كوفي أنان يصل إلى سوريا خلال يومين ويقدم إفادته لمجلس الأمن الأربعاء

أنس العبدة لـ«الشرق الأوسط»: النظام مطمئن لغياب إرادة حقيقية بالتدخل العسكري حماية للمدنيين

صورة تظهر وجود قوات الأمن النظامية السورية بدوما أمس (أ.ب)
TT

أعلن أحمد فوزي المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا أنه سيقوم بزيارة دمشق خلال أيام حيث يقوم مكتبه بوضع اللمسات الأخيرة لتحضيرات الزيارة رافضا التصريح بموعد الزيارة لأسباب أمنية. وأوضح فوزي أن جان ماري غيهينو أحد مساعدي أنان قام بزيارة لسوريا استمرت 6 أيام لإجراء محادثات مع مسؤولي الحكومة وممثلين من قوى المعارضة، وعاد غيهينو إلى جنيف يوم الخميس وقام بإطلاع كوفي أنان على نتائج محادثاته.

وأشارت مصادر بالأمم المتحدة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أنان يبذل كل الجهود لإقناع كافة أطراف النزاع للالتزام بتعهداتها بتنفيذ الخطة المكونة من 6 نقاط والبدء في حوار سياسي وأن زيارته تأتي في هذا الإطار. وأوضحت المصادر أنه سيكون على أنان تقديم إفادة جديدة إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء القادم حول تطورات الأوضاع في سوريا ومدى التقدم في وقف العنف والالتزام بخطة السلام، خاصة بعد اكتمال النشر الكامل للمراقبين العسكريين غير المسلحين في سوريا بنهاية الشهر الجاري إلى 300 مراقب لمراقبة الالتزام بهدنة وقف إطلاق النار. ووفقا لقرار مجلس الأمن فإن الإطار الزمني لعمل المراقبين يستمر لمدة 90 يوما وينتهي في يوليو (تموز) القادم. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أنان سيصل دمشق مساء الأحد أو صباح الاثنين، وأنه سيتقابل مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي واشنطن، تدور محادثات داخل الإدارة الأميركية لتعزيز الاتجاه نحو الموافقة على تسليح المعارضة السورية وإمدادها بالأسلحة والتدريب. ونقلت وكالة أسوشييتد برس أن الإدارة الأميركية تريد التأكد من عناصر الجيش السوري الحر وغيره من مجموعات المعارضة قبل إمدادهم بالذخائر لمحاربة الأسد، لضمان ألا تسقط تلك الأسلحة في أيدي عناصر القاعدة أو غيرها من الجماعات المتطرفة مثل حزب الله والتي قد تستهدف إسرائيل.

وأشارت مصادر داخل البيت الأبيض إلى أن الإدارة الأميركية تبحث كافة الخيارات لحل الأزمة السورية بالتشاور مع كافة الشركاء الدوليين وتجنب اندلاع حرب أهلية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. وقال مسؤول بالبيت الأبيض في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الأميركية تدعم بشكل كامل خطة كوفي أنان لإنهاء الصراع في سوريا، وتقوم بمباحثات مع كافة الأطراف الدولية والشركاء ومجموعة أصدقاء سوريا والدول العربية والدول المجاورة لسوريا لبحث كل الإمكانات الممكنة لإنهاء الصراع الدائر، وتمكين السوريين من تقرير مصيرهم بأنفسهم». ونفى المسؤول أن الإحباط بدا يتسرب إلى الإدارة الأميركية من فشل الجهود الدولية ومجلس الأمن من وقف العنف وقال: «إننا نشعر بالقلق من استمرار وتيرة العنف، وكررنا مطالبنا للرئيس بشار الأسد بأن يتنحى عن السلطة ونعرف أن المسألة هي مسألة وقت فقط، ونريد أن نضمن تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة، وألا تقع المنطقة في صراع طائفي أو حرب أهلية».

وشدد المسؤول بالبيت الأبيض أن ما توفره الإدارة الأميركية للمعارضة السورية هي مساعدات غير قتالية، ووسائل اتصالات، وإمدادات طبية، نافيا توفير أي مساعدات عسكرية وقال: «عسكرة الصراع في سوريا لن يؤدي إلى حل الأزمة بل سيزيد من تأجيج النار وسيؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار».

وحول قيام كل من السعودية وقطر بتدعيم المعارضة بالسلاح قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «قرارانا هو دعم المعارضة بوسائل غير قتالية وهناك بلدان اتخذت قرارات أخرى وهي قرارات سيادية» وأكدت نولاند وجود مشاورات بين واشنطن وكل من قطر والإمارات والسعودية.

ومن جهته أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه «ليس لدى المنظمة الدولية خطة بديلة عن خطة المبعوث المشترك الأممي والعربي كوفي أنان لحل الأزمة في سوريا»، موضحا أنه «في هذا الوقت ليس لدينا أي خطة باء، وأنان قدم اقتراحا من 6 نقاط يكون فيها الوقف التام للعنف في المرتبة الأولى، لكن للأسف لم يطبق ذلك مع نشر بعثات المراقبين».

وشدد، خلال مقابلة تلفزيونية ليل أول من أمس، على أن «مهمة المراقبين الدوليين لا بد أن تكون مصحوبة بإرادة سياسية قوية من قبل الرئيس السوري بشار الأسد وتعاون كامل من قبل المعارضة السورية»، متحدثا عن «عدد من المعوقات التي تحول دون التوصل إلى إجراء حوار سياسي بين الطرفين».

وقال عضو المجلس الوطني السوري أنس العبدة لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع الدولي وضع كل خياراته في مبادرة أنان»، متخوفا من أن «يستنتج النظام السوري من كلام بان أن المجتمع الدولي لا يملك خيارات أخرى للتدخل في سوريا». واعتبر أن «النظام السوري لا يزال يشعر بنوع من الاطمئنان للموقف الإقليمي والدولي، لأنه لا إرادة حقيقية بالتدخل العسكري أو الأمني لحماية المدنيين في سوريا»، معربا عن اعتقاده بأنه «انطلاقا من أن بنية النظام بنية أمنية وعسكرية، فهو لا يستجيب للضغوط السياسية والاقتصادية في ظل الدعم الذي توفره له كل من روسيا والصين وإيران».

وفي موقف لافت، اعترف الأمين العام بأن «مجلس الأمن في بداية الأزمة السورية كان منقسما في مواقفه وبداخله الكثير من الآراء المتضاربة أما الآن فموقفه بات موحدا»، كاشفا عن «زيارة إلى سوريا ينوي أنان القيام بها في وقت قريب إضافة إلى قيامه ببعض الزيارات لدول مجاورة».

وفي سياق متصل، قال العبدة إنه «ربما يكون المقصود من كلام بان محاولة إدخال الجانب الروسي على الخط للإسهام بشكل فاعل»، مشيرا إلى «تسريبات عن بدء اقتناع الروس بأنه لا آفاق لحل سياسي بوجود الأسد وبوجوب أن تكون خياراتها داعمة للشعب السوري، وبأن التفاوض على انتقال سلمي للسلطة هو الخيار الوحيد ولا يمكن أن يحصل إلا باستبعاد عائلة الأسد».

وعن التقرير الصادر الخميس عن لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، قال بان إنه قرأ التقرير بنفسه وهو «تضمن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان»، من أبرزها «الاعتقالات التعسفية والقتل غير المبرر والتعذيب»، مشددا على أنه «لا تسامح مع الممارسات التي ترتكبها قوات النظام السوري في حق المحتجين من أبناء الشعب السوري على مدار أكثر من 15 شهرا مضت». وأعرب عن اعتقاده بأن «عدد ضحايا مجازر نظام بشار الأسد لا يقل بأي حال من الأحوال عن 9 آلاف شخص وأن الرقم الفعلي قد يفوق هذا الرقم بكثير».

من ناحيته، انتقد العبدة كل «من يغطي طريقة النظام في التعامل مع شعبه ويسكت على تحويل سوريا إلى مسلخ، في ظل وجود مليون نازح داخل سوريا ونزوح عشرات الآلاف خارجها»، منتقدا «الدرك الذي وصله كل من النظام السوري وأعوانه والمتسلقين حوله، الذين يثبتون فعلا أنه لا خطوط حمراء في سوريا وهم مستعدون لمسح نصف الشعب السوري شرط أن يبقى النظام قائما». وأعرب العبدة عن اعتقاده بأن «الثورة السورية تتقدم، وإن ببطء، في الطريق الصحيح لاجتثاث هذه النظام بدل الدخول في تسويات تبقيه على مساوئه»، مؤكدا بأنه «سيحاكم كل من يشكل جزءا من ماكينة النظام السوري عسكريا وإعلاميا واقتصاديا ولوجيستيا».

من جانب آخر، قال بشار الجعفري مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة إن البعثة السورية أصبحت تواجه مأزقا ماليا بسبب العقوبات الأميركية على بلاده، والتي جعلت بعثة سوريا بالأمم المتحدة غير قادرة على تسديد التزاماتها المالية للمنظمة الدولية لأول مرة منذ انضمامها للأمم المتحدة.

وقال الجعفري للجنة الموازنة بالأمم المتحدة إن الوفد السوري ليس لديه حسابات مصرفية في الولايات المتحدة لامتناع المصارف عن فتح حساب للوفد السوري وقال: «نحن لذلك غير قادرين على تلقي تحويلات كافية لتغطية النفقات اليومية لوفدنا، وغير قادرين على الوفاء بالتزاماتنا المالية تجاه المنظمة هذا العام» ووصف الجعفري عدم قدرة البعثة السورية على فتح حساب بنكي بأنه «وضع سخيف وسريالي» وحث الجعفري كلا من واشنطن والأمانة العامة للأمم المتحدة للبحث عن حل سريع لهذا الوضع الذي يمنع بعثة سوريا من أداء وظائفها.