تعزيزات غير مسبوقة على الحدود مع لبنان تشمل آليات ثقيلة ومضادات للطيران

تعرض البقيعة اللبنانية لإطلاق نار سوري.. ومخاوف من عملية عسكرية تطال وادي خالد

صورة يعود تاريخها إلى الأول من شهر يونيو الجاري تظهر جنودا سوريين على الحدود المشتركة مع لبنان (رويترز)
TT

تضاعفت المخاوف على الحدود اللبنانية السورية، أمس، بعدما عزز الجيش السوري قواته على الحدود المتاخمة لمنطقة وادي خالد في شمال لبنان، بالإضافة إلى الترتيبات العسكرية التي جرت على الحدود، ومنها إزالة بعض السواتر الترابية التي كانت تخفي آلياته العسكرية.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة «شهدت يوم أمس تعزيزات عسكرية غير مسبوقة»، تمثلت باستقدام الجيش السوري «عددا كبيرا من الدبابات وناقلات الجند والمدفعيات الثقيلة إلى المنطقة، بعد أن كان الوجود العسكري يقتصر على دبابتين أو ثلاث، إلى جانب رشاشات ثقيلة ومضادات للطائرات»، مشيرة إلى أن الجيش «أجرى ترتيبات جديدة، إذ حدّث مواقعه العسكرية، وأزال بعض السواتر الترابية التي رفعها على الحدود قبل عام».

وأثارت تلك الترتيبات والتعزيزات مخاوف أبناء المنطقة من «عملية عسكرية يجري التحضير إليها لقصف مواقع محددة في منطقة وادي خالد»، وذلك بعد أطلق الجيش السوري، أمس، النار من مواقعه الحدودية على الجانب السوري باتجاه بلدة البقيعة في وادي الخالد المتاخمة للحدود اللبنانية - السورية.

وطالب الأهالي الجيش اللبناني بالتدخل عبر إجراء انتشار مسبق على الحدود، تحسبا لأي عملية عسكرية أو توغل في الأراضي اللبنانية. وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن الأهالي «يناشدون الجيش التدخل قبل وقوع أي اعتداء، لأن الانتشار بعد تعرض القرى لإطلاق النار، لا ينفع»، مشيرا إلى «تساؤلات يطرحها سكان المنطقة عما إذا كان الجيش السوري (يحضر لعملية عسكرية واسعة تستهدف المنطقة، أو قصف أهداف في لبنان بعد التعزيزات التي استقدمها إلى مواقعه)».

إلى ذلك، أطلق الجيش السوري، مساء أول من أمس، النار باتجاه قرية البقيعة في الأراضي اللبنانية، بالتزامن مع قصف الجيش لقلعة الحصن في حمص المواجهة لمنطقة وادي خالد، وقصف منطقة تلكلخ بالمدفعية.

ووضعت مصادر ميدانية هذا الحدث ضمن إطار «العمل الروتيني الذي تقوم به القوات السورية، حين تقصف قلعة الحصن، تخوفا من دخول مسلحين عبر وادي خالد، أو الرد على مصادر النيران السورية من المنطقة المحاذية للحدود».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن إطلاق النار على الحدود «تزامن مع قصف قلعة الحصن التي تتمركز فيها كتيبة خالد بن الوليد التابعة للجيش السوري الحر»، لافتة إلى أن إطلاق النار على الجانب اللبناني «يجري عادة لتغطية القوات السورية مرابض مدفعيتها التي تقصف المنطقة داخل الأراضي السورية». وبدأ قصف القلعة، بحسب المصادر، «عند الساعة السابعة والنصف من مساء أول من أمس، وتواصل بمعدل قذيفة كل خمس دقائق حتى الثانية من فجر أمس»، موضحة أن هذه المنطقة، إلى جانب منطقة العريضة المقابلة لمنطقة البقيعة اللبنانية المحاذية للنهر الكبير (التي تبعد كيلومترا واحدا عن الحدود السورية) «تتعرض للقصف المستمر منذ ثلاثة أيام، بعد اشتباكات بين كتيبة خالد بن الوليد والجيش السوري النظامي في المنطقة».

وتسيطر الكتيبة التابعة للجيش السوري الحر على قلعة الحصن والمنطقة المحيطة بها منذ أربعة أشهر، تخللتها اشتباكات بين الجيش السوري الحر والجيش النظامي. وشهدت المنطقة نزوحا متواصلا باتجاه الداخل اللبناني ومناطق سورية أخرى.

وقالت مصادر ميدانية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات السورية النظامية «تمسك الحدود على هذه المنطقة بقبضة حديدية منذ بدء الاشتباكات مع الجيش الحر قبل أربعة أشهر»، مشيرة إلى «وجود كثيف للقوات السورية التي تضبط الحدود لمنع الدخول والخروج من المنطقة». ولفتت المصادر إلى أن «إقفال الحدود منع الناشطين من الدخول والخروج باتجاه الأراضي اللبنانية، ومنع دخول الأدوية والمساعدات الإنسانية، كما أن النازحين لا يصلون عبر هذه المنطقة إلى الأراضي اللبنانية»، مشيرة إلى أن الخطوط المفتوحة بين لبنان وسوريا، محصورة في خطي مشاريع القاع وعرسال الواقعين الشمال الشرقي من الحدود اللبنانية، وخطوط ثانوية أخرى».

وعبر أحد تلك الخطوط، نقل أمس جريح سوري يُدعى علي حسين عزو (20 عاما) من الحدود السورية إلى مستشفى شتورا عبر بلدة الطفيل في البقاع.

من ناحية أخرى، لم يهدأ القصف على مدينة القصير الواقعة ضمن ريف حمص منذ ثلاثة أيام. وقالت مصادر ميدانية متاخمة للمدينة إن «سُحب الدخان شوهدت أمس عن بعد ثلاثة كيلومترات»، لافتة إلى أن القصف «تكثف قبل ثلاثة أيام، عقب اشتباكات مع كتيبة خالد بن الوليد التي تسيطر على منطقة القصير، وتمنع القوات النظامية من الدخول إليها».

وإذ أكدت المصادر أن «القصف العشوائي يستمر على مدى الـ24 ساعة»، أشارت إلى أن القذائف «تُطلق من مطار الضبعة العسكري القريب من المدينة». وقالت المصادر إن «70 في المائة من سكان القصير نزحوا منها هربا من القصف العشوائي الهادف إلى تطهير المنطقة من الجيش الحر»، مشيرة إلى أن القذائف «تؤدي إلى حرق محاصيل المزارعين، وحرق البيوت».

في هذا الوقت، ذكرت مواقع إلكترونية لبنانية أن نقطة المصنع على الحدود اللبنانية - السورية «شهدت يوم أمس حركة مغادرة كثيفة للعمال السوريين إلى الداخل السوري».

وأشارت المواقع إلى أن مغادرة السوريين «جرت بعدما سرت شائعة في أوساط العمال تفيد بأنه سيتم إغلاق الحدود اللبنانية - السورية».