أزمة تلوح في الأفق بين «المركزي» المصري والبرلمان بسبب البنوك الإسلامية

بعد رفضه منح رخص لبنوك جديدة لمزاولة الصيرفة الإسلامية

البنك المركزي المصري («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي المصري رفضه منح تراخيص لإنشاء بنوك إسلامية جديدة في السوق، قال وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب الدكتور سامي سلامة إنه سيخصص جلسة لمناقشة إلغاء القواعد التي تحد من إنشاء بنوك إسلامية جديدة، ويرى خبراء هذا الأمر بأنه بوادر أزمة بين البرلمان المصري والبنك المركزي الذي يقول إنه يحمي السوق المصرفية بمنعه إصدار أي تراخيص لإنشاء أية بنوك جديدة.

ورفض البنك المركزي المصري منح تراخيص جديدة لتأسيس بنوك إسلامية في مصر لأية جهة، والاكتفاء بمنح ترخيص لإنشاء فروع إسلامية للبنوك العاملة في السوق والبالغة 39 بنكا فقط، بشرط الالتزام بالشروط الموضوعة من قبل سلطات النقد المصرية.

وسعى حزب النور السلفي لتأسيس بنك إسلامي في مصر، إلا أنه قرر تأجيل تأسيس البنك الإسلامي الذي سبق وأن أعلن عنه في برامج مرشحيه لانتخابات مجلسي الشعب والشورى الماضيين بسبب صعوبة الإجراءات التي يحددها البنك المركزي المصري لإنشاء أي بنك جديد، إضافة إلى التكلفة المالية التي لم يتحمل حزب النور توفيرها في الوقت الحالي.

وقال جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي أول من أمس أمام مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) إنه من حق البنوك العاملة في السوق حاليا أن تفتح فروعا إسلامية كما تشاء شرط الالتزام بمعايير البنك المركزي وامتلاك رؤوس أموال قوية وإدارة جيدة للمخاطر، مع تأكيده على رفض المركزي منح رخص جديدة منفصلة لمزاولة الصيرفة الإسلامية.

من جانبه قال الخبير المصرفي أحمد آدم إن إدارة البنك المركزي الحالي لا تدرك أهمية وجود بنوك جديدة تعمل في الصيرفة الإسلامية، وما يمكن أن تحققه من فوائد للاقتصاد المصري، أقلها ضخ رؤوس أموال جديدة من خلال تلك الرخص.

وأضاف آدم أن البنوك الإسلامية خاصة العالمية منها قادرة على جذب أموال واستثمارات جديدة، تؤهل السوق للعمل في الصيرفة الإسلامية وجذب أموال من سوق كبيرة تقدر الأموال فيها بنحو تريليون دولار.

ويؤكد آدم أنه لو وجدت لجنة مركزية شرعية تراقب عمل الفروع الإسلامية العاملة في السوق حاليا، ستجد بوضوح أن معاملات الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية بعيدة تماما عن الصيرفة الإسلامية.

ويرفض المركزي المصري منح تراخيص جديدة للبنوك، ويرى أن عددها مناسب ومن الأفضل عدم زيادتها، خاصة أن جزءا كبيرا من نجاح محافظ البنك المركزي الجديد، هو تقليص عدد البنوك من أكثر من 64 بنكا قبل عدة سنوات إلى 39 بنكا في الوقت الحالي.

كان محمد طلعت عضو مجلس الشعب عن حزب النور قد تقدم بطلب إحاطة لتحويل جميع البنوك التجارية إلى إسلامية، وهو ما رد عليه نائب المحافظ بأن السبيل الوحيدة حاليا لإنشاء بنك إسلامي هو شراء أحد البنوك التجارية في مصر وتقديم طلب إلى البنك المركزي لتحويل نشاطه في الرخصة إلى بنك إسلامي.

يضع البنك المركزي أيضا قواعد للاستحواذ على بنوك قائمة في مصر، وهي عدم السماح للأشخاص أو للمؤسسات المالية في مصر بشراء بنك في البلاد، وأن المشتري يجب أن يكون بنكا آخر يستطيع إضافة جديد للقطاع المصرفي وأن تكون سمعته جيدة في بلده.

ويستند المركزي في عدم جواز منح رخص لإنشاء بنوك جديدة سواء إسلامية أو غيرها إلى قواعد صادرة بوقف منح أي تراخيص لإنشاء أي بنك سواء كان بنكا إسلاميا أو غيره. وأن تلك القواعد جاءت حتى تقتصر ممارسة العمل المصرفي على البنوك القوية بعد أن زاد عدد البنوك المفلسة والورقية قبل سنوات، وتكبد على أثرها الجهاز المصرفي محفظة تعثر كبرى ما زال يعاني منها حتى الآن.

وكشف نائب المحافظ عن قيام البنك المركزي مؤخرا بإجراء استطلاع رأي بين أغلبية عملاء البنوك لمعرفة الدافع الرئيسي لقيام العملاء بتحويل ودائعهم من بنك إلى آخر، وأظهر الاستطلاع أن سعر العائد هو المحرك الرئيسي الذي يدفع العملاء للإقبال على البنوك.

وتصل حصة البنوك الإسلامية السوقية نحو 5 في المائة، رغم مرور 30 سنة على تأسيسها، فيما تسيطر البنوك التجارية على الحصة الغالبة، لكن الخبير المصرفي أحمد آدم يرى أن وجود تعديل منظور أمام مجلس الشعب يتعلق بعمل المصارف الإسلامية من شأنه أن يزيد من حصتها، خاصة أن المناخ مناسب في الوقت الحالي، كما أنها نجحت بشكل كبير في العديد من الدول القريبة من وضع الاقتصاد المصري.

واتجهت عدد من البنوك في مصر سواء حكومية أو خاصة لزيادة فروعها الإسلامية، وسط طلبات متزايدة على هذا النوع من المعاملات في مصر.