متظاهرو سوريا: قد يستطيع بشار الضحك على العالم كله إلا الشعب

رفعوا شعار «بإذن الله ثم بإرادتنا سنكسر الأيدي الروسية والإيرانية»

TT

بعد شهور من القصف العنيف بدا خروج المتظاهرين السوريين يوم أمس في جمعة (سوريا لكل السوريين) وكأنه خروج من حمام ساخن، في اليوم الثاني لبدء تنفيذ وقف إطلاق النار، ورغم الخروقات التي سجلت وسقوط عدد من القتلى، واستمرار الانتشار الأمني والعسكري المكثف وحالة التأهب، تنفس المتظاهرون الصعداء، واستعادت الشعارات طابعها السلمي، وأعلن أهالي كفر نبل أن الجامع بين الثوار هو الانتماء لسوريا، وكتبوا: «أنا درزي وعلوي سني وكردي سمعولي ومسيحي يهودي وآشوري.. أنا الثائر السوري وأفتخر»، ليضعوا بذلك النقاط على الحروف ضد كل دعوات الطائفية التي تهدد المجتمع بالانقسام.

ولعل ضعف الثقة بمدى التزام النظام بوقف إطلاق النار دفع المتظاهرين للسخرية من مبادرة المبعوث الأممي والعربي كوفي أنان، باعتبارها مهلة جديدة لإطالة عمر نظام الأسد، ووصف المتظاهرون في حي القدم بدمشق وقف إطلاق النار بـ«المهزلة الجديدة»، وكتبوا: «قد يستطيع بشار الضحك على العالم كله إلا الشعب السوري»، و«يا بشار يا فهمان الشعب السوري ما بينهان»، وهم يرددون بإصرار: «ما في للأبد عاشت سوريا ويسقط الأسد»، وفي حي التضامن وغيره من أحياء وبلدات في ريف دمشق رددوا: «ثوري يا شام ثوري وهزي القصر الجمهوري» حيث عاد الثوار لتأكيد عدم جدوى الحلول السياسة التي يطرحها المجتمع الدولي، وأن النظام لن يسقط إلا بيد السوريين، ففي برزرة عبروا عن ذلك بالقول: «مبادرات.. مؤتمرات.. خطابات.. تصريحات.. ونحن نقتل كل يوم فماذا بعد».. «كفاكم تواطؤا فما بشار إلا لعبة بأيدكم».. «بإذن الله ثم بإرادتنا سنكسر الأيدي الروسية والإيرانية الداعمة للإرهاب وللعصابات الأسدية»، وهم يستصرخون الضمائر «يا عالم يا هو اللي بيجرب المجرب عقله مخرب» بمعنى أن النظام السوري لا أمل يرتجى منه وسيستمر في الكذب والمراوغة.

بينما سخر أهالي الزبداني من مجلس الأمن بالإشارة إلى أنه «بعد مبادرة أنان أعضاء مجلس الأمن يقولون ما لنا غيرك يا الله»، وفي دير الزور ردوا على بحث الأمم المتحدة في إرسال 30 مراقبا دوليا إلى سوريا باستخفاف ورفعوا لافتة كتب عليها «30 مراقبا لا يكفون لمراقبة قاعة الامتحان»، لكنهم في داريا أدوا أغنية كانت بمثابة الرد على دعوات النظام والمجتمع الدولي للقبول بخطة أنان والذهاب إلى الحوار، وكلمات الأغنية تجيب بالموافقة والقبول بشرط أن يسمع الرئيس بشار الأسد مطالبهم التي هي أن يرحل، وتقول الأغنية: «طيب إذا بنرجع توعدنا بتسمعنا.. ماشي يالله اسمع هي مطالبنا.. بدنا أصابع النصر ترفع فوق القصر.. بدنا الصبح والعصر تترك وتفارقنا»، لكنهم في بلدة عقربا كانوا أكثر جدية في الرد على مبادرة أنان بالقول «كفى مهلا فالشعب السوري يذبح» أما في ابطع، فكان التعبير عن استمرار القتل في صيغة سؤال وجواب «س: ما هو عدد الشهداء اليوم؟.. ج: قبل السؤال أم بعده؟» ليطلبوا من أهل سوريا الصبر، وقالوا: «قتل أصحاب الأخدود صبرا أهل سوريا»، وفي درعا، مهد الثورة، جددوا إعلانهم: «لن نقبل بأقل من النصر عنوانا لثورتنا»، و«جاري البحث عن جمعيات حقوق الإنسان»، في إشارة إلى افتقاد الجهات الدولية التي تهتم بما يحصل من تنكيل للشعب السوري.

ومن الملاحظات المهمة يوم أمس عودة دعوات لا الحراك السلمي الجامع لكل السوريين بعد شهور من القمع الدموي العنف والتردد الدولي في وضع حد لتدهور الأوضاع في البلاد، واقع عبرت عنه لافتة رفعت في دمشق تقول: «أوقفوا القتل نريد وطنا لكل السوريين»، ضمن حملة «أوقفوا القتل»، ولافتة أخرى تقول: «صمت دولي رهيب تخاذل عربي معيب وصبر سوري عجيب نصر من الله قريب» ليكون التعبير عن التفاؤل بقرب الانفراج واستمرار الثورة من الزبداني التي عانت من التدمير، فكان لعباراتها التي لم تخلُ من شاعرية حينا ومن طرافة حينا آخر بالغ الأثر في نفوس السوريين.. «ستنبت كل سنبلة حقولا من سنابل وسيولد الإنسان فينا كل يوم»، و«سوريا ثورة اليوم وغدا وطن لكل السوريين»، و«انتظرونا في الجمعة القادمة لآخر حلقة من مسلسل آخر أيامك يا بطة»، في إشارة إلى لقب الأسد بـ«البطة»، الذي نسج حوله الكثير من النكات في الشارع السوري المناهض للنظام، النابعة من رفضهم لكل أدبيات النظام التي كانت تنعت القيادة بالـ«القيادة الحكيمة».