السعودية تجدد إدانتها للإرهاب.. وتبدي استعدادها للانضمام إلى الجهود الدولية لمكافحته

خلال أعمال المجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب

TT

جددت السعودية إدانتها واستنكارها للإرهاب بكل أشكاله ومظاهره وأيا كان مرتكبوه، وأعلنت عن استعدادها التام للانضمام إلى الجهود الدولية المبذولة لمكافحته.

جاء ذلك في كلمة لخادم الحرمين الشريفين في مستهل أعمال الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ألقاها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية نيابة عن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وقال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية: «في البداية لا بد لي أن أشكر السيد بان كي مون على الجهد الذي بذله في إنشاء المركز، كما أعبر لكم عن خالص الشكر لحضوركم إلى المملكة العربية السعودية والمشاركة في أعمال الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، الذي يعقد أعماله في مدينة جدة، وإنني على يقين بأن حكمتكم وخبرتكم وتعاونكم ستسهم بلا شك في إنجاح أعمال الاجتماع».

وأضاف الأمير سعود الفيصل: «إن من نافلة القول أن من أهم التحديات التي تواجهنا في الوقت الراهن ظاهرة الإرهاب التي لم تعد محاربتها شأنا محليا ينحصر في حدود دولة ما، وإنما تعدت ذلك لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره. وقد أكدت المملكة العربية السعودية في الكثير من المناسبات والمحافل الدولية إدانتها واستنكارها للإرهاب بكل أشكاله ومظاهره وأيا كان مرتكبوه، وأعلنت استعدادها التام للانضمام إلى الجهود الدولية المبذولة لمكافحته، والإسهام بفعالية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف ظاهرة الإرهاب ومعالجة أسبابها واجتثاث جذورها، وهو الموقف الذي يعبر عن سياستها الثابتة والمستمرة ضد الإرهاب الدولي ومرتكبيه. ونثمن أيضا هذه الخطوات، وقد قامت المملكة من جانبها بالكثير من الجهود والإجراءات الداخلية والإقليمية والدولية في سبيل التصدي الفعال لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها لكونها أحد أهم المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين».

وتابع الأمير سعود الفيصل قائلا: «إن هذا التحدي لا يمكن مواجهته إلا من خلال وضع المجتمع الدولي استراتيجيات شاملة ومتكاملة ومدعومة، فمكافحة الإرهاب تعد مسؤولية دولية مشتركة تتطلب أعلى درجات التنسيق والتعاون بين أعضاء المجتمع الدولي. وما تبني استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب عام 2006م (قرار الجمعية العامة 60 / 288) إلا دليل على أن الإرهاب يتطلب لمكافحته تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول، وهو أمر يجسده إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، المبادرة التي تبناها المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد بمدينة الرياض عام 2005م، كما أيدتها الكثير من قرارات المنظمات الدولية والإقليمية، وتم الإشارة إليها في استراتيجية الأمم المتحدة كأحد تدابير منع ومحاربة الإرهاب، الأمر الذي أسهم في أن تكون هذه المبادرة أمرا واقعا بتوقيع اتفاقية تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب (UNCTC) تحت مظلة الأمم المتحدة في 19 سبتمبر (أيلول) 2011م بمدينة نيويورك. وإيمانا من المملكة بأهمية التعاون والإسهام في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب قامت بتقديم دعم مالي لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب على مدى السنوات الثلاث الأولى بمقدار 10 ملايين دولار».

واستطرد الأمير سعود الفيصل قائلا: «السيد الرئيس، تدرك المملكة العربية السعودية أن إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يعتبر تتويجا لمقاصد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، ويتطلب جهدا جماعيا يصب في نهاية المطاف في مواجهة ظاهرة الإرهاب، مع الأخذ بعين الاعتبار العناصر التالية: أن المركز ليس بديلا عن الهيئات والهياكل الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، والتي تقوم بدور ملموس في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بل سيكون سندا وداعما في تنسيق هذه الجهود وتحقيق الفاعلية المطلوبة للإجراءات والتدابير الرامية إلى الوقاية من الإرهاب ومكافحته. أهمية دور المركز في تبادل الخبرات وبرامج التدريب وبناء القدرات وتقديم الدعم للدول الأعضاء، والتنسيق في مجال بلورة وتبادل التشريعات والإجراءات الملائمة والتعاون في مجال توعية التربويين والإعلاميين والجمهور العام بمخاطر الإرهاب وضرورة محاربته وأهمية عدم الترويج للفكر المحرض عليه، وتطوير قاعدة بيانات لأفضل الممارسات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. إن المركز هو داعم ورافد أساسي لتحقيق وتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ويعكس أهميتها، كما أنه سيساعد في تبادل الأساليب الخاصة بمكافحة أسباب الإرهاب، وتسريع الحوار والتفاهم المشترك بين أعضائه، مما سيدعم تطوير الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمكافحة ظاهرة الإرهاب. إننا نأمل من هذا المركز الذي يشكل أهم مؤسسة أممية متخصصة في مكافحة الإرهاب المساهمة في تحقيق الغايات والأهداف التي من أجلها أنشئ هذا المركز، وتعزيز دور الأمم المتحدة في تعريف ظاهرة الإرهاب ومعالجة أسبابها ومكافحتها بكل حزم لدعم الاستقرار والسلم الدوليين».

وزاد الأمير سعود قائلا: «السيد الرئيس، لا يسعني في الختام إلا أن أشير إلى أننا نتطلع إلى ما سيتوصل إليه الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب من نتائج تعمل على دعم وتفعيل التنسيق والتعاون وتضافر الجهود الدولية لمواجهة ظاهرة الإرهاب والقضاء عليها، وأن نبدي في الوقت ذاته أملنا في أن تكون الجدية والمصداقية هي منهجنا في هذا المركز حتى يستطيع أن يتبوأ مكانته في الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة حتى لا تستشري، وأن يكون جزءا فاعلا للتصدي لها».

من جهته نوه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة خلال كلمته بدعم السعودية ودورها المهم في جعل مركز الأمم المتحدة لمكافحة للإرهاب حقيقة. وقال: «لم تمضِ فترة طويلة منذ إقامة قوة المهام في مقر الأمم المتحدة، ولكن في هذا الوقت القصير فإن المركز جذب اهتماما كبيرا بين المساهمين بمقاومة الإرهاب والسياسيين، وجذب دعما قويا من الدول الأعضاء».

وزاد: «إن وجود الكثير من الممثلين الدائمين ومسؤولين كبار من العواصم هنا اليوم هو شهادة أخرى على توسع وعمق لهذا الدعم، فالإرهاب مستمر في التأثير على كل المناطق في العالم، وحصد أرواحا وأطاح بالآمال من أجل السلام والرخاء، ولكن العالم يرد على ذلك التهديد والخطر».

ولفت إلى أن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية للتصدي للإرهاب، التي تبنتها كل الدول الأعضاء، هي حجر الزاوية في رد جماعي عالمي، وإن مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب يعزز قوة مهام تطبيق مكافحة الإرهاب لدعم الدول الأعضاء في تطبيق الاستراتيجية.

وحث كي مون مركز مكافحة الإرهاب لدعم استراتيجيات مماثلة في مناطق أخرى للتركيز على تطوير قدرات مؤسسية وفنية على المستوى القومي.

وبيّن أن «مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب يمكن أن يقدم دعما في هذا المجال، خصوصا في مجال توسيع ومراجعة الاستراتيجيات القومية، فبناء سعة الاستيعاب تكون بالتخطيط الشامل والتحليل القوي، وإن عددا آخر من الموضوعات الأخرى تحتاج إلى دعم المركز»، مشير إلى أن «وقف تمويل الإرهاب هو أيضا مجال مهم، حيث تكون مواجهات مقبولة عالميا في حاجة لكي تطبق بفعالية».

واستطرد: «إننا في حاجة إلى فهم إغراءات الإرهاب، وهذا يعني بناء ثقافة للحوار ونشر التعليم وتشجيع ارتباطات الجماعات المحلية، فإن أهمية حقوق الإنسان وهي تتصدى للإرهاب لا يمكن أن تعطى أكبر من حجمها، ولكن يجب أن نتحرك إلى أبعد من الدعم المعنوي ونبرهن حقيقة عبر أعمالنا، وإن التزامنا هو أننا تتمسك بحقوق الإنسان وسيادة القانون».

وزاد: «إن مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب قام بمهام أخرى لتعزيز العمل العالمي في إبراز ودعم محنة ضحايا الإرهاب، وإن ضحايا الإرهاب وعائلاتهم هم بين الأصوات القوية في مكافحة الإرهاب، وأنا أدعو المركز لدعم جهودهم».

وتطرق الأمين العام للأمم المتحدة إلى دعم المسيرة والنشاطات لشهور قادمة من خلال المناقشات التي تجري اليوم، وقال: «إنني على ثقة أن عمل المركز يسهم في نشاطات قوة مهام تطبيق مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة التي توسعت كثيرا، والآن تغطي الكثير من الموضوعات بدعم 31 وكالة تابعة للأمم المتحدة وشركاء عالميين، فهذا وقت مهم في النضال ضد الإرهاب».