مصر: مصدر عسكري رفيع ينفي تقريرا إعلاميا عن احتجاجات داخل الجيش

قال إن جنود مصر وضباطها على قلب رجل واحد

صورة تعود إلى أواخر مارس الماضي تظهر جنوداً مصريين يحرسون مبنى البورصة المصرية في القاهرة (أب)
TT

نفى مصدر عسكري مصري رفيع وجود تمرد أو احتجاجات في صفوف ضباط الجيش، الذي يدير قادته البلاد عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وقال المصدر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على تقرير بثته وكالة «رويترز» عن محاولات للتغيير داخل الجيش، إن «هذه الأنباء عارية تماما عن الصحة»، مشيرا إلى أن ضباط مصر «على قلب رجل واحد».

وكانت وكالة «رويترز» قد نشرت مساء أول من أمس تقريرا خاصا مطولا قالت فيه إن 500 ضباط من قوات الدفاع الجوي قد قاموا باحتجاج محدود في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلت على لسان ضابط اكتفت بالإشارة إلى رتبته قوله إن «الصفوف في الجيش يعانون مثل باقي المصريين خصوصا في جزئية رفع مستوى المعيشة.. مثل باقي المجتمع المصري. تتركز ثروة الجيش في يد أقلية.. الضابط لازم يوصل لرتبة معينة حتى يبقى له نصيب في الثروة».

ويدير المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو مكون من 19 ضابطا من أصحاب الرتب الرفيعة في الجيش، شؤون البلاد منذ تخلي الرئيس حسني مبارك عن السلطة، ونقله صلاحياته إلى المؤسسة العسكرية التي خرج منها مبارك ورؤساء مصر السابقين.

ونفى مصدر عسكري رفيع ما نقلته «رويترز» جملة وتفصيلا، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة العسكرية المصرية لديها ثوابت وطنية مبنية على العطاء، أبناؤها تربوا على العمل من أجل المصلحة العليا للوطن، وجميعهم من ضباط وصف وجنود القوات المسلحة على قلب رجل واحد من أجل مصر ولتعبر المرحلة الانتقالية وهي قوية شامخة، ولن ينال أحد من عزيمة أفراد القوات المسلحة، الذين عاهدوا الله والوطن على حمايته».

لكن التقرير أعاد إلى الأذهان تمرد عدد من ضباط الجيش، عرفوا إعلاميا بـ«ضباط 8 أبريل»، كان أبرزهم الرائد أحمد شومان، حيث شاركوا في مليونية حاشدة في ميدان التحرير يوم 8 أبريل (شباط). وحكم على عدد منهم بأحكام عسكرية قبل صدور عفو عنهم من القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي.

وعاد شومان إلى ميدان التحرير في نهاية العام الماضي مع عدد من الضباط وانتقد المجلس العسكري، ثم أعيد القبض عليه منذ شهرين بتهمة الإضرار بالقوات المسلحة بما في ذلك التحدث إلى وسائل الإعلام وانتقاد الجيش، وأصدرت محكمة عسكرية الأسبوع الماضي حكما عليه بالسجن لست سنوات.

وأشار تقرير «رويترز» إلى أن المشير طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان تحركا لاحتواء إحباط الضباط، فعقدا اجتماعات منتظمة مع وحدات عسكرية، في محاولة لرفع الروح المعنوية وطمأنة الجنود بأنه سيتم رفع رواتبهم ومعالجة مشاكلهم.

وتابع التقرير: «يبدو أن هذا (الاجتماعات التي عقدها طنطاوي) هدأ الضباط الغاضبين الذين قالوا إنهم سيتوقفون عن ممارسة مزيد من الضغط لتحقيق مطالبهم إلى أن يسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد السلطة لحكومة مدنية منتخبة. لكنهم يؤكدون أنهم بحاجة إلى تغيير حقيقي، وقال عقيد (لدينا التزام أدبي بأن نبقى على قلب رجل واحد وندعم العملية الانتقالية)».

وتتشكك قوى سياسية في نوايا المجلس العسكري، وتقول إن المؤسسة العسكرية لا ترغب في تسليم السلطة، التي تحكم قبضتها عليها منذ 60 عاما. وتنامت هذه الشكوك عقب تقديم نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان أوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

ويدير الجيش أيضا بنوكا وشركات سياحية ومزارع ومحطات لمعالجة المياه وسلسلة من محطات الوقود وشركات مقاولات وشركات استيراد. والشركات التي يملكها الجيش منفردا معفاة من الضرائب ويعمل بها المجندون.

وكان اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، قد صرح في وقت سابق بأن الجيش أعطى الدولة 12 مليار جنيه مصري (1.99 مليار دولار) منذ أوائل العام الماضي، مضيفا أن «القوات المسلحة لن تسمح لأحد بأن يقترب من هذه المشاريع ومن يتعرض لها يتعرض للأمن القومي».

وحاول المجلس العسكري تحصين المؤسسة العسكرية وميزانيتها عبر وثيقة دستورية تولى الإشراف عليها نائب رئيس الوزراء السابق علي السلمي في ما عرف بـ«وثيقة السلمي»، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل بعد رفض القوى السياسية للوثيقة التي طرحت نهاية العام الماضي.