بعد اليونان.. تزايد المخاوف حول إسبانيا يزيد طين اقتصاد أوروبا ومعها العالم بلة

المفوضية: إسبانيا قد تحتاج إلى عام إضافي لتحقيق التوازن في ماليتها

متعامل منفعل في بورصة مدريد (أ.ب)
TT

تراجع خام القياس الأوروبي مزيج «برنت» دون 106 دولارات للبرميل أمس، مع تزايد المخاوف حول مستقبل البنوك في إسبانيا، بينما أشارت الصين إلى أنها لا تخطط لتحفيز كبير، مما قلص توقعات الطلب.

وستصدر إسبانيا قريبا سندات جديدة لتمويل بنوكها المتعثرة وأقاليمها المثقلة بالديون حتى مع اقتراب تكلفة اقتراضها من سبعة في المائة، وهو مستوى من الصعب تحمله دفع دولا أخرى في منطقة اليورو إلى طلب مساعدات دولية.

ومما زاد المخاوف أيضا أن الصين، وهي محرك النمو العالمي، لن تنمو بالسرعة المأمولة، حيث قال خبراء صينيون بارزون في تصريحات نشرت في صحف كبرى تدعمها الحكومة اليوم أنه من المنتظر ألا تقدم بكين على اتخاذ إجراءات تحفيزية قوية. وانخفض خام برنت 1.23 دولار إلى 105.45 دولار للبرميل، قبل أن تتفاقم خسائره ليصل إلى 105.02 دولار للبرميل. وهبط برنت 11.7 في المائة منذ بداية مايو (أيار) مسجلا أكبر تراجع في عامين. وتراجع الخام الأميركي الخفيف 1.07 دولار إلى 89.69 دولار للبرميل.

من جهة أخرى، تراجع الذهب لليوم الثاني أمس متأثرا بضعف اليورو، في الوقت الذي تعصف فيه أزمة ديون منطقة اليورو بإسبانيا وتدفع المستثمرين للهرولة لالتماس الأمان في الدولار الأميركي. وهبط اليورو هبوطا حادا مقابل الين، وظل قريبا من أدنى مستوياته في عامين مقابل الدولار مع تصاعد المخاوف حيال الملاءة المالية للبنوك الإسبانية وقدرة مدريد على إنقاذ قطاعها المالي.

ونزل سعر الذهب الفوري 0.1 في المائة مقارنة بالإغلاق السابق إلى 1552.74 دولار للأوقية – الأونصة - بحلول الساعة 11.25 بتوقيت غرينتش. وتراجع الذهب نحو سبعة في المائة الشهر الحالي ليسجل أسوأ أداء شهري منذ ديسمبر (كانون الأول) حين نزل نحو 11 في المائة. وفقدت الفضة 0.3 في المائة لتبلغ 27.73 دولار للأوقية في سبيلها لتسجيل تراجع للشهر الثالث على التوالي بعد أن خسرت 11 في المائة تقريبا منذ بداية مايو. وهبط سعر البلاتين 1.2 في المائة إلى 1407.49 دولار للأوقية، وانخفض البلاديوم 1.1 في المائة إلى 594.47 دولار للأوقية.

وفي بروكسل، أعلن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين، في مؤتمر صحافي أمس، أن المفوضية الأوروبية مستعدة لتمديد المهلة المحددة لإسبانيا لتحقيق أهدافها في الميزانية «لسنة واحدة». وقرار كهذا سيمهل إسبانيا إلى 2014 وليس كما كان مقررا إلى 2013 للعودة إلى نسبة العجز المحددة بثلاثة في المائة. لكن الكلمة الأخيرة في هذا الشأن تعود إلى الدول الأوروبية.

من جهة أخرى، قالت المفوضية الأوروبية في توصيات أمس إن منطقة اليورو يجب أن تدعم النمو وتخفض الدين لاستعادة ثقة المستثمرين، لكن ينبغي عليها أيضا أن تتحرك صوب وحدة مصرفية وتدرس إصدار سندات مشتركة باليورو وتجري عملية إعادة رسملة مباشرة لبنوكها من صندوق الإنقاذ الدائم.

وبحسب «رويترز»، ففي وثائق توضح الاستراتيجية الاقتصادية لمنطقة اليورو، تناولت المفوضية مباشرة مخاوف الأسواق حول مشكلات القطاع المصرفي الإسباني والتكلفة التي تتحملها الحكومة لإنقاذه، مما دفع تكلفة الاقتراض في إسبانيا إلى مستويات من الصعب تحملها. ويخشى المستثمرون من أن الوضع المالي في إسبانيا، التي تكافح بالفعل لخفض عجز متضخم في الميزانية في وقت يتسم بالركود، سيصبح من الصعب تحمله إذا اضطرت لإنقاذ بنوكها بعد أن تحول الازدهار في سوق العقارات إلى انهيار مما ترك جميع البنوك الإسبانية تقريبا مثقلة بقروض عقارية متعثرة السداد.

وقالت المفوضية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إن الحلقة المفرغة التي تتمثل في بنوك ضعيفة ودول مدينة تقرض بعضها بعضا ينبغي كسرها. وأضافت «سيشكل تكامل أوثق بين دول منطقة اليورو في الهياكل الإشرافية والممارسات وإدارة الأزمات وتحمل الأعباء والاتجاه صوب وحدة مصرفية استكمالا مهما في الهيكل الحالي للوحدة الاقتصادية والنقدية الأوروبية».

وتعتزم المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، زيادة الضغوط على الدول الأعضاء التي تعصف بها أزمات مالية لتقديم توصيات بشأن كيفية التعامل مع شؤونها المالية وإصلاح اقتصاداتها في ظل مواصلة مشاكلها في زعزعة استقرار أسواق المال. وقال دبلوماسيون إنه من المتوقع أن تدفع المراجعة دول الاتحاد الأوروبي لإجراء المزيد من الإصلاحات وخفض الإنفاق وتنفيذ إجراءات لتعزيز النمو.

وكانت المفوضية وجهت انتقادات حادة للدول الأعضاء لأنها قدمت خططا اعتبرتها أنها «تفتقر في كثير من الأحيان للقبول والخصوصية». ومن خلال استقبال الخطط الاقتصادية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للعام القادم كي يتم التدقيق فيها من جانب المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء، تأمل الدول الأعضاء في التحرك نحو تحقيق وقاية أكبر من الأزمة.

وتنطوي الفكرة على أن إجراء مراجعة مبكرة من شأنه أن يسمح للاتحاد الأوروبي بالحيلولة دون حدوث أزمات مالية عبر السماح لقادتها بالدعوة لإجراء تغيير إذا ما بدا أن خطة لإحدى الدول الأعضاء قد تتسبب في مشكلة اقتصادية. وتتزايد المخاطر في ظل تكهنات بأن اليونان على شفا الخروج من منطقة اليورو، وأن إسبانيا ستطلب حزمة إنقاذ دولية في ظل كفاحها لضبط شؤون قطاعها المصرفي.

من جانب آخر، كشف مؤشر رئيسي للاتحاد الأوروبي، أمس، أن الثقة في الاقتصاد الأوروبي لا تزال تتسم بالتشاؤم، لكن المستهلكين خلال الشهر الحالي خالفوا هذا الاتجاه وأصبحوا أكثر تفاؤلا. وقالت المفوضية الأوروبية إن مؤشرها للثقة الاقتصادية الذي تتم متابعته عن كثب قد تراجع بمقدار 2.3 نقطة، ليصل إلى 90.6 نقطة في منطقة اليورو، وانخفض بمقدار 2.7 نقطة إلى 90.5 نقطة في الاتحاد. وتضم منطقة اليورو 17 دولة من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأوضحت المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، في بيان أن «التراجع في المنطقتين قاده انخفاض الثقة في كل قطاعات الأعمال خصوصا في الصناعة وتجارة التجزئة». غير أنها أشارت إلى «تزايد الثقة بين المستهلكين في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو على حد سواء».