مسرحية عن تعذيب المعتقلين في سوريا على مسارح كوريا الجنوبية

«هلا نظرت إلى الكاميرا من فضلك».. الممثلون كانوا يتدربون عليها سرا

TT

تدفن امرأة احتجزت في سجن سوري رأسها بين ذراعيها وتلاحقها وجوه من باعوها وسلموها للحكومة، بينما ينظر رجل في مرآة ليرى آثار التعذيب على جسده. والمشهدان جزء من مسرحية تقدمها فرقة سورية.

ولا تقيم كوريا الجنوبية علاقات دبلوماسية مع سوريا، مما جعل وصول فرقة مسرحية سورية إلى سيول أمرا صعبا.

وبدأ التعاون الفني غير المعتاد العام الماضي عندما كان المخرج كانغ سيوك والمنتج كيم يو أهين يبحثان عن عمل يختتمان به سلسلة عن المهمشين في العالم. وقال كيم «كنا نبحث عن مسرحية يمكن أن تبرز أناسا يقفون على الحافة».

والتقى الاثنان المخرج السوري الشاب عمر أبو سعدة الذي كان يسعى آنذاك لإخراج مسرحية حول استخدام الشبان في الشرق الأوسط لوسائل التواصل الاجتماعي لإطلاع العالم على الوضع في بلدانهم أيام الربيع العربي وما تلاها.

وقال كيم «كان أبو سعدة يحاول الحديث عن جيل الشباب في الشرق الأوسط الذي يكافح ويشارك في الثورات، فأدركنا أننا وجدنا ضالتنا».

وكانت النتيجة مسرحية «هلا نظرت إلى الكاميرا من فضلك». وتحاول فيها شخصية نورا، وهي مخرجة أفلام هاوية، أن تسجل في الخفاء شهادات أشخاص اعتقلوا جورا، لكن الشرطة تقبض عليها بسبب «جرائم»، منها توزيع منشورات وتحميل مواد على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي.

وتتقاطع الجمل الحوارية للممثلين في المسرحية - وكلها تستند إلى قصص حقيقية - مع لقطات من مقابلات مع معتقلين حقيقيين تعرض على شاشة في وسط المسرح، حسب «رويترز».

وقال سعدة: «من المدهش، رغم مثل هذه التضحيات، أن نرى الكثير من السوريين يشاركون في الثورة في سبيل نيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحقيق أحلامهم».

ولم يكن إخراج المسرحية إلى حيز الوجود سهلا أيضا.. فالممثلون كانوا يتدربون على المسرحية سرا في سوريا واضطروا للحصول على تأشيرات سفر عن طريق غير مباشر لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين سوريا وكوريا الجنوبية. ولم تستكمل الاستعدادات لعرض المسرحية إلا قبل قليل من بدء العرض.

ومما زاد الموقف تعقيدا علاقات كوريا الشمالية مع دمشق. وأفادت تقارير بأن كوريا الشمالية لعبت دورا في المفاعل النووي السري السوري الذي دمرته إسرائيل عام 2007 وحاولت تصدير مواد كيماوية لاستخدامها في صنع أسلحة سورية في عام 2009 في خرق لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

لكن كيم وكانغ أصرا على التعاون مع أبو سعدة، وقالا: «إن دور شركة المسرح المعاصر هو عرض مثل هذه القضايا الصعبة على المسرح». واشتملت سلسلة المسرحيات هذا العام على مسرحية اسمها «الأخت موكران» وتدور حول لاجئين من كوريا الشمالية يعيشون في الجنوب. وتتناول مسرحية أخرى أشخاصا من أصل كوري يعيشون في اليابان.

وقال كانغ «أردنا عرض حياة الناس كما هي ونترك الجميع يفكرون في هذه القضايا معا».

ويعتزم المسرح الاستمرار في عرض المسرحية السورية على نطاق دولي أوسع، حيث من المقرر عرضها في وقت لاحق في الشرق الأوسط. ومن الممكن عرض المسرحية أيضا في أوروبا.

وعلى الرغم من شعور جمهور المسرح في كوريا الجنوبية بالصدمة من قصص التعذيب والإهانة، فقد بيعت كل تذاكر العروض تقريبا. ويرى كانغ أن المسرحية ربما مست وترا لدى الجمهور لأنها ذكرت الكوريين بعام 1980 عندما خرجت مظاهرات ضخمة في مدينة جوانجو احتجاجا على الديكتاتورية آنذاك.

وقال كانغ: «السبيل الوحيد للتأثير في جمهورنا وجعلهم يؤيدوننا هو أن نكون صادقين ومخلصين في ما نفعله».