المغرب: نواب يطالبون بتقليص المؤسسات التي يعين مسؤولوها من طرف الملك

الوزير الكروج: أحدثنا ثورة بهذا القانون

TT

طالبت فرق من المعارضة في مجلس النواب المغربي، بتقليص عدد المؤسسات الحكومية التي يحق للملك محمد السادس تعيين المسؤولين عنها والتي توصف بأنها «استراتيجية» طبقا لمشروع قانون تنظيمي يتعلق بتطبيق أحكام فصلين من الدستور الجديد، وذلك من أجل توسيع صلاحية مؤسسة رئيس الحكومة، وحتى لا تظل العديد من المؤسسات الحكومية، من وجهة نظرهم، خارج وصاية الوزراء المعنيين بالقطاعات المرتبطة بها، من بينها وكالة الأنباء المغربية، والقنوات التلفزيونية الرسمية الثلاث، وشركات أخرى تهم مجالات السياحة والنقل والثقافة.

ودافع عبد العظيم الكروج وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة عن لائحة المؤسسات الاستراتيجية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة أحدثت ثورة بهذا القانون لأن الدستور السابق لم يكن يسمح للحكومة أن تقرر حول 17 وظيفة سامية، في حين أن الدستور الجديد يسمح للحكومة أن تقرر في 1181 منصبا من المناصب السامية في المؤسسات الحكومية.

ويحدد القانون لائحة المؤسسات الحكومية الاستراتيجية التي يتم تعيين مسؤوليها من قبل الملك بعد المداولة في اجتماع مجلس الوزراء (يرأسه الملك)، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، الذي يمارس وصاية على هذه المؤسسات والمقاولات، والذي يوجد قيد المناقشة في لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان بعد أن صدقت عليه الحكومة في فبراير (شباط) الماضي. ويطول القانون أيضا لائحة الوظائف السامية التي يتم التعيين فيها من قبل رئيس الحكومة بعد التداول بشأنها في اجتماع الحكومة. وحصر القانون لائحة المؤسسات والمقاولات الحكومية الاستراتيجية التي يعود فيها قرار التعيين إلى الملك في 39 مؤسسة وصفت بأنها «استراتيجية»، حيث سيعين الملك حسب مشروع القانون مسؤولي 20 مؤسسة حكومية استراتيجية و19 مقاولة حكومية استراتيجية، بينما منح مشروع القانون التنظيمي لرئيس الحكومة صلاحيات التعيين في 51 مؤسسة حكومية وفي 17 منصبا ساميا، في حين أن باقي المؤسسات التي لم يشر إليها القانون توكل صلاحيات التعيين فيها إلى إداراتها الداخلية.

وانتقد نواب من حزبي الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، أثناء مناقشة القانون الليلة قبل الماضية في لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان، المعايير التي جعلت الحكومة تصف عددا من المؤسسات الحكومية التي يحق للملك تعيين مسؤوليها بأنها «استراتيجية» على الرغم من أنها لا ترقى إلى أن توصف بهذه الصفة، في حين توجد مؤسسات وضعت في اللائحة الخاصة بالمؤسسات التي يعين مسؤوليها رئيس الحكومة، تعتبر استراتيجية بالفعل منها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الاستهلاكية الأساسية) اللذان يعرفان مشاكل كثيرة.

ويقترح نواب «الاتحاد الاشتراكي» إلغاء الصفة الاستراتيجية عن أكثر من 30 مؤسسة لتتقلص لائحة المؤسسات التي تحمل هذه الصفة إلى تسع فقط، وهو عدد معقول في نظر النائب البرلماني حسن طارق، طبقا لما هو معمول به في الدول الديمقراطية، وأضاف أن عددا كبيرا من المؤسسات التي وصفت بأنها استراتيجية لا تتوفر فيها معايير من قبيل ضمان الأمن الاجتماعي أو مؤسسات التقنين وحتى البعد الوطني حتى تستحق حمل هذه الصفة، وأعطى أمثلة كثيرة على ذلك من بينها مؤسسة المغاربة المقيمين بالخارج، ومؤسسة التكوين المهني، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، وشركة «مارشيكا للتنمية»، ووكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق، وهما مؤسستان تشرف كل واحدة منهما على إنجاز مشاريع سياحية محلية في كل من مدينتي الناظور والرباط.

وطالبت النائبة حسناء أبو زيد من «الاتحاد الاشتراكي» بتحكيم المجلس الدستوري أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي إذا ما فشلت الحكومة في تحديد المعايير التي استندت إليها في تصنيف المؤسسات الحكومية التي منح القانون حق تعيين مسؤوليها للملك على أنها استراتيجية.

وفي مقابل ذلك دافع عبد العظيم الكروج وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، عن لائحة المؤسسات الاستراتيجية التي يتضمنها القانون، أمام أعضاء اللجنة، وقال إن «طبيعتها الاستراتيجية تتجلى في طبيعة الأنشطة والأدوار المحورية التي تضطلع بها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي المشاريع الكبرى التي تتولى إنجازها، وفي إشعاعها الوطني والدولي، وهي مميزات حاضرة في كل تلك المؤسسات».

ويرى الكروج عدم وجود أي تعارض بين الطابع الاستراتيجي لهذه المؤسسات والإشراف والوصاية الحكومية عليها لأن الدستور يمنح رئاسة الحكومة حق الإشراف على المؤسسات العمومية من دون تمييز إن كانت استراتيجية أم لا.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الحكومة ستقبل تقليص عدد المؤسسات الاستراتيجية التي يعين مسؤولوها من قبل الملك كما تطالب فرق من المعارضة، قال الكروج إنه «عندما يطرح مشروع قانون على البرلمان للنقاش، فالهدف هو غناء مشروع القانون بالاقتراحات والتعديلات التي نتلقاها من نواب البرلمان، وهي مسألة جد عادية»، بيد أنه أضاف أن «الحكومة واثقة من نفسها، لأن ما قمنا به هو بمثابة ثورة، لأن القانون منح صلاحيات مهمة جدا للسلطة التنفيذية».