كامبل يطالب الجمهور الإنجليزي بعدم المخاطرة وبمشاهدة كأس الأمم الأوروبية في منازلهم

شيفتشينكو ينفي وجود عنصرية في بلاده.. وتنسيق أوكراني بولندي لمكافحتها

TT

طالب سول كامبل لاعب المنتخب الإنجليزي ونادي آرسنال السابق الجمهور الإنجليزي بعدم الذهاب إلى بولندا وأوكرانيا لمتابعة مباريات منتخب بلادهم في نهائيات كأس الأمم الأوروبية التي تقام خلال الصيف الحالي. وخلال حواره مع برنامج «بانوراما» الذي يذاع على هيئة الإذاعة البريطانية، قال كامبل إنه ما كان يجب على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن يسند تنظيم بطولة كأس الأمم الأوروبية إلى بولندا وأوكرانيا بسبب انتشار التعصب والعنف هناك. وفي رسالة للجمهور الإنجليزي، قال كامبل: «ابقوا في منازلكم وشاهدوا المباريات عبر التلفاز، ولا تفكروا في المخاطرة».

ومن جهته قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إن إسناد البطولة إلى بولندا وأوكرانيا يعد فرصة لعلاج بعض المشكلات الاجتماعية هناك، بما في ذلك التعصب، كما أنه فرصة ثمينة لكلا البلدين لتحسين صورتهما أمام العالم. وكان برنامج «بانورما» قد قضى شهرا في تصوير ومتابعة المباريات التي تقام في كلتا الدولتين ولاحظ وجود تشجيع «نازي» في المدرجات، وترديد أغنيات تشبه اللاعبين السود بالقرود، علاوة على تفشي ظاهرة معاداة السامية والانتهاكات ضد الطلبة الآسيويين على نطاق واسع.

وعقب مشاهدة البرنامج قال كامبل إن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد أخطأ عندما اختار بولندا وأوكرانيا لاستضافة مثل هذه البطولة الكبرى. وأضاف مدافع المنتخب الإنجليزي السابق: «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي قد أخطأ، لأنه كان يتعين عليه أن يقول لهاتين الدولتين: (إذا أردتما تنظيم هذه البطولة فعليكما التخلص من مشكلاتكما. وما لم نشاهد تطورات كبيرة في هذا الشأن، فأنتما لا تستحقان إقامة هذه المسابقة الكبرى على أرضكما)». وأصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بيانا يقول فيه: «كأس الأمم الأوروبية 2012 سوف تلقي الضوء على الدولتين المضيفتين وتعد بمثابة فرصة كبيرة لعلاج مثل هذه القضايا الاجتماعية. لا يزال الاتحاد الأوروبي يتبنى النهج المتمثل في «عدم التسامح» مع العنصرية، سواء داخل الملعب أو خارجه. وفي نهاية المطاف يحق للحكم أن يوقف المباراة أو يقوم بإلغائها في حالة حدوث حوادث عنصرية».

وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أنه يعمل مع كل من بولندا وأوكرانيا على ضمان سلامة الفرق المشاركة في البطولة وجماهيرها. وعلى الرغم من هذه التأكيدات فإن عائلتي نجمي المنتخب الإنجليزي ثيو والكوت وأليكس أوكسلاد تشامبرلين لن يذهبا لمتابعة مباريات البطولة خشية وقوع هجمات عنصرية. وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على أن الاعتداءات العنصرية التي قامت هيئة الإذاعة البريطانية بتصويرها الشهر الماضي قد وقعت في مباريات محلية، وهي مسؤولية الاتحادات الوطنية في كلتا الدولتين.

وعلى الرغم من ذلك نصح كامبل الجمهور الإنجليزي بعدم السفر وقال: «ابقوا في منازلكم، وشاهدوا المباريات في التلفاز، ولا تفكروا في المخاطرة، لأن الأمر قد ينتهي بعودتكم في توابيت».

وفي الرابع عشر من شهر أبريل (نيسان) الماضي، وأثناء مباراة بين فريقين من أكبر الفرق في أوكرانيا على ملعب «ميتاليست» بمدينة خاركوف الأوكرانية – إحدى المدن التي ستستضيف نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 2012 – وقف نحو 2000 مشاهد في المدرجات وأعطوا لفريقهم إشارة التحية التي كانت تميز الحزب النازي.

وقال بعض المشجعين لهيئة الإذاعة البريطانية إنهم كانوا يقولون أثناء المباراة «زيغ هايل»، وهي الكلمة الألمانية التي كان يرددها الزعيم النازي هتلر بسبب كرهه لليهود والسود، وهذه هي الطريقة التي كانوا يشجعون بها فريقهم. ومن جانبه نفى قائد الشرطة بالمدينة فولوديمير كوفريغن أن تكون هذه التحية مستوحاة من النازية، مضيفا أن «الجمهور كان يشير في اتجاه جمهور الفريق المنافس، ولذا بدا الأمر وكأنه يرفع يده اليمنى للجمهور، وهي طريقة لجذب الانتباه لا أكثر».

وفي مباراة أخرى بعد ذلك بأسبوعين اندلعت اشتباكات بين جمهور ناديين ونجحت الشرطة في فض الاشتباك وتهدئة الأمور، ولكن الوضع تصاعد مرة أخرى عندما بدأ أنصار نادي ميتاليست في مهاجمة مجموعة صغيرة من جمهور نفس النادي الذي يقومون بتشجيعه، وهم مجموعة من الطلبة الهنود يدرسون في أوكرانيا، والذين كانوا يجلسون في المنطقة المخصصة للعائلات في المدرجات، معتقدين أنهم سيكونون بمنأى عن ذلك التعصب الأعمى. وفي الحجرة الطبية للملعب عقب اللقاء، قال أحد الطلبة المصابين: «كنا نشجع نفس الفريق المضيف، إنه أمر مرعب».

ومن جانبها نصحت الحكومة البريطانية رعاياها من الأصول الآسيوية أو منطقة البحر الكاريبي بأن يتخذوا مزيدا من الحذر أثناء مباريات البطولة في أوكرانيا بسبب احتمال اندلاع هجمات بدوافع عنصرية. وعلاوة على ذلك، أظهر الفيلم الذي كشف عنه برنامج «بانوراما» أحداث عنف وعنصرية في الدولة المضيفة الأخرى وهي بولندا، حيث يظهر الفيلم عددا من الجمهور وهو يهتف بشعارات معادية للسامية ويرددون هتافات تصف اللاعبين السود بالقرود.

وكان نيك لوليس، الذي ينتمي إلى إحدى المجموعات المناهضة للعنصرية، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها وتحمل اسم «أمل في عدم الكراهية»، قد سافر هو الآخر إلى بولندا لمراقبة الأحداث العنصرية هناك. وقال لوليس إن ما رآه هناك يجعله قلقا للغاية على سفر المشجعين غير البيض لمساندة المنتخب الإنجليزي في البطولة. وأضاف لوليس: «النقطة الإيجابية في كرة القدم الإنجليزية هي هذا العدد الكبير من أنصار الفريق السود والآسيويين الذين يسافرون خلف الفريق لمساندته في كل مكان، وأنا قلق من أن يتعرضوا لهجمات من المتعصبين والمتشددين والمعادين للسامية في أوكرانيا». وفي بولندا قال جوناثان أورنشتين من المركز الثقافي اليهودي: «الأشياء التي تحدث في ملاعب كرة القدم وحشية ومحرجة للدولة بأكملها، وأعتقد أن جميع البولنديين يتفقون معي في ذلك». من جهته قال النجم الأوكراني أندريه شيفتشينكو لهيئة الإذاعة البريطانية: «لا نعاني من مشكلة حقيقية في ما يتعلق بالعنصرية، حيث تنعم الدولة بالهدوء ويتمتع الشعب بالود والمحبة». وجاءت تأكيدات شيفتشينكو بعد أن أعلنت عائلة ثيو والكوت أنها لن تسافر لمشاهدة مباريات كأس الأمم الأوروبية في بولندا وأوكرانيا خوفا من العنصرية. ومع ذلك صرح شيفتشينكو، الذي حصل على كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مع نادي تشيلسي خلال الفترة بين عامي 2006 و2009، بأنه يتوقع أن تمر كأس الأمم الأوروبية عام 2012 بسلام ودون أي مشكلة عنصرية، على الرغم من أنه لم يكن قد شاهد الفيلم الذي عرضه برنامج «بانورما» عندما تم إجراء الحوار معه.

وأضاف شيفتشينكو، قبل تصريحات كامبل: «أعلم أن أوكرانيا تبذل كل ما لديها من جهد لكي تخرج البطولة بأفضل شكل ممكن، وأعرف أن الدولة تبذل مجهودا كبيرا في المطارات والشوارع والملاعب على مدار الأعوام الخمسة الماضية، ولم نسمع بأي مشكلات عنصرية في البلاد». ومن جانبه قلل النجم الأوكراني السابق في صفوف آرسنال الإنجليزي أوليغ لوزني من المخاوف بشأن احتمال وقوع مشكلات عنصرية، وقال: «لا، لا، لم أسمع بمثل هذه المشكلات مطلقا. لدينا لاعبون من نيجيريا، ولم أسمع مطلقا عن أي مشكلات عنصرية».

ووردا على هذه الأقاويل كشفت بولندا وأوكرانيا أول من أمس عن جانب جديد من التنسيق والتعاون بينهما في استضافة بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2012) بعدما اتفق المسؤولون في البلدين على نبذ العنصرية ومكافحة أي مشكلات من هذا القبيل على هامش فعاليات البطولة.

وتستضيف بولندا وأوكرانيا فعاليات البطولة بالتنظيم المشترك في ما بينهما خلال الفترة من الثامن من يونيو (حزيران) إلى أول يوليو (تموز) المقبلين.

وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: «العنصرية ليست ظاهرة بولندية. ما من أحد سيحضر لمتابعة يورو 2012 ويكون عرضة للتهديدات».

وفي المقابل تحدثت وزارة الخارجية الأوكرانية عن «حملة» لمكافحة العنصرية بعدما أعلن بعض أقارب اللاعبين أصحاب البشرة السوداء هروبهم من أوكرانيا بسبب العنصرية. وأعلنت أوكرانيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، عن عقوبات صارمة ضد الإهانات العنصرية وأنها لن تقبل أي إهانات عنصرية تجاه اللاعبين أصحاب البشرة السمراء في منتخبي إنجلترا وفرنسا. وأكدت وزارة الخارجية أن أوكرانيا بلد آمن. ورصدت منظمات مكافحة العنصرية في البلدين، خلال السنوات القليلة الماضية، عددا من حالات العنصرية في الاستادات وكان في مقدمتها السخرية والألفاظ العدائية ضد اللاعبين أصحاب البشرة السمراء.