التحريض على قتل العرب لا يعتبر مخالفة للقانون الإسرائيلي

يؤكده توجه المستشار القضائي للحكومة بإغلاق ملف التحقيق ضد مؤلفي كتاب «توراة الملك»

مستوطن يهودي يسدد رشاشه نحو فلسطيني (أ.ب)
TT

كشفت مصادر قضائية في تل أبيب، أمس، أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، لا ينوي أن يقدم لائحة اتهام ضد مؤلفي كتاب «توراة الملك»، الذي يبث أفكارا عنصرية مسمومة ضد العرب تصل إلى حد إجازة قتلهم، ويتجه نحو إغلاق ملف التحقيق. ويثير هذا التوجه غضبا وقلقا في صفوف أنصار الديمقراطية وسلطة القانون، الذين يعتبرون تمرير هذا الكتاب بلا عقاب تشجيعا مباشرا على تنفيذ عمليات اعتداء دامية ضد العرب في إسرائيل نفسها أو في الضفة الغربية المحتلة.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد فتحت ملف تحقيق ضد مؤلفي الكتاب، الحاخام يتسحاق شبيرا، رئيس المدرسة الدّينيّة اليهوديّة التي يطلق عليها اسم «يشيفات يوسف حاي»، القائمة في مستوطنة «يتسهار» الواقعة في جنوب مدينة نابلس، وشريكه الحاخام يوسي ايليتسور، للاشتباه بأنهما يحرضان على القتل، وكذلك حققت مع الحاخامات دوف ليئور، ويتسحاق غينزبورغ ويعكوف يوسف الذين عبروا عن تأييدهم للكتاب.

ويتضمن الكتاب، الذي صدر سنة 2009 في 230 صفحة، أفكار التّطرّف والعنصريّة التي تصلح لأن تكون آيديولوجية إرهاب. فهو يهدف إلى تحديد موقف التّوراة والشّريعة اليهوديّة من «الأغيار» (الغوييم بالعبريّة) الذي ينبغي للدّولة اليهوديّة واليهود التزامه والسّير وفقا لتعاليمه. ويصنّف هذا الكتاب البشر إلى مراتبَ متعدّدة. وينطلق، بحسب هذا التّصنيف، من أنّ اليهود يتبوءون المرتبة العليا، وأنّهم أفضل، بما لا يقاس، من مختلف أصناف البشر الأخرى. ويعتبر أنّ اليهود هم وحدهم الآدميّون الحقيقيّون، في حين أنّ «الأغيار» في مرتبةٍ أدنى، وتقترب مرتبتهم كثيرا من منزلة البهائم. لذلك ينبغي للدّولة اليهوديّة واليهود اتّخاذ مواقف التّمييز ضدّهم - في أحسن الأحوال - أو السّماح بقتلهم، أو ينبغي قتلهم في معظم الأحيان، ولا سيّما في أوقات الحرب.

ويقول المؤلفان في هذا الكتاب إن فريضة «لا تقتل» الواردة في الشّريعة اليهوديّة، تحرّم قتل اليهودي لليهوديّ، ولكنّها لا تنطبق إطلاقا على اليهودي الذي يقتل واحدا أو أكثر من الأغيار. وأشار الكتاب إلى أنّ من حقّ اليهودي في حالات كثيرة قتل «الأغيار»، وأكّد أنّه في حالاتٍ أخرى كثيرة ينبغي لليهودي قتل الأغيار. ويقولان أيضا إنه في أوقات الحرب لا ينبغي قتل المحاربين الذين يشاركون في الحرب ضدّ إسرائيل وحدهم، بل يجب قتل أي مواطن، في المنطقة أو الدّولة المعادية، يشجّع المقاتلين أو يعبّر عن رضاه عن أعمالهم. أمّا أولئك المواطنون في الدّولة أو المنطقة المعادية، الذين لا يشجّعون دولتهم في أعمال الحرب بأي شكل من الأشكال «فيسمح» بقتلهم، وذلك لأنه لا ضمان أن لا يرغب هؤلاء في قتل اليهود في أوقات السلم. ويكتبان: «قرّر حكماؤنا العظماء أنّ أفضل الأغيار في فترة الحرب هو الميّت، إذ لا يوجد مجالٌ لإصلاحهم لأنّ خطرهم وخبثهم عظيمان».

ولا يسلم من هذه النظرية حتى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين يوم واحد وسنّ الرّشد، «فبالإمكان قتلهم بسبب الخطر المستقبلي الذي يشكّلونه إذا سمح لهم بالعيش ليكبروا فيصبحون أشرارا مثل أهلهم». ويضيف المؤلّفان: «بطبيعة الحال يُسمح بقتل الأطفال، والمدنيّون الآخرون كذلك، الذين يحتمي بهم (الأشرار)، فيجب قتل (الأشرار)، حتّى وإنْ أدّى ذلك إلى قتل الأطفال والمدنيّين». فهذه الأقوال لا تعتبر بنظر المستشار القضائي للحكومة، على ما يبدو، مخالفة للقانون الإسرائيلي أو الإنساني. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فقد قامت النيابة العامة في الشهور الأخيرة بفحص إمكانية تقديم لائحة اتهام ضد مؤلفي الكتاب، لكنها وجدت أن الأمر «قد يثير عاصفة كبيرة في وسط الجمهور الديني الصهيوني»، أي المستوطنين وقياداتهم الحزبية. وتدعي النيابة أن هناك إشكالية في تقديم المؤلفين للمحاكمة، بزعم أنه من الصعب إثبات أن مؤلفي الكتاب قصدوا التصرف بعنف. وأضافت الصحيفة أن القرار بهذا الشأن يجب أن يصدر من قبل المستشار القضائي للحكومة فاينشتاين، وأنه على ما يبدو سيقرر عدم تقديم لوائح اتهام. لكنها أكدت أنه لم يتخذ قراره النهائي بعد.

وجدير بالذكر أن المؤلف الرئيسي للكتاب، شبيرا، أعلن أنه أنجز كتابا آخر يعتبر استمرارا لهذا الكتاب، يعالج مسألة اليهود والأقليات التي تعيش في صفوفهم. وقال إنه لا يتأثر بالانتقادات عليه ولا بالإجراءات القضائية.