اليونان بين خياري تشكيل حكومة ائتلاف راديكالية أو انتخابات جديدة

أثينا تواجه تحذيرات صارمة من بروكسل وألمانيا لالتزامها باتفاقات الإنقاذ

زعيم حزب تحالف اليسار الراديكالي، أليكسيس تسيبر (يسار) يتحدث مع زعيم الحزب اليميني قبل لقائهما في مقر البرلمان في أثينا أمس (أ.ب)
TT

تساءلت اليونان، أمس، حول نية الاتحاد الأوروبي منحها شريحة مرتقبة من القروض الرامية إلى إنقاذها من التخلف عن تسديد الديون، لا سيما أنها تواصل محاولة تشكيل حكومة بعد رفض سياسة التقشف في الانتخابات الأخيرة في البلاد.

وأكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء المنتهية ولايته غيكاس خاردوفيليس لإذاعة «سكاي»، أن «هناك تساؤلات حول احتمالات التسليم هذا الأسبوع» لشريحة إضافية مقررة من القروض.

وتابع «لماذا سيمنحنا (الاتحاد الأوروبي) المال إذا كانت البلاد ستحيد عن التزامها التقشف، كما أوحت أكثرية مسؤوليها السياسيين».

وأكد غيكاس بالتالي التساؤلات التي تناقلتها وسائل الإعلام يوم الأربعاء الماضي. وأشارت صحيفة «كاثيمريني» الليبرالية إلى أن المفوضية الأوروبية أكدت لأثينا أنها ستسلمها هذه الشريحة البالغة 5.2 مليار يورو يفترض أن تغطي المستحقات المتأخرة على الدولة.

لكن صحيفة «تو فيا» على الإنترنت أشارت إلى إمكانية إرجاء التسليم إذا قرر الاتحاد الأوروبي مضاعفة الضغوط كي تبقى البلاد على المسار الذي خطه لها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

ولا يعلن أي مسؤول يوناني عن احتياطي التمويل في البلاد، مما يفسح المجال أمام وسائل الإعلام للتكهن بمواعيد مختلفة لانتهاء المهل بين نهاية يونيو (حزيران) ونهاية أغسطس (آب) تخاطر البلاد من بعدها بالإفلاس. لكن خاردوفيليس شدد على ارتهان البلاد لقروض شركائها لتغطية حاجاتها التمويلية.

وحذر رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو اليونان من أنها لا تملك خيارا إلا اعتماد التقشف تحت طائلة «التخلف عن التسديد».

وتواجه البلاد نهاية مهلتها الأولى في 15 مايو (أيار)، حيث سيترتب عليها تسديد نحو 450 مليون يورو رفض مانحوها إلغاءها في إطار عملية إعادة الهيكلة الواسعة النطاق لدين البلاد التي تمت في مارس (آذار).

وكانت الحكومة المنتهية ولايتها هددت في البدء بعدم تسديد تلك القروض، لكن وزير المالية المنتهية ولايته فيليبوس ساخينيدس يسعى إلى دعم سياسي للقرار الذي سيتخذ بحسب صحيفة «تا نيا».

ويعتزم زعيم حزب سيريزا اليساري الراديكالي اليوناني أن يبعث برسالة إلى زعماء الاتحاد الأوروبي يبلغهم فيها أن بلاده غير ملزمة ببرنامج التقشف الاقتصادي الأوروبي في الوقت الذي يحاول فيه زعيم الحزب الالتقاء بزعماء الأحزاب الرئيسية في محاولة أخيرة لتشكيل حكومة ائتلافية عقب الانتخابات التي أدت إلى برلمان معلق في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحذيرات صارمة من الاتحاد الأوروبي وألمانيا بالالتزام باتفاقات الإنقاذ الخاصة بها. ويعتزم ألكسيس تسيبراس (37 عاما) زعيم حزب الائتلاف اليساري الراديكالي (سيريزا)، أن يبعث برسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، حسبما قال عضو في حزبه.

وقال باناجيوتيس لافازانيس، عضو «سيريزا» إنه في هذه الرسالة سيؤكد تسيبراس على أن شروط برنامج الإنقاذ الأوروبي لم تعد مطبقة نظرا لأن الناخبين رفضوا إجراءات التقشف التي وافقت عليها الحكومة المنتهية ولايتها.

وكان اقتصادي ألماني بارز وعضو في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي قد أشار إلى إمكانية إخراج اليونان من مجموعة اليورو إذا لم تلتزم ببرنامج التقشف المتفق عليه مع المانحين الدوليين.

وفي مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية الصادرة الأربعاء الماضي، قال يورج أسموسن عضو مجلس إدارة المركزي الأوروبي، إن من غير الممكن لليونان أن تضع في اعتبارها إمكانية أن يكون لدى المركزي الأوروبي استعداد للتفاوض من جديد بشأن برنامجها الإصلاحي.

وأوضح أسموسن أن من الواجب أن يكون «واضحا بالنسبة لليونان أنه ليس هناك بديل آخر للبرنامج الإصلاحي المتفق عليه إذا ما أرادت أن تظل عضوا في مجموعة اليورو».

في الوقت الذي تلوح فيه في الأفق أزمة سياسية في اليونان جراء عدم التمكن من تشكيل حكومة، يواصل زعيم حزب تحالف اليسار الراديكالي ألكسيس تسيبراس مشاوراته لتشكيل حكومة يسارية، تستطيع التفاوض بشكل جدي مع الدائنين في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، وطلب في نفس الوقت من زعيمي الحزبين الكبيرين في البلاد الاشتراكي والمحافظ سحب توقيعاتهما من خطابات الضمان التي سلمت للدائنين وتلزم البلاد باتخاذ تدابير تقشفية صارمة على الشعب اليوناني.

ووعد تسيبراس بتشكيل ائتلاف يساري يرفض الإجراءات «البربرية» التي تتضمنها حزمة الإنقاذ الأوروبية - الدولية حسب تعبيره، وقال: «سنستنفد كل الاحتمالات للتوصل إلى تفاهم مع قوى اليسار»، أي الأحزاب اليسارية الأخرى التي تمكنت من دخول البرلمان اليوناني في الانتخابات.

يذكر أنه في حال الفشل في تشكيل الحكومة، تبقى إمكانية العودة إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة قائمة بغرض الحصول على أغلبية مريحة قادرة على الحكم.