الجزائر: بوادر انشقاق في جبهة القوى الاشتراكية بسبب «صفقة مع السلطة»

تريد شراء صمته حيال تزوير الانتخابات

TT

يواجه أقدم حزب معارض بالجزائر، أزمة غير مسبوقة تهدد بانقسامه بسبب تذمر قياديين مما اعتبروه «صفقة عقدتها القيادة مع النظام». وأكثر ما يعاب على القيادة أنها أعلنت رضاها عن انتخابات البرلمان التي جرت في 10 مايو (أيار) 2012. بينما نددت كل أحزاب المعارضة، إلى جانب حزب واحد مشارك في الحكومة، بـ«التزوير المفضوح».

وفجر النائب كريم طابو، السكرتير الأول سابقا لجبهة القوى الاشتراكية قنبلة مدوية بحديثه عن «ممارسات بوليسية تقوم بها قيادة الحزب ضد مناضلين نددوا بصمتها، حيال التزوير الصارخ الذي وقع في الانتخابات التشريعية».

وقال طابو في بيان أمس، إن الحزب «انحرف سياسيا عن نهجه المبني على المعارضة الراديكالية، وأثبت تواطؤا مع النظام القائم».

ولأول مرة يخرج قيادي من «القوى الاشتراكية» إلى العلن ليندد بانفصالها عن خط المعارضة الذي يعتبر عقيدة راسخة في الحزب، وهذا منذ فترة النشاط السري في عقد الستينات من القرن الماضي.

وعرفت «الجبهة» بتشددها ضد السلطة، ورفضها كل مبادرة ومشروع قادم من المسؤولين في الدولة مهما كان طبيعته. والدليل أنها رفضت المشاركة في موعدين انتخابيين برلمانيين (2002 و2007)، بحجة أن السلطة ترفض التغيير. ولذلك كانت مشاركة الحزب في الانتخابات الأخيرة مفاجئة، ومدعاة للشك في وجود اتفاق سري مع السلطة، طالما أنه لا تتوفر مؤشرات تغيير في النظام السياسي.

وذكر طابو في بيانه أن «كل المراقبين والأحزاب وحتى لجنة مراقبة الانتخابات، أدانوا التجاوزات والتزوير الخطير الذي وقع في الاقتراع، بل وحتى ملء الصناديق في مكاتب الانتخاب. وأمام كل ذلك، وقفت قيادة حزبنا متفرجة بل صامتة بشكل محير. والأدهى من ذلك، أبدى الحزب ارتياحا بعد تثبيت التزوير (تثبيت نتائج الانتخابات يوم 15 مايو) من طرف المجلس الدستوري، عوض التنديد بالمساومات التي يريد النظام فرضها».

يشار إلى أن «المجلس الدستوري» منح «جبهة القوى الاشتراكية»، 6 مقاعد إضافية بعد دراسة الطعون ومراجعة نتائج الانتخابات. فبعدما فاز بـ21 مقعدا (من 462)، حصل في النهاية على 27 مقعدا. وقال طابو إن المقاعد الإضافية لا يستحقها حزبه: «بل جاءت نتيجة صفقة مع النظام لشراء سكوته على التزوير». واتهم القيادة بـ«إطلاق حملة ضد المناضلين والقياديين الذين انتفضوا ضد هذه الصفقة المشينة». وأطلق سمير بوعكوير، القيادي المقيم بفرنسا، نفس التهم ضد القيادة الحالية التي يشرف عليها علي العسكري. ودعاها إلى «تحمل مسؤوليتها أمام القاعدة النضالية التي لا يمكن استغفالها». وقال العسكري للصحافة بخصوص هذه التهم، إن الحزب «لا يمكن أن يوافق أبدا على خروج قيادييه من الصف للجهر بقضايا تتعلق بالتسيير الداخلي». وأعلن إحالة الغاضبين على هيئات التأديب. وأضاف أن انتقاد الحزب «هو هجوم شخصي على رئيسه»، يقصد رجل الثورة حسين آيت أحمد المقيم بمنفاه الاختياري بسويسرا، والذي لم يعد قادرا بحكم تقدمه في السن (88 سنة)، على مواكبة ما يجري في حزبه.