أعلن منتدى الشباب المغربي أول من أمس عن مبادرة شبابية مغربية غير مسبوقة، تتعلق بتشكيل «حكومة شباب» موازية للحكومة المغربية الفعلية، وتضم 25 وزيرا شابا ضمنهم ثماني وزيرات. وعلى الرغم من الطابع غير الرسمي لهذه «الحكومة» فإنها ستعمل ندا للحكومة الفعلية ومن اختصاصاتها التنسيق مع الوزراء الرسميين ومراقبة قطاعاتهم في إطار ما تسمح به مقتضيات الدستور.
ولقيت هذه المبادرة اهتماما من طرف الحكومة المغربية، حيث حضر وزيران اللقاء الصحافي الذي تم خلاله الإعلان عن التشكيلة الشابة، وهما مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، والحبيب الشوباني وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، كما حضرها سفيرا أميركا وبريطانيا في الرباط.
وقال الوزير الشوباني بمناسبة ميلاد حكومة الشباب: «إن هذه المبادرة تأتي لإغناء التحولات التي يعرفها المشهد المغربي». ونصح الوزير الشوباني «الوزراء الشباب» بالاقتداء بقصة «الضفدعة الصماء»، وسرد لهم حكاية الضفادع التي قررت تنظيم سباق، واجتمعت الحيوانات والزواحف يوم الانطلاقة لا لشيء إلا للتهكم على الضفادع لكونها ليست أهلا للركض أصلا. وأشار إلى أنه ما إن انطلق سباق الضفادع حتى بدأ كل حيوان يصفر ويسخر، الشيء الذي أثر على نفسية المتسابقين وتخلوا عن السباق، باستثناء ضفدعة واحدة تمكنت من الوصول إلى خط النهاية. وكان ذلك مبعث استغراب الجميع، حيث قاومت بشدة تهكم المتفرجين، ليتبين في الأخير أنها ضفدعة صماء، وأن صممها جنّبها الاستماع إلى أسباب الفشل. وأضاف أن تشكيل الحكومات ليس بالأمر السهل ما دامت الأحزاب السياسية تفشل أحيانا في تشكيلها، وزاد قائلا: «إن هذه المبادرة تدل على أن الشباب المغربي يرفض ما هو موجود، لكنه لا يقف عند الرفض، بل يقترح البدائل».
البديل الذي جاء به الشباب المغربي لم يكن مبادرة مرتجلة كما قال «رئيس حكومة الشباب»، بل كانت نتاج شهور من العمل والتشاور مع السلطات العامة منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث أطلق «منتدى الشباب المغربي» (جمعية مدنية) حملة من أجل الترشيح لتشكيل حكومة الشباب، وقال إن اللجنة توصلت بـ170 طلبا. واشترطت اللجنة أن يتراوح سن «الوزراء» المترشحين ما بين 18 و35 سنة، وأن يرفق الوزير المرشح ملفه ببيان معلومات شخصية عنه، وأن يختار القطاع الذي يريد إدارته وأن يكون على دراية به، ويملأ استمارة خاصة أعدت لهذا الغرض.
وأضاف المصدر أن عملية الاختيار الأولى أسقطت تسعة مرشحين وتواصلت عملية دراسة الطلبات إلى أن تم في 29 أبريل (نيسان) الماضي اختيار 25 وزيرا ضمنهم ثماني وزيرات، وهي إشارة لا تخلو من دلالات، لأن النساء لم يحظين بتمثيلية في التشكيلة الحكومية الرسمية، حيث اقتصر الأمر على وزيرة واحدة هي بسيمة الحقاوي التي تتولى حقيبة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وتقرر في «حكومة الشباب» إسناد هذه الحقيبة لشاب على خلاف ما جرت به العادة منذ إنشاء هذه الوزارة أول مرة في 1998 مع حكومة عبد الرحمن اليوسفي، حيث كانت تسند إلى النساء وليس إلى الرجال.
إلى ذلك، تمت مراعاة تمثيل جميع المناطق الجغرافية في المغرب عند تشكيل «حكومة الشباب» مع الحرص على الكفاءات وتمثيل جميع الحساسيات الثقافية. واحتجت إحدى المتدخلات على عدم إشراك أي وزير أو وزيرة من الصحراء. وخلال اللقاء تحدث عدد من الوزراء الشباب وضمنهم «رئيس الحكومة» باللغة الأمازيغية إشارة واضحة إلى التفاهم والتعايش. يشار كذلك إلى أن عددا من «الوزراء الشباب» في الحكومة الموازية حاصلون على شهادات الدكتوراه في مختلف التخصصات، ومنهم من يجمع بين الدكتوراه وأكثر من شهادة أخرى.
وحسب برنامجها، ستعمل حكومة الشباب الموازية على نشر الديمقراطية، والحكامة الجيدة، والعدالة الاجتماعية، والشفافية، والنزاهة، كقيم سيدافعون عنها، مع تمكين الكثير من الشباب المغربي من بلورة وتقييم السياسات الحكومية، وتمكينه عبر آليات التكوين وفرصة الخبرة الميدانية من خلال مشروع حكومة الشباب الموازية من المساهمة إلى جانب الهيئات الاستشارية والتشريعية المنتخبة والسلطات في خلق سياسة شبابية مندمجة تنتقل من الاهتمام على مستوى الخطابات السياسية إلى الواقع.
وترمي حكومة الشباب الموازية إلى «المساهمة في جعل الشباب قوة اقتراحية فاعلة في التغيير الإيجابي للبلاد»، كما ستعتمد من خلال برنامجها على منهجية عمل تركز على عقد لقاءات دورية مع الفاعلية المدنية والسياسية، وكذا سيتكلف كل شاب في حكومة الشباب بتتبع سياسة وزير في قطاع معين والعمل على تنسيق اجتماعات دورية مع الوزير المعني، مع إعداد تقارير دورية ونشرها في وسائل الإعلام. أو من خلال عقد ندوات صحافية وإصدار تقارير باعتبار أن ذلك هو وسيلة عملها المتاحة، قبل أن يزف إليهم الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني خبر فتح البرلمان أمامهم ليكون مجالا للترافع في جميع القضايا التي تهم الشعب. ووعدهم الشوباني أيضا بأنه سيسهل مهام حكومة الشباب من خلال ترتيب مواعد مع زملائه الوزراء. وسيعمل المشاركون في حكومة الشباب الموازية، بعد تلقيهم تكوينا في مجال السياسات الحكومية، على بلورة منهجية علمية بمعية خبراء في القانون والسياسات العمومية من أجل التحليل والتقييم الموضوعي للسياسات. وتعتبر حكومة الشباب الموازية مبادرة مدنية غير حكومية أطلقها «منتدى الشباب المغربي»، وهو جمعية وطنية تعنى بقضايا الشباب والشأن العام، تستمد مرجعيتها من الدستور الذي منح للمجتمع المدني دورا متقدما في ما يخص إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها تقديم بدائل عملية قابلة للتحقيق.
وأوضحت بسام عزاوي (وزيرة الاتصال الناطقة باسم حكومة الشباب) أن الحكومة الموازية ليست عبارة عن مكتب دراسات أو هيئة تمثيلية أو منتخبة، كما أنها لا تدعي تمثيل الشباب كافة، لكنها مبادرة شبابية هدفها الأسمى ليس اللقب الرمزي لوزير شاب، وإنما تمكين جيل صاعد من الشباب الذي سيصبح يوما في مراكز صنع القرار وتمكينه من الآليات الضرورية لاكتساب تجارب ومهارات لفهم السياسات العامة وكيفية متابعتها وتقييمها. وفي ما يلي الأسماء «المستوزرة» ضمن التشكيلة الحكومية الشابة: ابتسام عزاوي (مهندسة دولة) وزيرة الاتصال الناطقة باسم حكومة الشباب، يسرى بلقايد (ماجستير في اقتصاد الشركات) وزيرة الاقتصاد والمالية، زينب اللطفي (طالبة) وزيرة الإسكان والتعمير، وديع العامري (خريج قانون) وزير التربية والتعليم، مصطفى حماوي (خريج الميكانيك والكهرباء) وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، أديب الغول (خريج تكوين الأطر) وزير الخارجية، الوردي العباس (دكتوراه في القانون) وزير العدل والحريات، شعيب الأزهر (خريج تكوين الأطر) وزير الشباب والرياضة، مروان خليفة (مهندس قناطر) وزير التجهيز والنقل، زهير ماعيزي (دبلوم الدولة في التمريض) وزير الصحة، جيهان بونخيل (ماجستير في الاقتصاد) وزيرة مكلفة بالميزانية، محمد ألمو (ماجستير في السياحة والتواصل) وزير السياحة، عبد اللطيف البضي (ماجستير في الأمن وتدبير المخاطر) وزير وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، حميدة طه (ماجستير في التواصل السياسي) وزيرة الثقافة، عبد الفتاح الدغمي (3 دبلومات: المحاسبة. تقني الصناعات الميكانيكية. تدبير المقاولات) وزير الصناعة التقليدية، ياسين الصويدي (ماجستير في علوم البيئة) وزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حمزة الساخي (بكالوريوس إدارة الأعمال) وزير مكلف بالمغاربة في الخارج، محمد نوفل عامر (سنة دكتوراه في القانون عام، وماجستير في الشأن العام، بكالوريوس علوم سياسية) وزير الشؤون العامة والحكامة، نوال حرنفي (دبلوم التكنولوجيات التطبيقية) وزيرة تحديث القطاعات العامة، هند إدريسي بوغنبور (ماجستير في حقوق الإنسان والحريات العامة) وزيرة الداخلية، مهدي إدار (مهندس دولة) وزير الفلاحة والصيد البحري، عبد الفتاح الإدريسي (دبلوم التنمية الدولية وبكالوريوس في اللغة الأنجليزية) وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ثم إسماعيل الحمراوي (خريج المعهد الملكي لتكوين الأطر، حاصل على دبلوم التنمية والمرأة من اليونيسكو، وعدة شهادات حول التنمية والشباب وحقوق الإنسان) وهو شاب يتقن فن الخطابة وهو بمثابة رئيس الحكومة الموازية.
وقال إسماعيل الحمراوي إن وزراءه لا يتقاضون أجورا، وإن مهامهم تبقى تطوعية بالكامل هم وأعضاء دواوينهم ومستشاريهم، بيد أنه علق أن المجانية تضر، ربما في إشارة إلى ضرورة حصول حكومتهم على الدعم المالي الذي يقدم للجمعيات على اعتبار أن حكومة الشباب المغربي الموازية تبقى بمثابة جمعية مدنية هي الأخرى.
تجدر الإشارة إلى شباب بعض البلدان أعجبوا بمبادرة الشباب المغربي وطالبوهم بالتعاون من أجل إرساء حكومات موازية في كل من هولندا وتركيا.