باراك يدعو إلى الانسحاب من طرف واحد من الضفة الغربية

اليمين يرد بغضب: إنه «حالة ميئوس منها» لكن عزاءنا أنه لا يتكلم باسم الحكومة

مسن فلسطيني يتجادل مع مستوطن، بعد أن منعه الجيش الإسرائيلي من العمل في أرضه، في قرية تقوع أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، حكومته إلى التفكير في إمكانية الانسحاب من طرف واحد من الضفة الغربية في حال الاستمرار في الجمود في مفاوضات السلام أو الفشل في هذه المفاوضات في حال استئنافها على غرار ما فعل في جنوب لبنان عندما كان رئيسا للوزراء عام 2000. وقال باراك، في كلمته في المؤتمر السنوي لـ«معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب، أمس: «نحن نتمتع بأكثرية 94 عضو كنيست في الائتلاف الحكومي (من مجموع 120 نائبا)، وعلينا أن نقدم على خطوات عميقة لتسوية الصراع مع الفلسطينيين. هذا هو الوقت لمبادرة إسرائيلية نحو عملية سياسية تغير من صورة الأوضاع في المنطقة». وأضاف أنه في حال لم يكن بالإمكان التوصل إلى اتفاق بشأن الحل الدائم مع الفلسطينيين، يجب دراسة إمكانية القيام بتسوية مؤقتة أو حتى القيام بعملية انسحاب من جانب واحد. وقال مقربون من باراك إن مبادرته هذه تنسجم مع مواقف رئيس حزب كديما، شاؤول موفاز، الذي يطرح تسوية مؤقتة مبنية على الانسحاب من مناطق جديدة في الضفة الغربية تجعل السلطة الفلسطينية مسيطرة على 60 في المائة من الأرض (بدلا من 40 في المائة الآن)، وإعلان دولة فلسطينية عليها، مع الاستعداد الإسرائيلي للتعهد بالانسحاب من بقية مساحة الضفة الغربية في ختام خمس سنوات من المفاوضات المباشرة بين الدولتين، إسرائيل وفلسطين.

ويرى باراك أن استمرار الوضع الحالي حيث المفاوضات مجمدة والمستوطنون يوسعون الاستيطان، يخلق وضعا متفجرا في كل لحظة. وقال باراك في كلمته أمس: «نحن نعيش اليوم في وقت ضائع. والبعض يرى فيه وضعا مثاليا. لكننا إذا واصلنا الجلوس هكذا مكتوفي الأيدي، ستصطدم رؤوسنا بالحائط وسندفع ثمنا باهظا. وأنا أقول هذا الكلام في إطار الإنذار والتحذير، لكي لا نقول فيما بعد: لم نر ولم نسمع ولم نعرف».

وقد أثارت تصريحات باراك ردود فعل غاضبة في أوساط المستوطنين في الضفة الغربية والسياسيين الذين اعتادوا منافقتهم في الآونة الأخيرة. فقال وزير المعارف في حكومته، جدعون ساعر (وهو من حزب الليكود)، إن اقتراح باراك خطير للغاية ويشكل دعوة مستهجنة لتكرار الانسحاب المهرول من لبنان الذي قاده باراك نفسه في سنة 2000 والانسحاب من قطاع غزة الذي قاده أرئيل شارون في سنة 2005. وأضاف: «الانسحاب بهذه الطريقة ثبت فشله، إذ إن لبنان وقطاع غزة تحولا إلى مصدر لإطلاق الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية في الشمال وفي الجنوب، فهل يريد لنا أن نتلقى الصواريخ في تل أبيب؟». وقال ساعر إن ما يعزيه في الموضوع هو أن أقوال باراك قيلت كرأي شخصي جدا، وهي لا تعبر عن سياسة الحكومة، مضيفا أنه إذا كانت تمثل أحدا في الائتلاف الحكومي، فإنها تمثل أقلية ضئيلة لا تأثير لها. وقال رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، داني ديان: «إن باراك حالة ميئوس منها. فهو لا يرى ولا يسمع ولا يفهم ما يجري هنا خلال سبع سنوات، منذ الانسحاب الإجرامي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية. فإن ذلك الانسحاب كان كارثة لإسرائيل ولن نسمح له بتكرارها». ودعا ديان إلى استغلال واقع وجود حكومة تستند إلى قاعدة برلمانية عريضة كهذه، تحت قيادة اليمين «من أجل تقوية إسرائيل وليس إضعافها. وتقويتها تكون فقط بتعزيز وتوسيع المشروع الاستيطاني». ودعا ديان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لأن يبرهن للجمهور على أن باراك لا يطرح مشروعه باسم الحكومة.

ورد مقربون من باراك على هذا الهجوم بالقول إن «هناك من يريد لإسرائيل أن تظل تدفن رأسها في الرمل ولا ترى ما يحيط بها من تطورات. هؤلاء يعرفون كيف يندبون بعد الكارثة، ونحن نريد أن نمنع الكارثة المحدقة بنا. فالجمود في العملية السلمية يخلق فراغا مدمرا، يستغله كل أعداء السلام في المنطقة، وخصوصا المتطرفين. وفي ظل التغيرات في العالم العربي، يكون من الخطأ الاستراتيجي التصرف بسلبية. وعلى إسرائيل أن تبادر لشيء ما يحرك الأوضاع في الاتجاه الإيجابي. ولمحوا إلى أن التحرك الإيجابي في قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، سيساهم في تعزيز التحالف الدولي والإقليمي في المعركة ضد التسلح النووي الإيراني.

وقد رحبت بأقوال باراك حركة «مستقبل أبيض أزرق» بقيادة الجنرال عامي ايلون، الرئيس الأسبق للمخابرات الإسرائيلية، الذي قال إن حكومة مسؤولة وحكيمة في إسرائيل تبادر إلى تحريك الموضوع الفلسطيني لما فيه من مصلحة التسوية على أساس مبدأ «دولتين للشعبين». ولكن أيلون حذر من تنفيذ انسحاب من طرف واحد من دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية. وقال: «إن الخطأ في خطة الفصل ليس الانسحاب من قطاع غزة كمبدأ، بل في الانسحاب من طرف واحد بلا تنسيق مع أصحاب الشأن». واعتبر أيلون الانسحاب من طرف واحد، «إذا تم وفق خطة مدروسة ومتفق عليها مع الفلسطينيين سيكون عملية حيوية ذات أهمية تاريخية في الشرق الأوسط».