السباق الرئاسي في المكسيك يمتد إلى الـ«يوتيوب» و«تويتر»

منافسة شرسة.. وحملة انتخابية على الطراز الأميركي

مرشح حزب العمل الوطني أثناء تجمع حاشد في مونتيري («نيويورك تايمز»)
TT

تبدو مثل منافسة شرسة بامتياز وحملة انتخابية على الطراز الأميركي، حيث تصف مرشحة الحزب الحاكم المرشح الآخر الأوفر حظا للفوز بالانتخابات، بـ«الكاذب»، على شاشات التلفزيون والإعلانات على الإنترنت. وينتقم مؤيدو المرشح الأوفر حظا، من خلال موقع إلكتروني ورسائل على موقع «تويتر» تؤكد أن الخصم الرئيسي «يكذب». ويجمع المرشح، الذي يحتل المركز الثالث، أخطاء وزلات، في مقطع مصور وينشره على «يوتيوب» بعنوان «مبررات عدم خوض مناظرة».

تعهدت المؤسسة السياسة في المكسيك بالتصدي للحرب السياسية المفتوحة عبر الوسائط التكنولوجية بعد فوز الرئيس فيليبي كالديرون بسباق حاسم منذ ست سنوات شهد إعلانات تقول عن خصمه إنه يمثل خطرا على الدولة. مع ذلك تم سن قانون عام 2007 يهدف إلى جعل الحملات الانتخابية منظمة ونظيفة، حيث يحظر تشكيل لجان سياسية، ويحدد سقف الإنفاق، وينظم اللغة المستخدمة في الإعلانات، ويحدد الفترة الرسمية للحملات الانتخابية بـ89 يوم، لكنه لم يصمد أمام شبكة الإنترنت التي تحمل دوما المفاجآت ولا يمكن السيطرة عليها. هناك ساحة معركة موازية على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في ظل تنافس المرشحين على دعم الناخبين الذين لم يحسم نحو ربعهم أمرهم بعد، بحسب استطلاعات الرأي، على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات المزمع إجراؤها في الأول من يوليو (تموز). ويمثل الكثير من هؤلاء الذين لم يختاروا مرشحهم جزءا من الطبقة الوسطى التي تتسع قاعدتها سريعا، وتسعى إلى الاستقلال السياسي، والتي ربما يكون لها دور حيوي في تحديد الرئيس المقبل للبلاد.

وقال أوغسطين توريس إيبارولا، مشرع يبلغ من العمر 34 عاما ويتولى تنسيق الاستراتيجية الرقمية لجوزفينا فاسكويز موتا، مرشحة حزب العمل الوطني الذي ينتمي له كالديرون، والتي تحظى بشعبية بحسب استطلاعات الرأي: «إذا كنت تريد للحملة الانتخابية أن تنجح، فعليك أن لا تترك مساحة دون استغلال».

كان توريس يجلس بجانب شاشة عرض ضخمة تظهر عليها صفحة «تويت ديك» التي تستخدم في إدارة حسابات «تويتر» و«فيس بوك»، بينما تنكبّ مجموعة من الشباب المشاركين في الحملة على أجهزة الكومبيوتر المحمولة الخاصة بهم لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي ونشر رسائل ومواد لها علاقة بالجدال الدائر حول حملة إنريكي بينا نيتو، مرشح الحزب الثوري المؤسسي الأوفر حظا.

استخدم توريس مؤخرا حسابه على موقع «تويتر» في الهجوم المستتر على بينا نيتو، حيث أشار إلى الشكوك بأن حزبه، الذي حكم المكسيك لمدة سبعة عقود حتى عام 2000، سيعقد صفقات مع عصابات المخدرات. وكتب توريس إن الانتخابات «اختيار بين السياسيين الذين يحاربون تهريب المخدرات والسياسيين الذين يقبلونه». وتساءل: «أي بلد تريدون؟».

يستخدم ثلث سكان المكسيك الإنترنت بانتظام، بينما يستخدمه 80 في المائة من سكان الولايات المتحدة. مع ذلك اتضح خلال الحملات الانتخابية إمكانية توجيه الرأي العام من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنشر الصحف وتتابع عدد أتباع كل مرشح على «تويتر» و«فيس بوك»، ويتجنبون المساحات التي عليها الكثير من القيود. وتتصارع الحملات، عادة من خلال الاستعانة بالبرامج الآلية أو جيش جرار من المتطوعين، على مناقشة القضايا المثارة على «تويتر»، وتعتبرها مواضيع هامة. الأربعاء الماضي كان مقطع بعنوان «ارتباك جوزفينا»، في إشارة إلى زلة لسانها، من القضايا المثارة. وحتى هذه اللحظة لم تحظَ المشكلات الكبيرة التي تواجها المكسيك، مثل حرب المخدرات وقلة فرص العمل والفقر المستمر وإخفاقات النظام السياسي والقضائي، بالاهتمام الواجب، وكانت التصريحات الخاصة بها مبهمة. وتتسع الحملات وتحسن من هجماتها الرقمية غالبا من خلال الاستعانة بمتطوعين ومؤيدين صعب تعقبهم وسهل التبرؤ منهم للقيام بالأعمال القذرة.

قال مسؤول الإعلام في حملة نيتو، أوريليو نونو ماير، إن العملية تعتمد على نحو 20 ألف متطوع ينشرون رسائل على «تويتر»، ويعملون على نشر المواضيع المفضلة. وفي الوقت الذي يطلب فيه من المتطوعين عدم تقويض رسالة نيتو الإيجابية عن الكفاءة، حيث ينشر إعلانات جديدة الأسبوع الحالي يشبه فيها الانقسام الحادث في السباق الرئاسي العام الحالي بحملة عام 2006، يقر نونو بأن الحملة لا تملك السيطرة عليهم دائما. وقال: «تويتر مثل غابة، حيث الحرية متاحة للجميع بحكم أنهم مجهولون».

وانتشرت زلة اللسان التي ارتكبتها فاسكويز موتا في إحدى خطاباتها وفشلها في الإجابة بصورة مباشرة عن سؤال لطالب حول سياسات التعليم، على «يوتيوب» و«تويتر» دون أن تنسب رسميا إلى أي من الحملات الانتخابية لخصومها أو حزب بعينه. واتخذت المكسيك إجراء صارما من أجل تنظيم الخطب التي تأتي في إطار الحملات الانتخابية، بعد شكاوى الأحزاب المتكررة للجنة الانتخابات من إعلانات وملاحظات خصومهم، ثم وصف القرار بالمتحيز عندما يكون ضدهم. وأشار بعض المتابعين إلى تشتت محاولات السيطرة على الإعلانات السلبية، حيث تكون الإعلانات هادفة عندما تكون قائمة على حقيقة وتقدم معلومات عن المرشح وتاريخه، على حد قول جيفري ويلدون، رئيس قسم العلوم السياسية في المعهد المكسيكي المستقل للتكنولوجيا. ومع اختبار الحملات لحدود القانون، تناضل لجنة الانتخابات من أجل تطبيق القوانين، حيث يقر بعض أعضائها باستحالة تنظيم الإنترنت، ولا ترغب اللجنة في تقييد حرية التعبير. وقرر أعضاء اللجنة، في واقعة أخرى، السماح بإذاعة إعلان تلفزيوني لحزب فاسكويز موتا يهاجم فيه بينا نيتو لعدم وفائه بالوعود التي قطعها عندما كان عمدة ولاية المكسيك. وصرح بينيتو ناصيف، أحد أعضاء اللجنة، لصحيفة «إكسليسيو»، موضحا سبب سماح اللجنة بإذاعة الإعلان الذي يصف بينا نيتو بالـ«كاذب»: «نعتقد في أهمية أن يكون لدينا مواطنون يتمتعون بالوعي، فواجبنا كسلطة ليس منع مناقشة القضايا ذات الصلة حتى يتمكن الناخب من اتخاذ قراره».

* خدمة «نيويورك تايمز»