويقول النص، إن «مجلس الأمن يعرب عن نيته تشكيل مهمة مراقبين على الفور في سوريا للإشراف على وقف المعارك والمساعدة في تطبيق خطة أنان بالكامل».

كما ينص مشروع القرار على أن يتم في المرحلة الأولي نشر ثلاثين مراقبا عسكريا «غير مسلحين». وطالب مجلس الأمن الحكومة السورية بتقديم ضمانات تتيح للمراقبين القيام بمهمتهم وأن تضمن دمشق سلامتهم الشخصية وتمكينهم من الانتقال والحركة دون عوائق في كافة أنحاء البلاد والسماح لهم بدخول أي مكان أو منشأة تراها البعثة ضروريا دون إخطار مسبق، والاتصال بحرية مع السكان كما يتعين أن يكونوا قادرين على التواصل مع مقر الأمم المتحدة دون عوائق، ووافقت روسيا على مبدأ إرسال فرق مراقبين لسوريا، لكنها اعترضت على أي لهجة تحذيرات أو التلويح بعقوبات في حال عدم التزام النظام السوري بالتنفيذ الكامل لخطة أنان.

وقال دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» إن الخلافات ارتكزت حول عبارة في مشروع القرار يدين فيها مجلس الأمن الانتهاكات «الواسعة والممنهجة والجسيمة» لحقوق الإنسان في سوريا ومسؤولية النظام السوري عن تلك الانتهاكات، كما يحذر مشروع القرار النظام السوري من عدم الالتزام الكامل بتنفيذ خطة أنان بشكل كامل وواضح واتخاذ خطوات إضافية وتدابير مناسبة، وهو ما تراه روسيا يحمل في طياته تحذيرات للنظام السوري.

في الوقت نفسه، حذر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين المعارضة السورية من القيام بأعمال «استفزازية» من خلال إصرارها على الدعوة إلى تنظيم مظاهرات حاشدة ضد النظام.

وقال مارتن نيسركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنه بمجرد صدور قرار مجلس الأمن فإن بعثة صغيرة مستعدة للسفر فورا إلى سوريا لتكون الأعين والآذان لرصد ما يحدث في سوريا ومراقبة وقف إطلاق النار وانسحاب الآليات العسكرية وبقية عناصر خطة كوفي أنان. وأوضح نيسركي خلال المؤتمر الصحافي للأمم المتحدة أمس أن بعثة المراقبين لن تستطيع أن توجد في كل مكان في سوريا في البداية، مشددا على ما ذكره بان كي مون بأن عملية وقف إطلاق النار «هشة للغاية» وضرورة ضبط النفس إلى أقصى درجة.

وقال أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، إنه في حال موافقة مجلس الأمن فإن فريق بعثة المراقبين سيضم ما بين 10 و12 مراقبا (ويمكن زيادتهم إلى 30 مراقبا) ومن المقرر سفرهم إلى سوريا والبدء في مهمة مراقبة وقف إطلاق النار، ويصل فريق موسع يضم 250 مراقبا في وقت لاحق، لكنه امتنع عن تحديد الدول المرجح أن تشارك في مهمة المراقبين، موضحا أن كثيرا من الدول لديها بالفعل عاملون في المنطقة ويمكن نقلهم سريعا إلى سوريا.

وأضاف فوزي خلال مؤتمر صحافي بجنيف أمس، أن كوفي أنان طالب النظام السوري السماح بإقامة «ممرات إنسانية». وقال «أنان مدرك أن الوضع ليس مثاليا في هذا البلد في الوقت الحالي وهناك معتقلون يجب الإفراج عنهم ولا بد من إقامة ممرات إنسانية». وأشار إلى وجود أكثر من مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية في سوريا. وأوضح فوزي أن سوريا وافقت على منح تأشيرات لدخول الصحافيين من 74 مؤسسة إخبارية.

وأوضح فوزي أن الحكومة السورية وافقت على نشر بعثة مراقبة الأمم المتحدة، وقال «نحن ممتنون أنه لا يوجد قصف عنيف وأن عدد الإصابات آخذ في الانخفاض وعدد اللاجئين الدين يعبرون الحدود تنخفض أيضا».

وقال الجنرال روبرت مود، إنه «إذا استمرت الأطراف في احترام وقف إطلاق النار فمن المهم جدا فتح المجال أمام المساعدات الإنسانية المكثفة في أسرع وقت ممكن»، مؤكدا أن مليون سوري يعانون نقصا في المواد الغذائية والأغطية والماء. وقال مود في مؤتمر صحافي أمس، إن «سوريا في حاجة أيضا إلى إعادة الإعمار، فالدمار هائل إلى حد أنه في بعض المدن دمرت المدارس والمستوصفات والمؤسسات العامة ويجب إعادة بنائها».

من جانبها، قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي إليزابيث بيرز، إن المنظمة توزع حاليا المساعدات الإنسانية من خلال الهلال الأحمر السوري منذ بدء عملياتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأوضحت أن عدد السوريين الذين الوصول إليهم بلغ 106 آلاف شخص في مارس (آذار) الماضي.

وقال الضابط النرويجي، إن «وقف إطلاق النار يبدو محترما مع شيء من التحفظ، ومن المقلق أن نرى معلومات غير مؤكدة حول أعمال عنف في حمص والمنطقة الحدودية، لكن الانطباع العام هو تطبيق وقف إطلاق النار». وأضاف مود، أن «الالتزام بوقف إطلاق النار بشكل يكاد يكون كاملا يدل على أن الأطراف عازمة على الانتقال إلى نهج آخر يختلف عن العنف».