رئيس مفوضية الانتخابات العراقية يتهم نائبة من ائتلاف المالكي بتوقيفه بدعوى كيدية

الحيدري لـ «الشرق الأوسط»: رئيس الوزراء هاتفني مستغربا

فرج الحيدري (أ.ف.ب)
TT

أكد رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق فرج الحيدري أن «عملية إيداعه التوقيف على سبيل الحجز لمدة ثلاثة أيام إنما هي مؤامرة حاكتها ضده النائبة في البرلمان عن ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاوي».

وقال الحيدري (كردي ومرشح للمنصب من قبل التحالف الكردستاني) في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مكان احتجازه إن «هذا العمل الذي جرى تدبيره» ضده وضد عضو المفوضية الآخر كريم التميمي «إنما هو جزء من مسلسل الحملة المعروفة ضد المفوضية بهدف إخضاعها والتأثير عليها وهو المسلسل الذي تقوده الفتلاوي، وفي إطار دعاوى كيدية صارت واضحة للعيان». وأضاف أن «القضية قديمة وتعود إلى عام 2009 حيث تمت مكافأة موظفين في إطار الموازنة المخصصة للمفوضية بمبالغ بسيطة تتراوح بين 100 إلى 150 ألف دينار عراقي وبشكل أصولي وقانوني ولا غبار عليه»، مشيرا إلى أن «الفتلاوي سبق أن اشتكت وتم تحويل الشكوى في وقتها إلى قاضي التحقيق وتم غلق الدعوى لأن القاضي لم يقتنع فضلا عن سلامة الإجراءات الخاصة بصرف هذه المكافآت من قبل المفوضية».

وأوضح الحيدري أن «الفتلاوي قامت الآن ولا نعرف الأسباب الحقيقية بتمييز الدعوى وبالفعل ذهبنا بأنفسنا إلى القاضي من أجل إكمال الإجراءات وهو ما تم ليلا، غير أننا فوجئنا بإعطائنا ظرفا عرفنا فيما بعد أنه يتضمن حجزنا لمدة ثلاثة أيام». واعتبر الحيدري أن «هذا العمل غير قانوني حيث لا يمكن أن يتم حجز موظف بدرجة وكيل وزارة ولقضية غير قانونية وملفقة تماما لا لشيء إلا بهدف تصفية حسابات أو لي ذراع وهو ما لا يمكن أن يحصل مهما كانت الأسباب».

وحول ما إذا كانت هناك دوافع شخصية أو سياسية تقف خلف القضية، قال الحيدري: «إنني لا أستبعد الدوافع السياسية من قبل الفتلاوي التي تنتمي إلى ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي»، موضحا «للأمانة أقول إن المالكي اتصل بي ليلا وأبلغني أسفه ونفى علمه بالقضية واستفسر مني عن الملابسات وشرحتها له دون أن يخبرني بما يمكن أن يعمله».

وفي الوقت الذي أبدى فيه الحيدري أسفه «على إعلان الخبر لأجهزة الإعلام من قبل حنان الفتلاوي التي عرفت به قبل أن نعرف نحن أصحاب القضية» فإنه تمنى «أن لا يكون ذلك بادرة شر وإنما تبقى القضية في إطار سوء الفهم أو محاولات تصفية الحسابات من قبل الفتلاوي وهو أمر اعتدنا عليه منها وسوف لن يؤثر على عمل المفوضية».

يذكر أن النائبة حنان الفتلاوي كشفت أول من أمس أن توقيف الحيدري والتميمي بتهمة الفساد، مبينة أن عملية التوقيف جرت وفق المادة 340 من قانون العقوبات/ جنايات. وكانت الفتلاوي قادت صيف العام الماضي حملة استجواب داخل البرلمان ضد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ورئيسها الحيدري. لكن البرلمان العراقي صوت في الثلاثين من يوليو (تموز) 2011 بالرفض على عزل رئيس وأعضاء المفوضية، وشهدت الجلسة حصول مشادة كلامية بين رئيس البرلمان أسامة النجيفي والنائبة حنان الفتلاوي، التي قدمت في الثاني من الشهر نفسه، طلبا موقعا من 114 نائبا إلى البرلمان لسحب الثقة من مفوضية الانتخابات، فضلا عن انسحاب نواب ائتلاف دولة القانون. واتهم ائتلاف دولة القانون، حينها، القائمة العراقية والمجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري والتحالف الكردستاني وحزب الفضيلة الإسلامي بالاصطفاف مع المفسدين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مشيرا إلى أن انسحاب نوابه من جلسة البرلمان عقب التصويت بالرفض على عزلها هدفه إشعار الجميع بخطورة الموقف. لكن القائمة العراقية اعتبرت أن تصويت البرلمان برفض سحب الثقة عن مفوضية الانتخابات، انتصار لإرادة زعيمها إياد علاوي على إرادة المالكي، وأكدت أنه في حال تشخيص حالات سلبية في أداء المفوضية فإن ذلك يستدعي التوافق على تشكيل أخرى جديدة.

إلى ذلك، أعلن عضو في مفوضية الانتخابات أمس أن الحيدري سيبقى موقوفا حتى الأحد بموجب قرار من أحد قضاة هيئة النزاهة، التي تحقق في قضايا الفساد داخل المؤسسات العراقية. وقال العضو في المفوضية الذي رفض الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الحيدري والتميمي سيبقيان موقوفين داخل سجن بموجب قرار قاض من هيئة النزاهة حتى يوم الأحد». وأضاف أن «التحقيق سينجز» بعد عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت، رافضا الكشف عن موقع السجن الذي أودع فيه الرجلان.

وقال بيان عن مجلس القضاء الأعلى إن «قرار توقيف فرج الحيدري وكريم التميمي، جاء بناء على قيامهما بصرف مكافآت لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الأراضي المخصصة لهم من ميزانية المفوضية العليا للانتخابات». وأكد البيان الذي حمل توقيع القاضي عبد الستار بيرقدار «اعتبار الحيدري والتميمي، قد تصرفا بأموال الدولة لصالحهما (...) وهي جناية يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تزيد عن 7 سنوات».

ويعتبر الحيدري (64 عاما)، الكردي الشيعي الذي يترأس المفوضية منذ 2007، أحد خصوم قائمة دولة القانون كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية إعادة فرز الأصوات في جميع أنحاء البلاد كما كان يطالب المالكي. وفازت القائمة العراقية بقيادة علاوي، الخصم السياسي الأبرز للمالكي، بـ91 مقعدا من أصل 325 في الانتخابات في مقابل 89 لدولة القانون. واكتفى علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، بالقول تعليقا على توقيف الحيدري إن «هذا موضوع قضائي يتعلق بالقضاء وهيئة النزاهة».