كوريا الشمالية تفشل في إطلاق الصاروخ.. ومجلس الأمن يناقش «الخطوة الاستفزازية»

بيونغ يانغ قد تجري تجربة نووية لحفظ ماء الوجه.. ودعوات دولية لضبط النفس

حضور كبير للمسؤولين والعسكريين في بيونغ يانغ خلال مراسم عرض تمثالين ضخمين لكيم إيل سونغ (يسار) ونجله كيم جونغ إيل (يمين) أمس (أ.ف.ب)
TT

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة ناقش خلالها التجربة الصاروخية الفاشلة التي نفذتها كوريا الشمالية أمس، فيما رأى خبراء أن بيونغ يانغ قد تسارع إلى إجراء تجربة نووية جديدة لإنقاذ ماء الوجه في أعقاب انفجار صاروخها بعيد إطلاقه.

وكان إرسال الصاروخ «أونها - 3» إلى الفضاء سيشكل ذروة الاحتفالات بالذكرى المئوية لولادة مؤسس البلاد كيم إيل سونغ. وقد وصفته الولايات المتحدة بأنه صاروخ باليستي يبلغ مداه من 6 إلى 9 آلاف كلم.

وشكلت دعوة 150 صحافيا أجنبيا في بداية الأسبوع لزيارة مركز تونغشانغ - ري (شمال غرب) لمعاينة الصاروخ الذي يبلغ طوله 30 مترا والمطلي بألوان علم البلاد، حدثا استثنائيا في هذا البلد المغلق الذي لا يعطي تأشيرات الدخول إلا بصعوبة كبيرة. لكن مظاهر العظمة تحولت فشلا عندما انفجر الصاروخ الذي كان يحمل قمرا صناعيا للمراقبة، على ارتفاع 150 كلم، بعد دقيقة أو اثنتين من إطلاقه من المنصة صباح أمس.

وهذه هي المحاولة الثالثة التي تفشل فيها كوريا الشمالية في وضع قمر صناعي في المدار، بعد محاولتين فاشلتين في 1998 و2009. وعلى مدونته، قال ماركوس نولاند من مؤسسة بترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن، ساخرا «لم ينجح الكوريون الشماليون في تحدي مجلس الأمن والولايات المتحدة وحتى حليفهم الصيني فحسب، بل تمكنوا أيضا من تأكيد ضآلة خبرتهم». وأضاف هذا الباحث أن «الشعور بالإهانة» على المستوى الوطني، يفترض أن يقنع الزعيم الكوري الشمالي الجديد كيم جونغ أون، الذي خلف والده بعد وفاته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإجراء تجربة نووية جديدة خلافا لقراري مجلس الأمن 1718 و1874. وكان مسؤول كوري جنوبي طلب التكتم على هويته قال الأحد إن استعدادات تجرى حاليا في بونغي - ري (شمال شرق) الذي أجرت فيه كوريا الشمالية تجربتيها السابقتين. وقال روري مدكالف المسؤول في برنامج الأمن الدولي في مركز لووي انستيتيوت الأسترالي للبحوث، إن كوريا الشمالية تجازف بمتابعة برنامجها النووي بعد هذا الفشل الجديد. وتابع: «لا أقول بطريقة حاسمة إننا سنشهد تجربة نووية أو شكلا آخر من أشكال الاستفزاز، لكني أعتقد أن فرص هذا الاحتمال اليوم هي أكبر مما كانت في الأمس».

عقد مجلس الأمن الدولي أمس اجتماعا استثنائيا لبحث الأمر، وكان متوقعا صدور مشروع بيان اقترحته الولايات المتحدة التي ترأس المجلس للشهر الحالي. وقال دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه «سواء نجح الإطلاق أو فشل، المطلوب رد من المجلس». كما صرح السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار آرو للصحافة أن إطلاق الصاروخ يعد «انتهاكا فعليا لقرارات مجلس الأمن الدولي وعلى المجلس التحرك». وبدوره، رأى السفير الألماني فيتر فيتيغ أن على المجلس «التحرك فورا بشكل ثابت ولا لبس فيه» ردا على ما اعتبره «استفزازا».

وجاء هذا بعدما أقرت بيونغ يانغ بفشل إطلاق الصاروخ مما حال دون وضع القمر الاصطناعي في المدار. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية أنه تم إطلاق القمر «إلا أنه فشل في الدخول في المدار»، مضيفة أن «العلماء والتقنيين والخبراء يقومون بدرس أسباب الفشل». وهذه هي المحاولة الثالثة التي تبوء بالفشل لوضع قمر اصطناعي في المدار بعد محاولتين سابقتين في 1998 و2009.

وبعيد الإطلاق أعلنت الولايات المتحدة وحليفتاها كوريا الجنوبية واليابان أن الصاروخ تفتت في الجو بعيد انطلاقه من مركز تونغشانغ - ري (شمال غرب) الذي يبعد 50 كلم عن الحدود مع الصين. وقالت قيادة الدفاع الجوي الأميركية الشمالية إن «الأنظمة الأميركية رصدت وتابعت إطلاق صاروخ كوري شمالي من نوع تايبودونغ - 2. وسقطت الطبقة الأولى من الصاروخ في البحر على بعد 165 كلم غرب سيول في البحر الأصفر. ولم تعمل الطبقتان الثانية والثالثة وفق القيادة الشمالية الأميركية التي قالت: إن أجزاءهما سقطت في البحر دون أن تشكل أي تهديد.

ولقيت المحاولة الكورية الشمالية لإطلاق الصاروخ تنديدا دوليا واسعا. فقد اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن إطلاق الصاروخ عمل «مؤسف» ويشكل «انتهاكا» لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي ويهدد الاستقرار الإقليمي. جدد بأن نداءه إلى السلطات الكورية الشمالية بالعمل «من أجل إحلال الثقة مع الدول المجاورة وتحسين» ظروف الحياة للسكان. كما دان حلف شمال الأطلسي التجربة الصاروخية الكورية الشمالية، ووصف الخطوة التي لم يحالفها النجاح بأنها «خرق صريح» للاتفاقيات الدولية وصفعة لجهود بناء الثقة في شبه الجزيرة الكورية. وفي موسكو، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إثر لقاء مع نظيريه الصيني والهندي أن روسيا والصين والهند تدعو إلى التحلي بأقصى حد من «المسؤولية وضبط النفس» بعد إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي. وحذرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أمس من أن الحكومة ستظل متيقظة لأي «استفزاز جديد» من قبل كوريا الشمالية مثل «تجارب لإطلاق صواريخ أو تجربة نووية».