اشتباكات متقطعة في شمال لبنان

مسؤول في حزب الله: فريق 14 آذار يريد تحويله إلى منطقة عازلة لضرب سوريا

TT

لم تتوقف التوترات الأمنية في شمال لبنان، على الرغم من اتفاق الأطراف الفاعلة في مدينة طرابلس، والجهات المعنية على التهدئة. واستعادت المدينة المظاهر المسلحة مساء أول من أمس، بعد إطلاق نار بين منطقتي جبل محسن التي تسكنها أغلبية علوية مؤيدة للنظام السوري، وباب التبانة التي تقطنها أغلبية سنية مناصرة للثورة السورية. وأتت تلك الحادثة، بعد سلسلة أحداث أمنية عاشتها المدينة الأسبوع الماضي، وتنقلت في أكثر من منطقة لبنانية، على خلفية الأحداث السورية.

وفي وقت حذر فيه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون من «امتداد الأزمة السورية إلى لبنان»، اتهم عضو المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي فريق 14 آذار بأنه «يريد تحويل شمال لبنان إلى منطقة عازلة لضرب سوريا».

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الاشتباكات التي استمرت نحو خمس دقائق، حصلت بين منطقتي بعل الدراويش والحارة الجديدة في جبل محسن، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لوضع حد لإطلاق النار، مشيرا إلى أنه بعد نحو نصف ساعة، «سقطت قذيفة اينيرغا، مجهولة المصدر، على منطقة جبل محسن، لم تسفر عن وقوع إصابات».

وأكدت المصادر أن «القذيفة سقطت على منزل كان يستقبل معزين بوفاة أحد أبناء المنطقة»، مؤكدة أنها «لم تسفر عن إصابات».

وفي حين أعلنت جميع الأطراف في المدينة التزامها التهدئة التي تم الاتفاق عليها برعاية فعاليات المدينة من رسميين وعلماء دين، إلا أن الأحداث المتنقلة بين شوارعها توحي بأن هناك «يدا خفية تعمل على توتير الأجواء». وأكد رئيس جمعية «اقرأ» بلال دقماق أن «النظام السوري مسؤول عن تلك التوترات»، مشددا على أنه «لا مصلحة للنظام في دمشق بتخفيف الاحتقان في لبنان، كونه يستفيد من التوترات الأمنية لتخفيف الضغط عن نفسه».

وإذ أعرب دقماق، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن «هناك نوايا صادقة للتهدئة في المدينة، من جميع الأطراف دون استثناء»، أكد أنه «اعتدنا أن النظام السوري يقول الشيء ويفعل عكسه»، متهما نظام الرئيس بشار الأسد «بتغذية الصراعات في لبنان.

وعما إذا كانت الاعتصامات التي تدعو إليها الجماعات السلفية في طرابلس تساهم في توتير الأجواء، خصوصا أن الحكومة اللبنانية قدمت مبادرات طيبة تجاههم، وتحديدا عبر إطلاق الموقوف شادي مولوي، أكد دقماق أن الاعتصام الذي جرى أمس في ساحة النور في طرابلس، «هو اعتصام حضاري وهادئ»، مشيرا إلى أنه لن يكون الأخير، إذ «اتخذنا قرارا بالاعتصام كل يوم جمعة في الساحة، وإقامة صلاة الجمعة فيها، إلى أن يتم إطلاق سراحهم».

واعتبر دقماق أن الدولة اللبنانية «ظلمت الموقوفين الإسلاميين، وافترت عليهم»، وكشف عن مخطط لنقل الاعتصام من ساحة النور في طرابلس إلى وسط بيروت «للضغط على الحكومة اللبنانية بغية الإسراع في إخلاء سبيل الموقوفين الإسلاميين»، مشيرا إلى أنه تم التخطيط لهذه الخطوة «بالتنسيق مع الحركات الإسلامية والجماعات السلفية في لبنان».

ولبى عدد من المتظاهرين أمس، دعوة «لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين» في سجن رومية والهيئات الإسلامية في طرابلس» للاعتصام وإقامة صلاة الجمعة في ساحة النور في طرابلس، مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية. وقُطعت نصف المنافذ والطرقات التي تؤدي إلى ساحة النور بالسيارات والإطارات المطاطية.

في المقابل، نفى عضو المكتب السياسي في الحزب العربي الديمقراطي، علي فضة، أي صلة للحزب أو لأبناء جبل محسن بالأحداث التي تجري في طرابلس، مؤكدا، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «جبل محسن تحول إلى شماعة تُعلق عليها الاتهامات بشأن التوترات الحاصلة». وتساءل: «لو كنا طرفا في المشكلة، لماذا لم نُدعَ إلى الاجتماعات لتهدئة الأوضاع؟»، مؤكدا: «لسنا طرفا في التوترات الأمنية بالمدينة».

واتهم فضة «الإرهابيين السوريين المدعومين من رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري بتوتير الأجواء والظهور بأسلحتهم في شوارع المدينة»، مشيرا إلى أن الاشتباكات التي تتنقل بين الشوارع «هي اشتباكات بين الجيش اللبناني وهؤلاء المسلحين السوريين».

وأكد فضة أن وجود الجيش الكثيف في منطقة جبل محسن «دليل على أن أهل المنطقة يرحبون بالدولة والجيش، ويدعمون عناصره»، متسائلا: «لماذا لا يوجد الجيش اللبناني في المناطق الأخرى بالكثافة نفسها، ألا يعود ذلك إلى الخطر المترتب على عناصره فيها؟».

واتهم فضة قوى 14 آذار و«المعارضين السوريين الموجودين في طرابلس» بأنهم «لا يريدون الدولة ولا الجيش في الشمال»، مشيرا إلى «أننا تحولنا إلى كبش محرقة في الصراع على خلفية الأحداث السورية، ونحاسب على خطنا السياسي ودعمنا للنظام السوري». وتزامنت تلك التطورات الأمنية مع تحذير أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون من امتداد الأزمة السورية إلى لبنان. وقال: «قلقنا جدا من أثر هذا الامتداد»، وقال: «شاهدنا طرابلس في لبنان، حيث وقعت اضطرابات وقتال بين مجموعات إثنية».

من جهته، اتهم عضو المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي فريق 14 آذار بأنه «يريد تحويل شمال لبنان إلى منطقة عازلة لضرب سوريا، لذلك هم يحاولون ضرب المؤسسة العسكرية، إلا أنهم لن ينجحوا في ذلك»، مؤكدا أن «أهل طرابلس، كما كلّ لبنان حريصون على الجيش ويطمحون إلى الاستقرار». واعتبر قماطي أن «ما قام به تيار المستقبل في بيروت، وتحديدا في الطريق الجديد، يؤكد أنهم ميليشيا عسكرية مسلحة فوضوية حاقدة لا تعمل على أي أساس وطني أو حضاري كما يدعون، ولا يتحمّلون وجود رأي آخر».

في المقابل، عزا عضو كتلة المستقبل النيابية، النائب عاصم عراجي «التوتر والإشكالات الأمنية المتنقلة إلى مسلسل مرسوم لتفجير الوضع اللبناني»، متهما «النظام السوري بالوقوف خلفه»، ودعا عراجي اللبنانيين إلى «التضامن فيما بينهم في هذه المرحلة الدقيقة».