واشنطن تنشر وثائق لابن لادن يؤكد فيها أن «القاعدة» تتعرض لـ«كارثة تلو كارثة»

وثيقة كتبها الظواهري تظهر استراتيجية التنظيم عقب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان

صورة أرشيفية لمنزل بن لادن في باكستان حيث قتلته قوات أميركية العام الماضي (أ.ف.ب.)
TT

أكد البيت الأبيض أمس أنه سيتم هذا الأسبوع في الولايات المتحدة نشر وثائق ضبطت في مخبأ زعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن في باكستان يقر فيها بأن تنظيمه يتعرض لـ«كارثة تلو كارثة». وقال جون برينان كبير مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب إن هذه الوثائق ستنشرها كلية وست بونت العسكرية على الإنترنت، وتظهر أن عناصر «القاعدة» كانوا يدركون أنهم يخوضون «معركة لن يكسبوها أبدا وبن لادن كان يعلم ذلك». وأضاف أن بن لادن أقر في الوثائق التي ضبطناها أنه يتعرض «لكارثة تلو كارثة». وتشكل الوثائق المرتقب نشرها هذا الاسبوع اول فرصة للاميركيين للاطلاع مباشرة على الوثائق التي تم استخراجها من منزل بن لادن بعد ان اقتحمته قوات اميركية خاصة وقتلت بن لادن فيه. ويأتي ذلك في وقت تحي الولايات المتحدة يوم غد الذكرى الأولى لمقتل بن لادن العام الماضي. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «من بين السجلات التي لم يكشف عنها سابقا، وثيقة مطولة كتبها أيمن الظواهري خليفة بن لادن، تظهر استراتيجية (القاعدة) لأفغانستان عقب انسحاب القوات الأميركية»، إضافة إلى ذلك، هناك وثائق أخرى تفيد بأن بن لادن لم يكن فقط على صلة بالجماعات التابعة لتنظيم القاعدة، بل أيضا بالمنتمين الجدد الذين يتطلعون إلى كسب تحالفات جديدة، ومن بينهم جماعة «بوكو حرام» النيجيرية التي تبنت فكر ومبادئ «القاعدة» في التخطيط لشن هجمات انتحارية. يقول أحد المسؤولين الأميركيين، والذي رفض الكشف عن هويته، أثناء عرض التقييمات المخابراتية الأميركية عن «القاعدة» عقب مقتل بن لادن، إن «التنظيم الذي دبر لنا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) قد رحل بالفعل، غير أن فكر وفلسفة بن لادن يحاولان البقاء وفرض نفسيهما في أماكن كثيرة خارج باكستان». وذكرت الصحيفة بإعلان ليون بانيتا، عقب تركه منصب مدير المخابرات المركزية الأميركية الـ«سي آي إيه» ليتولى حقيبة الدفاع، عندما قال: إنه على ثقة بقرب نجاح الولايات المتحدة في هزيمة «القاعدة». وأشارت إلى أن هذه الثقة بدت أكثر إثارة وواقعية خلال الفترة المتبقية من العام الماضي عندما نجحت غارات من دون طيار شنتها الولايات المتحدة في استهداف بعض المنتمين إلى «القاعدة»، ما أسفر عن مقتل الكثير من كبار مساعدي بن لادن ومنهم إلياس الكشميري، مساعد بن لادن المكلف بإيجاد وسيلة لقتل الرئيس الأميركي أوباما، وعطية عبد الرحمن الذي يعتبر بمثابة صلة الوصل بين بن لادن و«القاعدة» وغيرهما. ومنذ مقتل أنور العولقي، المسؤول عن جناح «القاعدة» في اليمن، في غارة أميركية، لوحظ انخراط «القاعدة» بمشاكل يأمل المسؤولون الأميركيون أن تسرع بسقوطها وأن الظواهري على سبيل المثال يتحدى توقعات الفشل في قيادة دفة التنظيم من دون بن لادن.

وفي يوم تصريحات من مسؤولين باكستانيين كبار ضد استئناف ضربات طائرات «درون» (من دون طيار) في باكستان، قال جون برينان، مساعد الرئيس باراك أوباما للحرب ضد الإرهاب، إن الغارات «دستورية، وقانونية، وأخلاقية، وعملية».

وفي خطاب في «معهد وودرو ويلسون» بواشنطن أمس، أشار برينان إلى ذكرى قتل بن لادن، وقال: «منذ البداية، كنا واضحين بأن قتل بن لادن لن يقضي على (القاعدة)، ولن يقضي على عزمنا على القضاء عليها. الآن، مع استمرار حملتنا، يمكن القول إن الولايات المتحدة أكثر أمنا، والشعب الأميركي أكثر أمنا».

وبالإضافة إلى قتل بن لادن، أشار إلى قتل عطية عبد الرحمن، نائب الظواهري بعد أن خلف الظواهري بن لادن، وقتل يونس الموريتاني، المسؤول عن تدبير خطط إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة، وقتل أنور العولقي الأميركي اليمني. وأشار إلى استمرار عمليات «القاعدة» في اليمن، وفي شمال وغرب أفريقيا، وإلى منظمة «بوكو حرام» في نيجيريا، وقال إن الاستخبارات الأميركية تراقبها، و«يبدو أنها تتحالف مع (القاعدة)، وتخطط لمزيد من الهجوم على المصالح الغربية في نيجيريا، بالإضافة إلى أهداف حكومية نيجيرية».

واعتبر برينان إن يوم قتل بن لادن «يوم خالد في تاريخ الولايات المتحدة». وأضاف، في مقابلة في تلفزيون «فوكس»: «في الوقت الحاضر، لا يوجد دليل مؤكد على أن هناك خطة واضحة للقيام بعمل إرهابي يوم ذكرى القضاء على بن لادن».

وفي إجابة عن سؤال من مقدم البرنامج، عن رفض الحكومة نشر صور قتل بن لادن، وإذا كان الرفض يجعل ناسا يشكون في أن بن لادن، حقيقة، قتل، قال برينان: «لا يوجد شك من أي نوع أن بن لادن ميت. كانت خطة ناجحة جدا في ذلك المنزل في أبوت آباد. لكن، لا نريد نشر أشياء تثير عواطف الناس التي لا داعي لها».

وفي إجابة عن سؤال عن «استغلال أوباما لقتل بن لادن في الحملة الانتخابية ضد ميت رومني، مرشح الحزب الجمهوري»، قال برينان: «لا أتكلم في السياسة. ولا شارك في هذه الحملة الانتخابية. كل ما أعرف هو أن الرئيس اتخذ القرار بالقيام بالغارة على بن لادن عندما قدمت له أدلة ظرفية أن بن لادن كان هناك. بكل المقاييس، كان القرار جريئا».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن خطة استغلال قتل بن لادن لصالح الرئيس أوباما بدأت منذ فترة، حيث بدأ مؤيدون لأوباما حملة ضد رومني في فيديو تلفزيوني فيه الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، يشيد بالرئيس أوباما لأنه أمر بقتل بن لادن، بينما الكلمات على الشاشة تسأل: «هل هذا هو المسار الذي كان سيتخذه رومني؟».

وقال ريك نيلسون، خبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية (سي إن آي إس): «الأمن القومي لن يكون موضوع النقاش الرئيسي من الآن وحتى نوفمبر. لكن، في نهاية المطاف، قرر الرئيس أوباما قرارا صعبا جدا، ومحفوفا بالمخاطر، بالذهاب إلى أبوت آباد، وقتل بن لادن». وأضاف: «يمكن للرئيس التركيز على ذلك على الدوام لكي يظهر أنه قوي في مجال الأمن القومي».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن أوباما، منذ أن بدأ بالدفاع عن فترة حكمه تمهيدا للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني)، ظل يذكر بانتظام عملية الكوماندوز التي قتلت بن لادن، وأنه هو الذي أمر بالعملية، وأنه هو الذي قتل بن لادن، وها هو يريد أن يجني ثمار القتل. وفي الشهر الماضي، قال أوباما: «للمرة الأولى منذ 9 سنوات، لم يعد هناك أميركيون يقاتلون في العراق. ركزنا جهودنا على الإرهابيين الذين هاجمونا في 11 سبتمبر (أيلول). والآن، أصبحت (القاعدة) أضعف من أي وقت مضى. وبفضل جنودنا الرائعين، لم يعد أسامة بن لادن موجودا». وأضاف: «هذا هو التغيير»، في إشارة إلى شعار «التغيير والأمل» الذي رفعه سنة 2008 عندما ترشح للرئاسة.