العراقيون يخشون أن تجر مواقف ساستهم البلاد إلى واقع أمني خطير

بعضهم يرى في الاستفتاء الشعبي مخرجا من الأزمة

TT

يترقب العراقيون بحذر أجواء الاجتماعات السرية والعلنية التي تجريها الأطراف السياسية في أماكن متفرقة من البلاد لاتخاذ قرار حاسم بشأن تلويح بعض الأطراف بالعمل على سحب الثقة من الحكومة العراقية الحالية بزعامة نوري المالكي.

وتعيش الأطراف السياسية الممثلة في الكتل الكبرى بالبرلمان العراقي والحكومة حالة من الشرذمة وعدم الاتفاق على قرار حاسم بشأن الموافقة على سحب الثقة من حكومة المالكي من عدمها؛ الأمر الذي يرى فيه العراقيون أنه مرشح لأن يجر البلاد إلى واقع أمني خطير، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

وقال خالد وليد، 36 عاما، موظف حكومي إن «العملية السياسية في طريقها إلى الهاوية ما لم تتخذ قرارات جريئة للخروج من الأزمة بطريقة عقلانية بعيدة عن أجواء الربيع العربي، وعلى الجميع أن يتيقن أن التشبث بالسلطة نهايته مأساوية، وما آلت إليه نهايات كل من الرئيس العراقي صدام حسين والعقيد الليبي معمر القذافي والرئيس المصري حسني مبارك، خير دليل على الاستفادة من دروس الماضي». وأضاف: «أدعو الجميع إلى أن يوحدوا مواقفهم ويبعدوا البلاد عن المشكلات.. لقد شبعنا مآسي ودمارا ودماء وقتلا وسرقات والعيش في دولة غير آمنه». وأوضح أن «خيار الاستفتاء الشعبي للخروج من الأزمة أمر منطقي، لأن الشعب قادر على قلب المعادلة السياسية كونه المتضرر الوحيد مما يجري حاليا، وليس السياسيين، وهو خيار ديمقراطي». ويقضي السياسيون وقتا طويلا يمتد إلى ساعات متأخرة من الليل في مشاورات ثنائية وجماعية تضم هذه الكتلة أو تلك من أجل بلورة موقف للخروج من الأزمة رغم أنها ليست المرة الأولى التي تعيشها البلاد، بل هي امتداد للحالة السياسية التي يعيشها العراق منذ الإطاحة بالرئيس صدام. ويرى عراقيون أن ما يجري من أزمة لا يعدو أن يكون امتدادا لأخطاء السياسيين الذين استبدلوا بأحكام الدستور العراقي منطق التوافق لإدارة البلاد، مما أبعد البلاد عن طريق الحل السياسي للمشكلات وفق الدستور بل بالتراضي، مما أدى إلى تواصل حدوث الأزمات بشكل متسلسل دون انقطاع، لأي سبب.

وقالت سارة عبد الجبار، 29عاما، موظفة: «لقد سئمنا تصرفات قادتنا السياسيين، وأثبتت الأيام أنهم قادة فاشلون لا يملكون أية رؤية سياسية، بل هم مجموعة من الأشخاص لا يهمهم سوى جني الأموال على حساب دماء العراقيين. وأعتقد أنهم جميعا ينتمون إلى مدرسة صدام حسين الطامحة إلى التشبث بالسلطة، وأرى أن نهايتهم مأساوية ما لم يصححوا توجهاتهم». وذكرت أن «من أبرز ملامح فشل السياسيين أنهم مع اشتداد أية أزمة يطرحون مخاطر تقسيم العراق وتشكيل الفيدراليات ولا يعترفون أنهم فشلوا في تطبيق أحكام الدستور بدقة بعيدا عن المكاسب التي يجب أن تعطى لهذا الطرف أو ذاك بعيدا حتى عن المنطق، خاصة ما يتعلق بالثروات والبطالة وتوزيع فرص العمل على الجميع».

بدوره، يرى النائب محمود عثمان، عضو التحالف الكردستاني، أن «عملية سحب الثقة عن الحكومة تحتاج إلى استجواب، وهي عملية دستورية». وأضاف أن «الحراك السياسي ولقاءات الكتل مستمرة، وأن المشهد الأخير تحدده التفاهمات التي يمكن أن تنجم عن تلك اللقاءات، واستجابة التحالف لرغبة الكتل في إجراء إصلاحات سياسية وبحث مطالبها بشكل جدي قد يكون مفتاح الحل للأزمة الراهنة».

ويبدو أن التفاهمات السياسية اليوم لا تزال بعيدة المنال بسبب الهوة في الطروحات بين كل الأطراف، لكن الحل ليس بعيدا في التوافق بين الأطراف السياسية للتوصل إلى حل وقتي للخروج من الأزمة التي تؤسس لمشكلة خطيرة قد تتفجر في وقت لاحق، وهو أمر اعتاد عليه العراقيون منذ عام 2003.