دعوة رسمية في الجزائر لتعويض ضحايا معتقلات الصحراء مطلع التسعينات

جدل بين السياسيين حول تأخر إعلان الحكومة بعد 22 يوما على الانتخابات

TT

صرح مسؤول هيئة حقوقية مرتبطة بالرئاسة في الجزائر أنه طلب في تقريره المرفوع سنويا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منح تعويضات مادية لعشرات الآلاف من الإسلاميين، بسبب سجنهم دون محاكمة لمدة تراوحت بين سنة وخمس سنوات مطلع تسعينات القرن الماضي. وقال فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان، للإذاعة الحكومية أمس إن عدد هؤلاء الإسلاميين 18 ألفا، «تعرضوا لضرر معنوي وجسدي لا جدال حوله، ولم يحصلوا على التعويض في إطار المصالحة»، وهي سياسة اعتمدتها السلطات منذ 2005 للملمة الجراح التي خلفتها الأزمة الأمنية في البلاد. وفتحت السلطات عام 1992 «مراكز أمنية» بالصحراء الكبرى لسجن عشرات الآلاف من أنصار «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بذريعة أنهم كانوا سيجنحون إلى العنف بعد أن تدخل الجيش لوقف زحف «الإنقاذ» إلى السلطة، غداة فوزه العريض في انتخابات البرلمان نهاية 1991. وتضمن تقرير اللجنة أيضا، حسب مسؤولها دعوة إلى تعويض الأشخاص الذين خرب الإرهاب بيوتهم وممتلكاتهم المنقولة والثابتة.

إلى ذلك، يحتدم جدل في الأوساط السياسية وفي الصحافة حو «تأخر» استقالة الحكومة التي تأتي عادة بعد كل انتخابات برلمانية. وقال رئيس الوزراء أحمد أويحيى، أول من أمس، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «هو وحده من ينهي مهام الحكومة». وجرت الانتخابات في العاشر من الشهر الماضي. وأوضح أويحيى أن دستور البلاد «لا يلزم الحكومة بالاستقالة، فالأمر يتعلق بتقليد لا يغير». وأضاف: «الحكومة تشتغل وكل قطاعات النشاط تشتغل وفي كل الأحوال سيقدم الوزير الأول استقالته». وحول متى سيتم ذلك، رد أويحيى الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي بمناسبة انتهاء أشغال الحزب الذي يقوده التجمع الوطني الديمقراطي: «اسمي أحمد أويحيى وليس عبد العزيز بوتفليقة»، يقصد أن من يأمر الحكومة بتقديم استقالتها هو رئيس الجمهورية.

ويثار جدل كبير حول الأسباب التي تجعل بوتفليقة يحتفظ بالطاقم الحكومي الحالي، خصوصا أن ستة من أعضائه أنهى مهامهم قبل انطلاق أول جلسة للبرلمان الجديد، بسبب انتخابهم نوابا. وهم وزراء الأشغال العمومية والبريد والعمل والبيئة والنقل والتعليم العالي. ووزع بوتفليقة الحقائب التي كان يحملها هؤلاء على ستة وزراء آخرين، يمارسون حاليا المناصب الستة بالنيابة. ويقول مقربون من بوتفليقة لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الجمهورية «لا يجد حرجا في أن يستمر الوضع على حاله. فالحكومة تمارس مهامها بشكل عادي وليس هناك ما يستعجل استخلاف الوزراء الذين التحقوا بالبرلمان». وذكر نفس المقربين أن بوتفليقة «يكره أن يشعر بالضغط من أية جهة تريد دفعه إلى اتخاذ قرار أو القيام بمبادرة، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق باختيار رجال في مواقع المسؤولية».

ولا يبدو أمام الرئيس خيارات كثيرة بشأن التغيير الحكومي المرتقب. فإما أن يحتفظ بأحمد أويحيى في منصبه، وإما أن يستخلفه بواحد من أسماء يتداولها الوسط السياسي بقوة حاليا، وهم محمد الصغير باباس رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي حاليا، ومستشار بوتفليقة سابقا. ووزير الموارد المائية عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة في انتخابات الرئاسة في 2004 و2009، ووزير العمل السابق الطيب لوح، وهو من أقرب المسؤولين إليه، ووزير البيئة وتهيئة الإقليم السابق الشريف رحماني، وبدرجة أقل وزير الأشغال العمومية السابق، الإسلامي عمر غول. يشار إلى أن حزب الرئيس (جبهة التحرير الوطني) هو الحاصل على الأغلبية (202 مقعد من 462)، ومنطقيا يعود إليه تشكيل الحكومة، لكن الدستور الجزائري يضع الأمر بين يدي رئيس الدولة. وهي قضية لا يستسيغها الكثير من الفاعلين في الساحة السياسية.

وأعلنت أحزاب المعارضة رفضها المشاركة في الحكومة الجديدة حتى قبل أن تتلقى عرضا من الرئيس، وهي جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال وجبهة العدالة والتنمية. وصرح قادة الحزب الإسلامي، حركة مجتمع السلم، الذي يملك وزراء في الحكومة الحالية، بأنهم لن يشاركوا في الطاقم الجديد لأنهم يتهمون السلطة بـ«تزوير الانتخابات».

وأمام هذا الوضع سيضطر بوتفليقة إلى تشكيل فريق شبيه بالفريق الحالي إلى حد ما، متكون من جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي وبعض الشخصيات غير الحزبية.