ابن كيران يتحدث عن قمة مغاربية بتونس في أكتوبر

أحزاب مغربية من الغالبية والمعارضة تنتقد طريقة تعامل الحكومة مع ملف الصحراء

ابن كيران
TT

تعثرت محاولات لعقد قمة لدول اتحاد المغرب العربي في تونس خلال يونيو (حزيران) المقبل، وقالت مصادر وثيقة الاطلاع إن قمة قادة دول المغرب العربي قد تتأجل إلى الخريف المقبل. وصدر أول تأكيد على تأجيل القمة المغاربية من عبد الإله ابن كيران الرئيس الحكومة المغربية، الذي قال أمس في تونس إن القمة المغاربية ستنعقد «خلال أشهر في تونس»، في حين توقع سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي عقدها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي قام بجولة في دول المنطقة في فبراير (شباط) الماضي حيث اتفق مع العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على عقد القمة المغاربية في مايو (أيار) الحالي، بيد أن دخول نزاع الصحراء في نفق جديد، والأوضاع الأمنية الهشة التي تعرفها ليبيا وقرب إجراء انتخابات، وبعض القلاقل السياسية في موريتانيا أدت إلى تأجيل القمة من جديد. وتواصل دول المنطقة التمسك اللفظي باتحاد المغرب العربي، وفي هذا الصدد نسب إلى ابن كيران قوله في تونس «اتحاد المغرب العربي قدر لا مفر منه أحب من أحب وكره من كره» على حد تعبيره. وقال ابن كيران «الشعوب في تونس وليبيا والمغرب والجزائر وموريتانيا تريد وحدة مغاربية حقيقية ونحن نسير في هذا الاتجاه لأن إرادة الشعوب ستتغلب في النهاية على كافة المشكلات».

وبشأن قضية الحدود المغربية الجزائرية المغلقة منذ صيف عام 1994، قال ابن كيران «هذه الحدود مفتوحة من الجانب المغربي أما من الجانب الجزائري فإن القرار يعود إلى الجزائريين».

وفي جانب العلاقات الثنائية بين المغرب وتونس، أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية إنه اتفق مع ابن كيران على عقد الدورة السابعة عشرة للجنة العليا المشتركة المغربية التونسية في الرباط في 15 يونيو (حزيران) المقبل.

وفي سياق منفصل انتقدت أحزاب المعارضة والأغلبية الحكومية في مجلس النواب المغربي طريقة تعامل حكومة ابن كيران مع نزاع الصحراء، وقال النواب إنه لا يختلف على حد اعتقادها، عن الأسلوب الذي تعاملت به الحكومات السابقة واتسم بالانفراد بالقرارات المتعلقة بالنزاع والسرية والغموض. كما انتقدت عدم إشراك البرلمان والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الأمر.

ووجهت المجموعات البرلمانية الليلة قبل الماضية أسئلة كثيرة إلى سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي الذي استدعته لجنة «الخارجية والدفاع الوطني» بمجلس النواب لتوضيح التطورات الأخيرة لنزاع الصحراء بالإضافة إلى العلاقة مع الجزائر، ومطالبته توضيح موقف الدول الكبرى من التطورات الأخيرة للنزاع مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وتساؤل النواب عن الأسباب التي جعلت الحكومة «لا تتحرك مباشرة بعد صدور قرار الأمم المتحدة حول الصحراء الذي تضمن عدة مغالطات»، ودور الدبلوماسية المغربية ومدى قدرتها على التحرك لحشد التأييد الدولي حول مبادرة الحكم الذاتي.

وطالت انتقادات البرلمانيين شخصية كريستوفر روس المبعوث الأممي المكلف بنزاع الصحراء، حيث وصف بأنه «مستشرق أميركي» يتقن الحديث باللغة العربية، وبالتالي «من الطبيعي أن يميل إلى كل ما هو غرائبي وغير واقعي من قبيل إقامة دولة صحراوية في المنطقة» على حد قولهم، وانتقدوا استقبال روس، بترحاب كبير من طرف المسؤولين المغاربة.

كما انتقد البرلمانيون التصريحات المتفائلة التي أدلى بها العثماني ووزراء آخرون في الحكومة بخصوص مسار تطبيع العلاقة مع الجزائر وقالوا إنها تصريحات «متناقضة لا تعكس الواقع على الأرض». وأشاروا إلى أن الأمر يتعلق «بتسويق الوهم حول انفراج العلاقات الثنائية بين البلدين» على حد قول أحمد الزايدي رئيس المجموعة البرلمانية الاشتراكية. وربطوا ذلك بنتائج الانتخابات التشريعية بالجزائر التي فاز فيها الحزب الحاكم، وهو مؤشر من وجهة نظرهم، على أنه لن يكون هناك أي تغير في الموقف الرسمي الجزائري من النزاع. وفي السياق نفسه انتقد عبد اللطيف وهبي، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض «استجداء المغرب المستمر للجزائر لفتح الحدود»، وقال إن ذلك لا يجوز لأن الرباط في موقف قوة.

كما انتقدت كجمولة بنت ابي من المجموعة البرلمانية «التقدم الديمقراطي» (مساند للأغلبية الحكومية) وهي عضو سابق بجبهة البوليساريو، عدم الحديث عن المشكلات الحقوقية في الصحراء والبحث عن حلول لها وإشراك سكان المنطقة من جمعيات مدنية وحقوقية وحتى المعارضون الصحراويون، حول مبادرة الحكم الذاتي الذي يقترحها المغرب كحل والتي هناك من بدأ يشك في أنها ستنفذ بالفعل في الصحراء، على حد قولها.

وفي معرض رده على النواب دافع العثماني عن الدبلوماسية المغربية التي «تخوض معارك شبه يومية وتتابع تطورات نزاع الصحراء يوما بيوم ولحظة بلحظة، رغم النقص الموجود لديها على مستوى الموارد البشرية والإمكانات المالية، أمام آلة الخصم الضخمة ماليا وبشريا» وقال إن الملف «معقد ومتعدد الجوانب»، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية تدير الجانب الدبلوماسي فقط من الملف بينما الجوانب الأخرى بيد إدارات مختلفة. وبخصوص التطورات الأخيرة حول النزاع، قال العثماني إن سحب الرباط الثقة من كريستوفر روس ليس سوى جزء صغير من ملف نزاع الصحراء، بيد أنه لا يعني الخروج عن روح قرارات مجلس الأمن أو معارضتها، مؤكدا أن المغرب ما زال متشبثا بالمفاوضات من أجل إيجاد حل سياسي توافقي على أساس مقترح الحكم الذاتي.

وأوضح العثماني أن سحب الثقة من روس جاء بعد دراسة وتقييم شامل موضوعي لمسار المحادثات غير الرسمية حيث تبين تآكل مسار المفاوضات الذي أصابه الفتور. لأنه كان مقررا عقد جولتين غير رسميتين فقط إلا أنه عقدت تسع جولات دون إحراز أي تقدم ولم نصل إلى معالجة عمق المشكلة بالحل السياسي للنزاع كما تؤكد ذلك قرارات الأمم المتحدة. وأصبح التركيز على قضايا جانبية. مشيرا إلى أن المغرب يتوخى إعطاء زخم جديد لقضية الصحراء والخروج من مأزق الوضع الراهن.

وقال العثماني إن التقييم وقف على عدة مغالطات على مستوى التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء حيث تميز بعدم توازنه وانسجامه فضلا عن تجاوز المبعوث الشخصي لمهمته بمحاولته التأثير على محتوى القرار وكذا عدم التزامه بالموضوعية والحياد وهما عنصران أساسيان في أي عملية وساطة. وأشار إلى أن المغرب أبلغ بناء على عملية تقييمالأمين العام للأمم المتحدة بموقفه بشأن روس كما أطلع عددا من الدول الصديقة بفحوى قراره وهي فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.

وبخصوص الموقف الأميركي قال إنه وحتى إن كانت الخارجية الأميركية أيدت بقاء روس (دبلوماسي أميركي) إلا أن ذلك لا يعتبر مسيئا للمغرب، على حد اعتقاده، مشيرا إلى أن موقف روسيا إيجابي. وردا على سؤال حول تأخر المغرب في سحب الثقة من روس إلى ما بعد صدور قرار التمديد لمهمة المينورسو، وليس بعد صدور تقرير الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) الماضي، قال العثماني إن المغرب كان ينتظر أن يصدر قرار التمديد وأن يكون منصفا ومتوازنا حتى لا يعتبر المغرب ضد أعضاء مجلس الأمن وهو ما حدث حيث كان التقرير بنظره «متوازنا ومقبولا ومنصفا» للمغرب على العموم نتيجة للجهود الحثيثة التي بذلتها الدبلوماسية المغربية لتجاوز مناورات الخصوم. بحيث صدر قرار تمديد مهمة المينورسو إلى 30 أبريل من العام المقبل من دون الاستجابة لمطالب توسيع مهمتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وأضاف الوزير أن القرار استمر أيضا في التأكيد على أن الحل السياسي هو المدخل الحقيقي لإنهاء النزاع انطلاقا من مواصلة المفاوضات ورفع وتيرة اللقاءات كما أشاد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي ولم يتطرق لأطروحة الاستفتاء.

وفيما يخص العلاقة مع الجزائر، قال العثماني إن المغرب لا يستجدي الجزائر لفتح الحدود، مذكرا أنه أثناء زيارته الأخيرة للجزائر قال إن موضوع الحدود لم يكن مطروحا على جدول المباحثات، مشيرا إلى أن المغرب يردد دائما بشأن هذا الموضوع أن «فتح الحدود بيد الجزائر». وأوضح العثماني أن علاقة المغرب بالجزائر تتسم بالتركيز على نقط الالتقاء وفتح الحوار بشأن القضايا الخلافية من منطلق إبداء حسن النية وهو موقف مقدر للمغرب من جميع الأطراف.

من جهة أخرى قال العثماني إن المغرب قام بخطوات وبمبادرات قوية من أجل تفعيل هياكل الاتحاد المغاربي، مشيرا إلى أن المغرب تنازل لتونس من أجل استضافة أشغال القمة المغاربية المزمع تنظيمها في أكتوبر المقبل، ووافق على المشاركة فيها، وأضاف «نتمنى أن يتم الإعداد للقمة بشكل جيد بما يكفل فتح آفاق مرحلة جديدة»، مشيرا إلى أن العلاقة مع ليبيا جيدة ولا وجود لأي تخوف بمستقبل هذه العلاقة بعد الثورة.