مصادر دبلوماسية أوروبية: البدائل عن خطة أنان ليست كثيرة والتدخل العسكري مستبعد

قمة الـ8 في كامب ديفيد ستناقش الملف السوري والتركيز على إقناع روسيا بتعديل موقفها

TT

قالت مصادر فرنسية رئاسية إن الملف السوري سيكون على جدول مباحثات زعماء مجموعة الـ8 خلال اجتماعهم القادم في كامب ديفيد يوم 18 و19 الجاري. وأوضحت هذه المصادر أن أهمية الحدث أنه سيتيح الفرصة لمناقشة الملف المذكور مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف حيث سيسعى الزعماء الغربيون لحمله على أن تمارس روسيا نفوذها لدى السلطات السورية لحملها على تنفيذ خطة المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان. وسيعمد الغربيون إلى التشديد على أن فشل أنان «يعني الانتصار للأجنحة المتطرفة الأمر الذي يمكن أن يؤثر على روسيا نفسها» كما أن فشل مجموعة الـ8 في الوصول إلى موقف موحد وفشل مجلس الأمن «سيفضيان إلى قيام حرب أهلية في سوريا». وإلى جانب الملف السوري ستبحث قمة كامب ديفيد الملف النووي الإيراني والشراكة الاستراتيجية المعروفة بـ«شراكة الدوفيل» بين الدول الصناعية وبلدان «الربيع العربي». وأبدت المصادر الرئاسية تحفظات واضحة إزاء اجتماع بغداد بين مجموعة الـ6 «الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» وإيران محذرة من أنها «لم تعد تستبعد ضربة عسكرية إسرائيلية قبل السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) موعد الانتخابات الأميركية، إذا كان مصير المفاوضات مع إيران الفشل».

وسيكون الملف السوري أيضا على جدول وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 14 الجاري في بروكسل حيث من المنتظر أن يفرض الأوروبيون عقوبات جديدة على شخصيات وشركات سورية، ما يأتي في سياق العقوبات التي تم فرضها منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في مارس (آذار) من العام الماضي.

وتوقعت مصادر دبلوماسية أوروبية معنية بالوضع السوري أن تدفع العمليات الإرهابية التي جرت في اليومين الأخيرين في سوريا البلدان التي كانت تنوي المشاركة في بعثة المراقبين الدوليين إلى «إعادة النظر» في مشاريعها. ورجحت هذه المصادر التي كانت تتحدث أمس في لقاء في باريس أن تكون «القاعدة» وراء العمليات الأخيرة ملتقية بذلك مع ما تقوله الولايات المتحدة الأميركية التي دأبت منذ أسابيع على الحديث عن وجود «القاعدة» في سوريا.

وتربط هذه المصادر بين طريقة تفجير السيارتين المفخختين في دمشق على أيدي انتحاريين وما عرفته المدن العراقية من عمليات مماثلة خصوصا إيجاد فاصل زمني بين التفجير الأول الذي يجذب الناس ورجال الأمن وتفجير السيارة المفخخة الثانية لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. وتتمثل النتيجة الأولى لتكاثر العمليات من هذا النوع أن سوريا «ولجت حالة جديدة» مختلفة عما عرفته منذ بدء الاحتجاجات الشعبية وهي المتمثلة بـ«الحالة الإرهابية» التي من آثارها «تهديد الاستقرار في لبنان وتركيا وإسرائيل» وفي مجمل المنطقة.

غير أن جورج صبرا، الناطق باسم المجلس الوطني السوري، رد بشكل مباشر على هذه القراءة الدبلوماسية، في مؤتمر صحافي عقده أمس في باريس بقوله إن «النظام يريد أن يظهر بمظهر الضحية بينما هو الجلاد» كما أنه «يغير الحقيقة ويشوهها» بحيث إن «الإرهابي يتهم الآخرين بالإرهاب». وبحسب صبرا، فإن العمليات الإرهابية «تحقق أغراض السلطة» ومنها «الإجهاز على خطة أنان كما فعل بالمبادرة العربية» داعيا مجلس الأمن إلى إقرار «إجراءات صارمة» بحقه لحمله على الاستجابة للمجتمع الدولي.

واستنكر صبرا «بأشد العبارات» ما حصل في دمشق وأكد إدانة المجلس الوطني السوري لها «مهما كانت الجهة التي وراءها أو التي نفذتها» ومعتبرا أن هذه الأعمال «لا تنتمي للثورة السورية بل هي من فعل النظام».

وانتقدت المصادر الدبلوماسية الأوروبية التي شددت على أهمية خطة المبعوث الدولي - العربي «الوحيدة الموجودة على الطاولة» ما سمته «محدودية الوسائل» التي وفرت للمبعوث الخاص والتي تتناقض مع صعوبة المهمة الموكولة إليه معبرة عن اندهاشها من أنه بعد ما يزيد على أربعين يوما على بدء العمل بها «ما زال البحث جاريا عن توفير العناصر الأولى» لها والتي يتعين نشرها على كل الأراضي السورية. ويبلغ عدد المراقبين العسكريين نحو 105، بينما المطلوب أن يصل عددهم، وفق قرار مجلس الأمن الدولي، إلى 300 مراقب لفترة أولى من 90 يوما تنتهي في بداية يوليو (تموز) القادم. وانتقدت هذه المصادر بشدة إصلاحات النظام المزعومة ومنها الانتخابات التشريعية الأخيرة «حيث الجميع من جماعة النظام بمن فيهم من يقدمون أنفسهم على أنهم معارضة».

والأهم من ذلك أنها ترى أن ما يعلن عنه النظام من أوراق إصلاحات «نفذ مفعولها وغدت بلا قيمة».

وفي السياق عينه، اعتبرت المصادر الأوروبية أن العمل القائم على تسليح المعارضة «لن يفي بالغرض المطلوب وهو إطاحة النظام» معتبرة أن ثمة «استحالة» لتحقيق هذا الهدف عبر هذه الطريقة. وبأي حال، فإن النظام يتذرع بحجة التدخل الخارجي لرفض الجلوس إلى طاولة الحوار ما يعني عمليا إجهاض الهدف الأساسي من خطة أنان وإقامة حوار بين السلطة والمعارضة.

وفي هذا الصدد بالذات، قال خليل الحاج صالح، ممثل لجان التنسيق المحلية في باريس إن النظام «يريد اختصار خطة أنان إلى وقف النار والذهاب إلى الحوار بينما هي تنص على 5 بنود لا بد من تنفيذها قبل الوصول إلى بند الحوار (السادس)». ويرى الحاج صالح أن الحل السياسي الذي تسعى إليه الخطة «لن يكون لمصلحة الثورة». لكن الحركة الاحتجاجية مستمرة في دعم الخطة «لأنها يمكن أن تساعد على لجم همجية النظام» الأمر الذي يظهر عبر تراجع أعداد قتلى القمع والقصف.

ويشكك صبرا والحاج صالح بنجاح أنان في تنفيذ خطته. ولكن ما هو البديل؟

تعتبر المصادر الأوروبية أن ما يقال عن مناطق آمنة أو ممرات إنسانية أو تدخل عسكري هو بمثابة «ثرثرة وبيانات لا طائل تحتها» خصوصا أن هذه التدابير تحتاج جميعها لقرار من مجلس الأمن الدولي الذي «من غير المتصور له في صيغته الراهنة اليوم أن يصوت على هذا النوع من القرارات» بسبب ثبات الموقف الروسي - الصيني المعارض. أما العمل من خارج مجلس الأمن فسيعني «الحرب المفتوحة».

والحال، وفق هذه المصادر، أن لا أحد يريد اليوم التدخل حيث أعلن أمين عام الحلف الأطلسي أنه «ليس للحلف دور أو رغبة في التدخل بقرار من مجلس الأمن أو من غير قرار».

ولذا، تعتبر المصادر الأوروبية أن الحديث عن «الخيارات الأخرى» والإيحاء بإمكانية التدخل «أمر خطير وغير مسؤول لأننا نوهم الناس بأشياء لا يمكن أن تتحقق في المدى المنظور». من هنا، أهمية العودة إلى مقاربة مختلفة والتركيز مجددا على تحقيق تغيير في الموقف الروسي. وبخصوص هذه النقطة بالذات قالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن موسكو «يمكن أن تغير موقفها عندما تجد أن اللحظة قد حانت لذلك أو عندما ترى أنها حصلت على ضمانات لمصالحها في المنطقة» ما يعني أن تمسكها بالنظام القائم في سوريا «ليس تمسكا مطلقا بل إنه قابل للتحول».