سلفيو مصر يخرجون من «عباءة الإخوان» بدعم أبو الفتوح للرئاسة

أمين الجماعة لـ : لن نتراجع عن ترشيح مرسي.. واتهامنا بالاستحواذ غير حقيقي

TT

قرر سلفيو مصر الخروج من عباءة جماعة الإخوان المسلمين، بعد أشهر من التنسيق بين الجانبين، رافضين الانسياق وراء رغباتها، وأعلنوا في ضربة وصفها المراقبون بالقاصمة للجماعة، دعمهم للمرشح الإخواني المفصول الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، في مواجهة مرشح الجماعة الرسمي الدكتور محمد مرسي.

وقال قادة سلفيون في حزب النور والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية، وحزب الوسط الإسلامي إن دعمهم لـ«أبو الفتوح» جاء «رفضا لهيمنة جماعة الإخوان على الحياة السياسية في ظل تسلطها على الجميع ورغبتها في الاستحواذ على كل شيء». بينما قال مراقبون إن السلفيين يسعون إلى إظهار أنفسهم كقوة ورقم مهم في اللعبة السياسية، وأنهم ليسوا تابعين للإخوان، الذين سعوا لتهميشهم.

لكن جماعة الإخوان المسلمين استنكرت هذه الاتهامات ورفضت سحب محمد مرسي حتى لو توافق الجميع على أبو الفتوح. وقال الأمين عام للجماعة الدكتور محمود حسين لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما حصلت عليه الجماعة هو بالانتخاب ولم نستحوذ على شيء»، وإن التراجع عن الترشح للرئاسة بسحب مرسي بعد توافق السلفيين على دعم أبو الفتوح هو أمر «غير وارد»، موضحا أن «الإخوان دفعوا بمرشحهم لكي يستمر في المنافسة».

وشدد حسين على أن الجماعة «لم تحصل حتى الآن لا على الحكومة ولا على الرئاسة، فمن أين جاءت فكرة الاستحواذ». وتابع: «الاستحواذ يقال عندما نأتي رغما عن إرادة الشعب، والإخوان لم يأتوا إلا بانتخابات نزيهة.. وإذا قرر الشعب أن يعطينا كل المناصب لا يسمى هذا استحواذا».

وتجري انتخابات الرئاسة في مصر يومي 23 و24 مايو (أيار) الجاري، بمنافسة 13 مرشحا، من ضمنهم عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وأحمد شفيق رئيس الوزراء الأخير في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وفشلت كل المشاورات الجارية بين القوى الإسلامية المختلفة في مصر، في التوافق على «مرشح إسلامي واحد»، من بين ثلاثة مرشحين ينتمون إلى هذا التيار، هم مرسي وأبو الفتوح، إضافة إلى محمد سليم العوا المفكر الإسلامي المستقل.

وفصلت جماعة الإخوان أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد السابق، منها، بعد أن أصر على مخالفة قرار الجماعة السابق بعدم تقديم مرشح في الانتخابات الرئاسية. لكن الجماعة نقضت عهدها وقررت فيما بعد الدفع بمرشح لها، وبررت ذلك بـ«متغيرات داخلية وخارجية».

وأعلنت الجماعة الإسلامية أمس دعم أبو الفتوح أيضا، بعد إجراء استفتاء داخلي بين أعضاء جمعيتها العمومية، حصل خلاله أبو الفتوح على نسبة 63.34 في المائة، فيما نال مرسي 36.66 في المائة فقط. وقال الدكتور ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» تعقيبا على النتيجة: إن النتيجة طبيعية بعد تذمر كل الفصائل الإسلامية من سياسة الإخوان، موضحا أن «الإخوان لا يعطون الفصائل الأخرى حقها في التمثيل، الذي تراه مناسبا لها، وممارسات نوابهم في البرلمان اتضح فيها وجود تمييز ضد السلفيين والقوى الإسلامية الأخرى».

كما أعلن حزب الوسط «الإسلامي المعتدل»، أن نتيجة التصويت الداخلي بالحزب على من سيدعمه من مرشحي الرئاسة، أسفرت عن فوز أبو الفتوح بحصوله على نسبة 63 في المائة، يليه سليم العوا بنسبة 23 في المائة، وعلى ذلك فإن الوسط قرر دعم أبو الفتوح مرشحا رئاسيا لمصر.

وكان حزب النور السلفي، والدعوة السلفية، قد أعلنا أيضا في وقت سابق دعمهما لأبو الفتوح، بعد تصويت داخلي جاء لصالحه بنسبة 80 في المائة تقريبا. وقال الدكتور محمد نور عضو الهيئة العليا لحزب النور، إن «الدعوة السلفية وحزب النور حرصا على تقديم مرشح يؤمن بالمرجعية الإسلامية ويتمتع بقبول واسع لدى جموع المصريين، وإن لم يكن متطابقا معها فكريا».

من جانبه، فسر الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية، أمس دعم السلفيين لأبو الفتوح، قائلا: «ترشيح الإخوان لمرسي جعل الإعلام يعطيه لقب المرشح الاحتياطي»، لكن في المقابل «نجد أن أبو الفتوح اكتسب قبولا شعبيا كبيرا، ومن المهم في انتخابات الرئاسة مقدار القبول لشخص المرشح».

ومن المعروف أن الإخوان رشحوا في البداية نائب المرشد خيرت الشاطر، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات قررت استبعاده بسبب عدم توافر بعض الشروط القانونية للترشح تتعلق بإدانته في قضية في عهد النظام السابق دون الحصول على رد اعتبار من محكمة الجنايات يخول له مباشرة الحقوق السياسية.

وأوضح الشحات أن «من الأمور المهمة التي دفعت الكثيرين من أعضاء الدعوة وحزب النور لاختيار أبو الفتوح هو الخوف الكبير لدى قطاعات عريضة من الشعب، ومنهم السلفيون، من استئثار جماعة واحدة بكل مفاصل الحكم بالبلاد مما يفتح الباب أمام إنتاج نظام مستبد من جديد، خاصة أن بريق الانفراد بالسلطة لم يصبر أمامه أكثر الملوك والرؤساء في العالم عبر التاريخ». وشدد الشحات على أن دعم أبو الفتوح «سوف يلغي الصورة الذهنية من أن حزب الإخوان والنور يطبخان كل الأمور في الغرف المغلقة، وما على الشعب إلا أن يتجرع ما ينتجانه».

وبرزت التيارات الدينية بقوة في مصر عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ونجح حزبا الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين) والنور (السلفي) في الفوز بأغلبية البرلمان بمجلسيه، وكان ينظر إلى السلفيين على أنهم قليلو الخبرة السياسية، وأنهم سيكونون أتباعا لجماعة الإخوان في كل مواقفها.

ورحب أبو الفتوح بتأييد السلفيين لترشحه رئيسا للجمهورية، معتبرا أن هذا التأييد يجيء «معززا حالة التوافق الوطني»، وأضاف في بيان له أمس «لطالما افتقدت الحياة السياسية المصرية خلال العام الماضي حالة التوافق الوطني، التي كانت الركيزة الأساسية في إنجاح الثورة المصرية المجيدة».

وأعلن الناشط السياسي المصري وائل غنيم، دعمه أمس لعبد المنعم أبو الفتوح، واصفا تلك الانتخابات بأنها واحدة من الفرص المناسبة للم الشمل المصري وتوحيد جهود كافة المخلصين تجاه تحقيق حلم نهضة الوطن. وقال غنيم، على صفحته بموقع «فيس بوك» إن «أبو الفتوح استطاع منذ بدء السباق الرئاسي أن يعزّز من قيمة تجاوز الخلافات والبحث عن التوافق ولم الشمل والتجرّد لصالح الوطن والابتعاد عن معارك الاستقطاب الفكري البعيدة كل البعد عن آمال وآلام الشارع المصري».