الفنانون الهنود يعبرون الحدود للعمل في الأفلام والإعلانات الباكستانية

فاتنات «بوليوود» يروجن لقطاع الملابس هناك

النجمة الهندية سونام وكيرسيما كابور
TT

في الوقت الذي يحاول فيه معظم الممثلين والموسيقيين الباكستانيين البحث عن عمل داخل السينما الهندية، هناك القليلون في «بوليوود» ممن عبروا الحدود للعمل في أفلام باكستانية، وكذلك تنفيذ بعض المشاريع الإعلانية الكبرى هناك. فقد انتهى الممثل الهندي القدير نصير الدين شاه من تصوير فيلمه الباكستاني الثاني في لاهور (باكستان) باسم «زندا باغ»، وهو يتناول الهجرة غير الشرعية، وتدور قصته حول استعجال الشباب في العثور على وسيلة سريعة للسفر إلى الخارج، ومن هنا جاءت تسمية الفيلم «زندا باغ» (أي «الهروب»). وهذا ليس أول ظهور للممثل الكبير البالغ من العمر 61 عاما في فيلم باكستاني، حيث سبق له لعب دور رئيسي في فيلم «خودا كي لي» (عام 2007)، الذي حاز إعجاب النقاد. وكان مخرج الفيلم، شعيب منصور، يرغب في التعاون مع شاه في فيلمه التالي «بول»، إلا أن الأخير لم يكن متفرغا.

وقد أنعم على شاه بجائزة «بادما بوشان» (وهي أحد الأوسمة المدنية في الهند) في عام 2003، تقديرا لمكانته الكبيرة في عالم التمثيل. ويعد فيلم «زندا باغ» أول الأفلام البنجابية الباكستانية التي يمثلها، حيث عبر أكثر من مرة عن رغبته في العمل في أفلام باكستانية واكتساب شعبية كبيرة هنا.

وقد سمحت الحكومة الباكستانية للهنود بالعمل في صناعة الترفيه بها منذ عام 2006، حينما حصل منتجو التلفزيون الباكستانيون على توقيع بعض نجوم التلفزيون الهنود كي يشاركوا في برامج ومسلسلات تلفزيونية في باكستان، من أجل استغلال الشعبية التي يتمتعون بها هناك بفضل القنوات الفضائية. إلا أن أول ممثلة شهيرة من «بوليوود» تمثل في فيلم باكستاني كانت كيرون كير، التي شاركت في الفيلم الباكستاني «خاموش باني» (أي «المياه الساكنة»)، وحصلت من خلال دورها فيه على الكثير من التقدير والإشادة، كما فازت بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم من عدد من المهرجانات السينمائية، من بينها «مهرجان كيب تاون السينمائي العالمي» و«مهرجان لوكارنو السينمائي» في سويسرا. ويلقي فيلم «خاموش باني»، وهو إنتاج باكستاني - فرنسي - ألماني مشترك تم تصويره في باكستان، الضوء على تردي أوضاع المرأة في عام 1979، في ظل الحكم العسكري للجنرال ضياء الحق، كما يتناول الفيلم أيضا حركة «الأسلمة» في باكستان والانعكاسات الاجتماعية للتيار الأصولي على البلاد.

ولا بد أن نصدق كيرون كير حينما تقول: «كانت تجربة العمل في باكستان تجربة رائعة. لقد عملت هناك حينما كان يوجد توتر بين البلدين، وكان يوجد حشد كبير للقوات على الحدود. ورغم ذلك، فقد تلقيت ترحابا حارا في باكستان».

وفي برنامج حواري يحتل المركز الثاني ضمن البرامج التلفزيونية الأعلى مشاهدة في باكستان، أكد الممثل ديب شيخا أنه يوجد إقبال كبير على الممثلين الهنود هناك. ويؤكد ممثل سينمائي وتلفزيوني آخر من الهند، هو رضا مراد، الذي سبق أن شارك في أحد المسلسلات لحساب التلفزيون الباكستاني: «إذا عمل ممثلون من بلادنا في مسلسلات باكستانية، فإن هذا قد يساعد على إزالة الحواجز الموجودة بين البلدين».

ولا يقتصر هذا على الأفلام والمسلسلات التلفزيونية فحسب، بل إن الشركات الباكستانية تتعاقد مع كبار ممثلي «بوليوود» للإعلان عن منتجاتها. وقد بدأ هذا الاتجاه في عام 2010، حين شاركت ملكة «بوليوود» المتوجة كارينا كابور في الدعاية لمجموعة شركات صناعة النسيج الباكستانية العريقة «فردوس للغزل والنسيج». وتمر كارينا كابور، التي تعرف في «بوليوود» باسم الشهرة بيبو، بأزهى فترة في تاريخها السينمائي حاليا.

ثم دخلت شركة «كريسينت للغزل والنسيج» في اللعبة، وأضفت عليها بعض البهارات من خلال الاستعانة بملكة جمال الكون السابقة وممثلة «بوليوود» سوشميتا سين. وبعد ذلك، نجحت شركة «فردوس» في الحصول على توقيع ممثلة هندية مثيرة أخرى، هي ديبيكا بادوكون، كي تقدم دعاية للملابس التي تنتجها الشركة. وحاليا، تتأهب فاتنة ثالثة من فاتنات «بوليوود»، وهي سونام كابور، المعروفة بحسن اختيار ملابسها، لعرض إبداعات شركة «فردوس» في مجال الأزياء. ورغم أنها كممثلة لم تقم بأي عمل مهني حقق شعبية في باكستان، فهي تحظى هناك بنفس ما تتمتع به في الهند من التقدير لرونقها الساحر وحسها في اختيار ملابسها.

وفي العام الحالي، استعانت شركة «فردوس» بأيقونة «بوليوود» سونام كابور لتقديم منتجاتها، بينما اختارت شركة «كريسينت» كاريشما كابور، شقيقة كارينا الكبرى التي كانت قد وصلت في يوم من الأيام إلى القمة في «بوليوود»، قبل أن تبتعد عن الساحة بسبب الزواج والتفرغ لتربية أبنائها.

ولكن على عكس سونام وكارينا، فقد أخذت كاريشما وقتها كي تلتحق بركب الإعلانات. وقد تحدثت كاريشما عن تجربتها في العمل مع المصمم فاراز مانان في تشكيلة «كريسينت»، قائلة إنها كانت تجربة رائعة وإنها أحبت ارتداء ملابس الشركة لأنها تتفق مع ذوقها.

وقد سار كل شيء على ما يرام، وتم الأمر برمته بطريقة في منتهى الاحترافية. وتشكيلة هذا العام من تصميم فاراز مانان، الذي أوضح لماذا كانت كاريشما ذات الـ37 ربيعا هي الاختيار السليم من أجل الترويج لحملة الشركة هذا العام، حيث قال لوسائل الإعلام: «لقد استقررت على اختيار كاريشما نظرا لذوقها الرفيع وأناقتها البالغة، علاوة على أن لها قاعدة كبيرة من المعجبين في باكستان. وفي اتساق مع فلسفتي في التصميم، فقد صممت هذه التشكيلة بحيث تجمع بين الكلاسيكية والمعاصرة، وهي تحافظ على روح التقاليد الممزوجة بالاستخدام العملي كي تناسب دولاب ملابس المرأة الحديثة. وكاريشما، بأسلوبها ومكانتها في عالم الأناقة، تجسد هذه التشكيلة على أتم وجه».

ومن المثير للإعجاب حقا مدى ترحيب ممثلات «بوليوود» بارتداء أزياء الشركات الباكستانية. ومن خلال زيادة عدد الأفلام الهندية التي ستعرض هذا الصيف في باكستان، فإن صناعة النسيج هناك تعرف كيف تسوق منتجاتها بين الجماهير.

وفي المقابل، يرحب جميع نجوم «بوليوود» بالترويج للمنتجات الباكستانية. ويقول مانيش بوروال، العضو المنتدب في شركة «ألكيميست تالنت سوليوشنز»: «لقد بدأت صناعة الدعاية والإعلان الباكستانية تدخل مرحلة النضج، وبالتالي فمن المنطقي بالنسبة للنجوم الهنود أن يروجوا لمنتجاتها».

ويعتبر المال هو الدافع الرئيسي الذي يقود الممثلين الهنود إلى الدعاية للمنتجات الباكستانية، إذ يؤكد كازي مسعود من «رابطة الدعاية والإعلان الباكستانية» أن «المال وفير هنا، والنجوم الهنود يحصلون على أجور أعلى بكثير من نظرائهم الباكستانيين».

ورغم أن النجوم الهنود يطلبون أجورا باهظة، فإن الشركات الباكستانية تسعى وراء الأسماء الهندية نظرا لشعبيتها الجارفة. ويقول سيمين خان، مدير الابتكارات الوطنية في وكالة «جيه دابليو تي» للدعاية والإعلان في كراتشي: «النجوم الهنود يكلفوننا أكثر بكثير، لأن أفلام (بوليوود) لها شعبية طاغية هنا. ونظرا لتراجع عدد النجوم الذين يظهرون في السينما الباكستانية، فلا يوجد سوى القليل من الاختيارات المحلية أمام الشركات هنا».

ويتفق معه الممثل الباكستاني ميرا، حيث يؤكد قائلا «الممثلون الهنود يحصلون على الملايين مقابل الإعلانات، نظرا لهوس الجميع بـ(بوليوود)».

ومع ذلك، فقد أثار إعلان ظهرت فيه الممثلة الهندية كاترينا كايف مؤخرا للدعاية لمنتج «فيت»، وهو أحد منتجات إزالة الشعر للنساء، موجة من الاحتجاجات وتم منعه من العرض. وقد نسبت الحملة الاحتجاجية إلى جماعتين لم يسمع بهما أحد من قبل، وهما «جمعية توعية المرأة» و«المنتدى المهني للمرأة»، اللتان صرحتا بأن هذه الإعلانات تثير الغرائز وتنشر السوقية، كما زعمتا أيضا أن مضمون اللوحات الإعلانية قد يتسبب في حوادث مرورية.