الحكومة البريطانية تواجه «كابوسا» مع مثول وزراء أمام لجنة أخلاقيات الصحافة

احتجاز المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء ثانية من قبل الشرطة

آندي كولسون يصل في حافلة صغيرة للشرطة في مدينة غلاسكو (رويترز)
TT

قبل يوم من مثول وزير الثقافة البريطاني جيرمي هانت أمام لجنة ليفيسون التي تحقق في أخلاقيات الصحافة على خلفية فضيحة القرصنة التليفونية، دافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن قرار تعيين الوزير مسؤولا عن ملف صفقة الاستحواذ على «بي سكاي بي» من قبل روبرت مردوخ.

وعلى الرغم من إصرار كاميرون على موقفه هذا أمام منتقديه بخصوص قضية الوزير هانت، الذي خسر أقرب مستشاريه قبل أسابيع بسبب الصفقة، فإن ذلك لن يخفف من الضغوط السياسية على الحكومة خلال هذا الأسبوع الحافل، الذي سيشهد مثول عدد من الوزراء أمام اللجنة نفسها.

وبالأمس، مثل أمام اللجنة وزير الأعمال فينس كابل، الديمقراطي الليبرالي في الحكومة الائتلافية، الذي أبعد عن ملف الصفقة بعد أشهر من قدوم الحكومة الائتلافية بسبب موقفه «العدائي» تجاه مؤسسة مردوخ. ووصف أحد المساعدين عملية مساءلة الوزراء واحدا تلو الآخر أمام لجنة ليفيسون بأنه تمثل «كابوسا» للحكومة، خصوصا أنها تواجه مشاكل في الميزانية وركودا اقتصاديا مزدوجا وكذلك تداعيات منطقة اليورو في حال خروج اليونان منها.

وقال مساعد مقرب من الدوائر الحاكمة، قدم تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس» وطلب عدم الإفصاح عن اسمه، إن الحكومة في وضع لا تحسد عليه، وأصبح من الصعب عليها القيام بنشاطاتها على أحسن وجه لأن الإدلاء بشهادات عدد من الوزراء سوف يلهي الحكومة عن المشاكل الرئيسية ويربك عملها.

ومنذ بداية الأسبوع واللجنة تستمع لعدد من الوزراء، ومثل يوم أول من أمس وزير التعليم مايكل غوف، وكذلك وزيرة الداخلية تريزا ماي، أمام اللجنة. واليوم الخميس جاء دور جيرمي هانت الذي ما زالت المعارضة تطالب برأسه بعد أن تبين أن مساعده أباح بالكثير من المعلومات الحساسة حول صفقة «بي سكاي بي» لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، التي يرأسها روبرت مردوخ والمدرجة على بورصة نيويورك.

وكانت مؤسسة مردوخ، المتهمة في فضيحة القرصنة، تحاول الاستحواذ على باقي أسهم «بي سكاي بي»، أي 61 في المائة من عددها الإجمالي، والتي قدرت بقيمة 12 مليار دولار. وتخلت «نيوز كوربوريشن» عن الصفقة العام الماضي مع اندلاع فضيحة التنصت.

كما سيمثل كاميرون نفسه ونائبه نيك كليغ أمام اللجنة، وكذلك وزير الخزانة جورج أوزبورن. أي أن الحكومة ستبقى مشغولة في الدفاع عن نفسها أمام العديد من الاتهامات، مثل العلاقة غير الصحية مع مؤسسة مردوخ، ومنها تسريب معلومات حول الصفقة وتوظيف آندي كولسون، رئيس تحرير صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» سابقا، الذي عمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء. وكولسون هو أحد الأشخاص المتهمين في فضيحة التنصت، وقد تم اعتقاله من قبل جهاز الشرطة سابقا، وأعيد اعتقاله مرة ثانية أمس.

وقالت الشرطة البريطانية أمس إنها اعتقلت المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للاشتباه في حنثه باليمين حين نفى أي علم له بتنصت صحافيين في «نيوز أوف ذي وورلد» على هواتف مواطنين أمام المحكمة عام 2010.

وقال مكتب الشرطة إن آندي كولسون احتجز من قبل ضباط الشرطة الذين يحققون في مزاعم عن حنثه باليمين أمام المحكمة العليا في غلاسكو بشأن تقرير نشر في الصحيفة التي يملكها مردوخ حين كان كولسون رئيسا لتحريرها. وأدلى كولسون بشهادته أمام المحكمة حين كان يعمل متحدثا باسم كاميرون، وقال إنه لم يكن يعلم بأي تصرف غير قانوني من جانب الصحافيين حين كان رئيسا للتحرير.

واستقال كولسون من الصحيفة حين دخل مراسله لشؤون البلاط الملكي ومحقق خاص السجن لإدانتهما بالتجسس على الهواتف عام 2007. ونفى كولسون علمه بهذه الممارسات غير المشروعة من جانب الصحافيين، لكنه قال إنه في النهاية يتحمل المسؤولية.

وبعد أشهر عمل مع كاميرون حين كان وقتها في صفوف المعارضة، وبعد أن دخل الحكومة شارك كولسون في وضع استراتيجيته وشبكة اتصالاته. واستقال كولسون من هذا المنصب في يناير (كانون الثاني) عام 2011 حين أعادت الشرطة البريطانية فتح التحقيق.

وقبل عدة أسابيع تبين أن كولسون اطلع على بعض القضايا الحساسة، وحضر عددا من الاجتماعات مع بعض الأجهزة الأمنية على الرغم من أنه لم يخضع لتدقيق أمني من قبل الوكالات الحكومية المختصة. وأبلغ آندي كولسون أن حزب المحافظين سأله بضعة أسئلة فقط بشأن ماضيه، ولم يجر فحصا أمنيا شاملا بشأنه عند تعيينه.

واستمع التحقيق أيضا إلى أن كولسون كان يمتلك أسهما في مؤسسة «نيوز كورب» المملوكة لمردوخ خلال عمله في الحكومة، وهو ما قال التحقيق إنه ربما يشكل تعارضا في المصالح. ويتهم منتقدو كاميرون رئيس الوزراء بأنه عين كولسون لكسب تأييد مردوخ، ويقولون إن تعيينه يشير إلى سوء تقدير شديد.

وخلال مثوله أمام المحكمة سأل روبرت جي محامي اللجنة كولسون «هل سمح لك في أي مرة بالوصول من دون رقابة لمعلومات مصنفة على أنها سرية للغاية أو أعلى من ذلك؟»، فأجاب بنعم. وسأله ثانية «هل حضرت أي اجتماعات لمجلس الأمن القومي؟» في إشارة إلى المجلس الذي يضم كبار السياسيين وكبار المسؤولين الدفاعيين ومسؤولي المخابرات ويرأسه كاميرون.. وأجاب كولسون «نعم».

وكشف كولسون أيضا عن أنه تلقى مدفوعات مالية ورعاية صحية قدمتها له صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» في إطار إجراءات إنهاء الخدمة بينما كان يعمل مع كاميرون.