الشيخ يعترف بوجود خلاف بينه وبين الأسعد حول تأطير العمل العسكري لـ«الجيش الحر»

قائده أعلن تشكيل مناطق عسكرية تمهيدا لسقوط النظام.. وأكد: صبرنا لن يطول

جانب من مظاهرة طلابية ضد نظام الأسد في دير الزور أمس (رويترز)
TT

دعا قائد «الجيش السوري الحرّ»، رياض الأسعد، المجتمع الدولي بكل هيئاته، إلى أن «يتحمّل مسؤولياته تجاه الشعب السوري»، وطالب أصدقاء الشعب السوري بـ«تأمين السلاح للجيش السوري الحر ليتمكن من القيام بواجباته في الدفاع عن الشعب الأعزل». وأعلن الأسعد عن «تشكيل مناطق عسكرية في كل المحافظات، تكون قادرة على الإمساك بالأرض عند سقوط النظام أو انهياره المفاجئ، ولتجنب ظهور تشكيلات مسلحة قد تكون أداة للفوضى»، مؤكدا للمجتمع الدولي أن «صبرنا لن يطول إذا استمر تقاعس المجتمع الدولي».. في وقت كشف فيه رئيس المجلس العسكري الأعلى في الجيش السوري الحر، العميد مصطفى الشيخ، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تباين واختلاف بالرؤى بينه وبين الأسعد حول تأطير العمل العسكري، مشددا على أهمية «إلغاء الشخصانية والذهاب إلى العمل المشترك».

وقال الأسعد في نداء وجهه إلى أفراد الجيش السوري الحر، وأذاعه بنفسه، أمس، «لقد مضى عام ونيّف على انطلاق ثورتنا وأنتم تزدادون إصرارا على نيل حريتكم التي سلبها منكم النظام الفاسد على مدى عقود من الزمن، تقدمون الغالي والنفيس وتضحون بدمائكم وأرواحكم وأولادكم، من أجل إسقاط هذا النظام الغاشم لتعيشوا حياة كريمة أنتم وأبناؤكم. إن هذا النظام زاد من شراسته وفجوره ضد أهلنا العزل، فقتل وشرد ودمر وأهان وأحرق وافتعل كل الأفعال الشنيعة والعالم كله شاهد على جرائمه».

وأضاف: «أيها الإخوة، نحن في الجيش السوري الحر قبلنا بمبادرة المبعوث الدولي العربي المشترك (كوفي أنان)، وأكدنا ذلك منذ الإعلان عنها وحتى الآن حقنا للدماء ولنثبت للعالم أننا طلاب حق وأن النظام وعصاباته الإجرامية هي التي ترتكب القتل والفظائع بحق الشعب السوري المطالب بحريته، في حين لم يلتزم النظام بأي بند من بنود المبادرة، فلم يوقف القتل ولا القصف بأسلحته الثقيلة والصواريخ، في ظل وجود المراقبين، ولم يسحب آلياته وجنوده من القرى والبلدات، إنما أعاد انتشارها في بعض المناطق، ولم يطلق سراح أي من المعتقلين، بل استمر باعتقال المواطنين ولم يسمح بالمظاهرات السلمية، وأطلقت عصاباته النار على المتظاهرين فسقط مئات القتلى والجرحى، ولم يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية لأهلنا المحاصرين منذ أكثر من سنة، ولم يفكر بأي مبادرة لحل سلمي، إلا بأسلوب الإذعان ونعت المعارضين بالخيانة».

وأكد الأسعد أن «الجيش السوري الحر على يقين بأن النظام لن يطبق أي بند من بنود مبادرة السيد كوفي أنان وسيستمر بالمراوغة، ولكن على الرغم من ذلك نحن مستمرون بالالتزام ببنودها إلى أن يتم كشف حقيقة هذا النظام وتعريته أمام المجتمع الدولي». وتابع: «أمام هذه الحقائق، فإننا نطلب من المجتمع الدولي بكل هيئاته أن يتحمل مسؤولياته، ونقول له إن صبرنا لن يطول إذا استمر تقاعس المجتمع الدولي، ونطالب أصدقاء الشعب السوري بتأمين السلاح لنا في الجيش السوري الحر، لنتمكن من الدفاع عن شعبنا الأعزل».

وتوجه إلى عناصر الجيش الحر بالقول: «أيها الأخوة أمام تآكل النظام وحتمية سقوطه واحتمال انهياره المفاجئ، ونظرا للازدياد الكبير لعناصر الجيش الحر، وتجنبا لظهور تشكيلات مسلحة قد تكون أداة للفوضى وبغية ضبط الأمن وخاصة أثناء سقوط النظام ومرحلة ما بعد السقوط، وبعد التشاور مع الزملاء الضباط في الجيش السوري الحر ومع القادة الميدانيين، وضرورة تنظيم قواتنا على الأرض بغية تحسين أدائها، نقرر ما يلي، أولا: استحداث مناطق عسكرية تكون بمثابة قيادة لكل تشكيلات الجيش السوري الحر، في الحدود الإدارية التابعة لها على الشكل التالي: المنطقة الجنوبية وتضمّ محافظات درعا والسويداء والقنيطرة ومقرها درعا، منطقة دمشق وتضمّ دمشق وريف دمشق ومقرها دمشق، منطقة حمص وتضم محافظة حمص، منطقة حماه وتضم محافظة حماه، منطقة إدلب وتضم محافظة إدلب، المنطقة الشرقية وتضم محافظات الرقة، دير الزور، الحسكة ومقرها دير الزور والمنطقة الساحلية وتضم محافظتي اللاذقية وطرطوس ومقرها اللاذقية».

وتابع الأسعد: «ثانيا: تصدر التعليمات التنظيمية لعمل هذه المناطق بقرار لاحق. ثالثا: تتبع هذه المناطق لقيادة الجيش السوري الحر بشكل مباشر. رابعا: دعوة كل الفعاليات الثورية والداعمة للثورة، إلى تشكيل هيئات إدارية محلية على مستوى الوحدات الإدارية». وختم الأسعد بتأكيده أن «النصر سيتحقق».

إلى ذلك، اعترف رئيس المجلس العسكري الأعلى في الجيش السوري الحر، العميد مصطفى الشيخ، بوجود «تباين واختلاف بالرؤى بينه وبين العقيد رياض الأسعد، لا سيما لجهة إعلانه عن تشكيل مناطق عسكرية». وقال الشيخ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سبق لنا وشكلنا منذ أربعة أشهر مجالس عسكرية ولها قيادة وهي المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، الذي يرعى تأطير العمل العسكري ويكون لنا جيشا وطنيا بكل ما للكلمة من معنى».

ولفت الشيخ إلى أن «ما بين 70 إلى 75 في المائة من المجالس العسكرية باتت منضوية ضمن المجلس العسكري الأعلى الذي يضمّ مسيحيين وعلويين ودروزا، وهي على تنسيق تام مع القوى الثورية ليكون ثمة تعاون عسكري مدني للمساعدة على نقل سوريا إلى الدولة المدنية، ونعود نحن كقوى مسلحة إلى ثكناتنا، من دون أن يكون لدينا أي طموح سياسي، لكن للأسف الدعم الذي أعطي لهذا المجلس سُرق».

وأكد الشيخ أن «الخلاف (مع الأسعد) هو على آلية التنظيم»، وقال: «يجب إلغاء الشخصانية والانطلاق إلى العمل المنظم، وأن نكون كجيش سوري حرّ بعيدين عن السياسة وأن ننأى بأنفسنا عن التسييس». وردا على سؤال عمّا إذا كان عمل المجلس العسكري خاضعا للقرار السياسي للمجلس الوطني السوري أو غيره، أجاب: «هناك تنسيق بيننا وبين المجلس الوطني، لكنه لم يرق إلى المستوى المطلوب، ونحن كعسكريين لا يمكننا أن نترك الساحة للجيش النظامي يقتل أهلنا، وفي الوقت نفسه نخشى الفوضى لأن سوريا هي ملك الجميع وليست لفريق أو فرد دون الآخر».