إنجلترا تأمل في لقب أول.. وفرنسا في استعادة الثقة

السويد تضع آمالها على إبراهيموفيتش.. وأوكرانيا تبحث عن نهاية سعيدة مع شفتشنكو

TT

منذ وصول الفريق إلى المربع الذهبي في بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 1996)، لم يحقق المنتخب الإنجليزي لكرة القدم نجاحا يذكر في البطولات الكبيرة على المستويين القاري والعالمي، ومنذ ذلك الحين، وعلى مدار 16 عاما متتالية، توافد عدد من المدربين على منصب المدير الفني للفريق، إلى أن جاء الدور على روي هيدجسون من أجل تحقيق حلم الفريق في يورو 2012، لكن ذلك سيصطدم بمواجهات ساخنة مع منتخبات فرنسا والسويد وأوكرانيا في المجموعة الرابعة التي نستعرضها هنا.

منتخب إنجلترا بعدما كان الكثير من العوامل يصب في مصلحة المنتخب الإنجليزي حتى قبل شهور قليلة على مشاركته في بطولة كأس الأمم الأوروبية، شهدت الفترة الأخيرة الماضية الكثير من الأحداث العارضة التي ألقت بظلالها على مسيرة الفريق واستعداداته قبل البطولة. وبدأ المنتخب الإنجليزي في وضع جيد للغاية قبل قرعة البطولة، حيث كان الفريق ضمن منتخبات المستوى الثاني.

وكذلك حقق المنتخب الإنجليزي فوزا ثمينا 1 / صفر على نظيره الإسباني بطل العالم في لقاء ودي مثير خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، قبل أن يحقق الفوز الأول له على المنتخب السويدي منذ 43 عاما، وذلك في لقاء ودي آخر.

ويضم الفريق لاعبين شبانا على مستويات رائعة من الكفاءة واللياقة مثل فيل جونز وداني ويلبيك وكيلي ووكر، ليصبحوا مع اللاعبين القدامى كتلة قادرة على المنافسة بقوة في البطولة الأوروبية، بل إن بعضهم سيكون عليه تعويض غياب عدد من العناصر المؤثرة من اللاعبين المخضرمين.

كما يمتلك المنتخب الحالي حارسا متميزا هو جو هارت الذي أكد مستواه أنه الأفضل في مسيرة الفريق على مدار نحو عقد من الزمان. وإضافة إلى ذلك، يتميز أداء المنتخب الإنجليزي بالعمق والتماسك. ورغم كل ذلك ظهرت في الفترة الماضية بعض الأحداث التي تؤرق مسيرة الفريق، وقد تؤثر سلبيا على قدرته على المنافسة على لقب البطولة الأوروبية. مثل استجواب الشرطة لنجم وقائد الفريق جون تيري بشأن ادعاءات حول توجيهه إهانات عنصرية إلى أنتون فيرديناند نجم كوينز بارك رينجرز وشقيق ريو فيرديناند مدافع مانشستر يونايتد، الذي لم يتم اختياره للمنتخب الإنجليزي حتى لا يتصادم مع تيري. وكانت هذه المشكلة سببا في استقالة الإيطالي فابيو كابيللو من تدريب إنجلترا اعتراضا على عقوبة فرضها الاتحاد الإنجليزي للعبة على تيري دون الرجوع إليه، قبل أن يعين هيدجسون مكانه قبل أيام أسابيع قليلة من المنافسات الأوروبية.

إضافة إلى ذلك، سيفتقد المنتخب الإنجليزي جهود مهاجمه الخطير واين روني في أول مباراتين للفريق في الدور الأول للبطولة نتيجة إيقافه بسبب السلوك العنيف في آخر مباراة بالتصفيات. وإذا كان الفريق سيفتقد جهود روني في مباراتين فإنه سيفتقد لاعبين آخرين خلال البطولة بأكملها مثل فرانك لامبارد وجاريث باري وجاري كاهيل بسبب الإصابات.

لكن هيدجسون، صاحب الخبرة الكبيرة بالكرة الاسكندنافية حيث سبق له تدريب عدة أندية في السويد والنرويج والدنمارك كما تولى من قبل تدريب المنتخب الفنلندي، يأمل أن يحقق ما فشل فيه من سبقوه في المنصب. ولذلك كان من المناسب تماما له أن يستهل عمله مع المنتخب الإنجليزي بمباراة ودية أمام المنتخب النرويجي وحقق خلالها الفوز 1 / صفر بفضل الهدف الذي سجله أشلي يانغ.

ويرى هيدجسون أن مهمته مع الفريق لا تقتصر على يورو 2012 وإنما تمتد إلى ما بعد البطولة، مشيرا إلى أنه يركز بشكل كبير على المستقبل. وقال هيدجسون: «وقعت عقدا لتأدية هذه المهمة على مدار السنوات المقبلة. أرغب أيضا في أن يقدم الفريق عروضا جيدة ونتائج طيبة في يورو 2012، ولكن التركيز لا ينصب بالكامل على يورو 2012».

وأسند هيدجسون لستيفن جيرارد لاعب ليفربول ونجم خط الوسط مهمة حمل شارة قيادة الفريق لتمتعه بالخبرة واحترام زملائه. ويعتبر جيرارد صاحب 92 مباراة دولية و19 هدفا من الركائز الأساسية التي يعول عليها المدرب الجديد لتحقيق إنجاز يعوض خيبة الخروج من الدور الثاني لمونديال 2010.

منتخب فرنسا يعتبر المنتخب الفرنسي على غرار الكثير من المشاركين في كأس أوروبا من دون هوية واضحة، فإما أن يقوم بعمل ناقص وإما أن يكون حصانا أسود في البطولة القارية.

ولم يعرف «ديوك» المدرب لوران بلان طعم الهزيمة في 18 مباراة متتالية، بما فيها الفوز على إنجلترا والبرازيل وألمانيا، لكن المنتخب الفرنسي يقبع في أدنى تصنيف عالمي له منذ 27 سبتمبر (أيلول) 2010، هو السادس عشر خلف ساحل العاج وأمام السويد.

وتأهلت فرنسا، بطلة أوروبا مرتين عامي 1984 و2000 للمرة السادسة على التوالي إلى النهائيات القارية، وأوقعتها القرعة في المجموعة الرابعة إلى جانب أوكرانيا، إحدى الدولتين المنظمتين، وإنجلترا والسويد.

وبعد خرج المنتخب الفرنسي من الدور الأول في كأس أوروبا 2008 بتعادل سلبي أمام رومانيا وهزيمتين أمام هولندا (1 - 4) وإيطاليا (صفر - 2). وتكرر مشهد الخروج من الدور الأول أيضا في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا بنتائج مخزية، تم تعيين لوران بلان مدربا للمنتخب. ورغم انتفاضة الفريق على المستوى الفني والنتائجي فإن بلان لا يبدي تفاؤلا كبيرا بحظوظ منتخبه، ويرى أن ليس بإمكان «الديوك» المنافسة مع المنتخبات الكبرى في القارة العجوز، وقد يكون ذلك من أجل إبعاد الضغوط عن لاعبيه.

ونجح بلان، الذي كان أحد أبطال فرنسا المتوجين بلقب مونديال 1998 والبالغ من العمر 45 عاما، منذ تسلمه هذه المهمة خلفا لريمون دومينيك في إعادة ثقة المشجعين بالمنتخب بعد كل ما رافق مشاركته المونديالية من لغط وتمرد للاعبين، لكنه يرفض الإفراط في تفاؤله بحظوظ بلاده في البطولة القارية.

وسيحاول بلان، بطل أوروبا مع منتخب بلاده عام 2000 على حساب إيطاليا، تقديم أفضل ما لديه، خصوصا أنه لا ينوي تمديد عقده للإشراف على المنتخب إذا قدم الأخير عرضا مخيبا.

ويعتمد بلان على خليط من أصحاب الخبرة مثل باتريس إيفرا ومالودا وشباب ماهر مثل بنزيمة وسمير نصري وغيرهما، لكنه سيضطر إلى خوض فعاليات البطولة من دون مهاجمه لويك ريمي الذي استبعد من صفوف الفريق بسبب الإصابة ليصبح أوليفر جيرو هو المرشح لمشاركة كريم بنزيمة نجم ريال مدريد في قيادة هجوم الديوك الفرنسية.

ويغيب عن التشكيلة بشكل خاص المدافعان بكاري سانيا لاعب آرسنال الإنجليزي، واريك ابيدال لاعب برشلونة الإسباني، الأول بسبب إصابته بكسر في القدم، والثاني لإجراء عملية زرع كبد، إضافة إلى لاسانا ديارا لاعب ريال مدريد وابو ديابي نجم وسط آرسنال، وجبريل سيسيه لاعب كوينز بارك رينجرز الإنجليزي، ولويس ساها مهاجم توتنهام.

المنتخب السويدي دائما ما يلعب المنتخب السويدي دور الفارس صعب المراس في بطولات كأس العالم على مدار تاريخه، لكنه على العكس يظهر بصورة مخالفة في البطولات الأوروبية.

ولكنّ أحدا لم يكن يتمنى أن يقع في مواجهة هذا الفريق في نهائيات كأس الأمم الأوروبية بعدما فرض نفسه على النهائيات كأفضل فريق يحتل المركز الثاني في المجموعات التسع بالتصفيات المؤهلة للبطولة.

واحتل المنتخب السويدي المركز الثاني في المجموعة الخامسة برصيد 24 نقطة، وبفارق ثلاث نقاط فقط خلف نظيره الهولندي ليحجز مقعده عن جدارة في النهائيات. وحقق المنتخب السويدي الفوز في ثمانٍ من المباريات العشر التي خاضها في التصفيات، وسجل الفريق 31 هدفا مقابل 11 هدفا في مرماه على مدار هذه المباريات العشر.

وألحق المنتخب السويدي بنظيره الهولندي الهزيمة الوحيدة له في التصفيات بعدما تغلب عليه 3 / 2 في مباراة مثيرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويشارك المنتخب السويدي في البطولة الأوروبية للمرة الرابعة على التوالي والخامسة فقط في تاريخه.

وكانت أفضل نتيجة للفريق بالبطولة الأوروبية هي بلوغ المربع الذهبي في يورو 1992 بعدما نجح في تحويل تأخره إلى فوز على نظيره الإنجليزي في مباراتهما بالدور الأول (دور المجموعات).

وسيستهل المنتخب السويدي مسيرته في البطولة بلقاء نظيره الأوكراني صاحب الأرض، بما يشكله ذلك من ضغوط كبيرة على الفريق، علما بأن نتيجة هذه المباراة ستحدد بشكل كبير مدى مصير كل من الفريقين في البطولة قبل المواجهتين الأخريين الأكثر صعوبة مع منتخبي إنجلترا وفرنسا.

وتعول السويد على مهاجمها الخطير زلاتان إبراهيموفيتش، 30 عاما، لاعب ميلان الإيطالي لتحقيق إنجاز في البطولة. وتتباين مسيرة إبراهيموفيتش بين السطوع والخفوت مع الأندية التي لعب لها، ولكنه يظل دائما في بؤرة الأحداث والاهتمام مع منتخب بلاده. ورفض المدرب إيريك هامرين المدير الفني للمنتخب السويدي مطالب باستبعاد إبراهيموفيتش من حساباته بعدما حقق الفريق الفوز على المنتخب الهولندي في غياب اللاعب للإصابة.

ويثق هامرين في قدرة إبراهيموفيتش على تقديم كل ما لديه من خبرة وتألق في ما يشبه انفجارا لطاقاته وإمكانياته الفذة ليقود الفريق إلى انطلاقة رائعة في يورو 2012.

ويواجه إبراهيموفيتش حاليا منافسة قوية على مركزه مع المهاجم أولا تويفونين، 25 عاما، نجم أيندهوفن الهولندي الذي يرى أن المنتخب السويدي قادر على إحراز لقب البطولة. ولكن هامرين لجأ في الفترة الماضية إلى تجربة إبراهيموفيتش في مركز آخر أقرب لصناعة اللعب عنه في الهجوم، وأجاد اللاعب في مركزه الجديد مما يؤكد أنه يمثل أفضل الأوراق الرابحة في صفوف المنتخب السويدي.

وغامر المدرب هامرين باستدعاء المهاجم يوهان إيلمندر إلى قائمة الفريق رغم أنه ما زال في مرحلة التعافي من الإصابة بكسر في القدم. وينتظر أن يلعب إيلمندر بجوار إبراهيموفيتش، ويدفع بأولا تويفونين أمامهما كرأس حربة. وينتظر أن يعتمد هامرين على تشكيل هجومي في مباراته الأولى أمام المنتخب الأوكراني يوم الاثنين المقبل لأنها المباراة المفصلية في المجموعة.

المنتخب الأوكراني تحلم أوكرانيا بتحقيق نجاح تاريخي في كأس أوروبا 2012، لكن المهمة تبدو عسيرة جدا في مجموعة صعبة تضم فرنسا وإنجلترا والسويد، خصوصا في ظل غياب عدد من أبرز لاعبيها بداعي الإصابة.

ويريد رجال النجم السوفياتي السابق ومدرب أوكرانيا الحالي أوليغ بلوخين استغلال أكبر حدث رياضي تستضيفه بلادهم منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991 لرفع معنويات أمة ملغومة بالفقر المدقع وشديدة الانقسام.

لكن بلوغ المربع الأخير (نصف النهائي) يبدو شبه مستحيل لأن القرعة لم ترحم أوكرانيا في المجموعة الرابعة مع فرنسا بطلة العالم 1998 وبطلة أوروبا عامي 1984 و2000، وإنجلترا مبتكرة اللعبة، إضافة إلى السويد التي لا يؤمن جانبها.لكن الأسطورة السوفياتية بلوخين، 59 عاما، مقتنع بأن رجاله يستطيعون تخطي الدور الأول والمضي بعيدا في هذه المسابقة، ويقول في هذا الصدد: «تعتبر إنجلترا وفرنسا نفسيهما الأوفر حظا في هذه المجموعة، لكن أعتقد أننا والسويد أيضا نرى الأمور بطريقتنا الخاصة».

وصرح بلوخين الحاصل على الكرة الذهبية عام 1975: «لعبنا مباريات جيدة ضد فرنسا وإنجلترا. سنبذل قصارى جهدنا في الدفاع بكرامة عن ألوان بلدنا أمام أنصارنا الذين يشكلون، حسب اعتقادي، قوة إضافية لنا».

وتشكل كأس أوروبا 2012 فرصة وحيدة لهذا البلد الذي يقطنه نحو 45 مليون نسمة لإقامة نوع من الوحدة الوطنية تحت مرأى العالم، رغم الانتقادات الحادة الشديدة اللهجة للحكومة التي حكمت بالسجن 7 سنوات على رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموتشنكو ووضعها في الاعتقال، مما كان سببا في تهديد بعض الدول الأوروبية بمقاطعة البطولة.

ويبقى المنتخب الأوكراني الذي تأهل تلقائيا بصفته إحدى الدولتين المضيفتين مجهولا بالنسبة إلى الآخرين لأنه لم يلعب إلا عددا قليلا من المباريات الدولية الودية في مدى عامين. لكن التعادل مع ألمانيا (3 - 3)، بطلة العالم 3 مرات، والفوز على النمسا (2 - 1) وعلى إسرائيل (3 - 2)، وأخيرا على استونيا برباعية نظيفة، هي نتائج طيبة أعطت الأمل لأنصار المنتخب الأوكراني.

وضخ بلوخين دماء جديدة في التشكيلة مع الاحتفاظ ببعض المخضرمين وفي مقدمتهم أندريه شفتشنكو وأندري فورونين الذي اختير لاعب العام في دول الكتلة السوفياتية السابقة، ولاعب وسط بايرن ميونيخ الألماني أناتولي تيموشتشوك، والحارس أندري بياتوف.

ويمني نجم دينامو كييف وكرة القدم الأوكرانية أندري شفتشنكو النفس بإنهاء مسيرته الدولية بأفضل طريقة ممكنة والتتويج بلقب كأس أوروبا أو على الأقل الوصول إلى المربع الذهبي. وكان شفتشنكو، 35 عاما، أعلن أواخر الموسم الماضي أنه سيعتزل اللعب نهائيا عقب نهائيات كأس أوروبا بسبب الإصابات المتلاحقة التي ألمت به وتسببت في غيابه عن الملاعب فترات طويلة هذا الموسم. ولم يلعب شفتشنكو صاحب الكرة الذهبية عام 2004 سوى نحو 20 مباراة هذا الموسم الذي أمضاه بين عطلة شتوية وفترة علاج ونقاهة، علما بأنه لم يلعب أي مباراة من ديسمبر (كانون الأول) حتى أبريل (نيسان) الماضي.

ويدرك أفضل هداف في تاريخ المنتخب الأوكراني (46 هدفا في 105 مباريات دولية) بنفسه بأنه ليس في أفضل حالاته بسبب إصابة مزمنة في الظهر تثير الشكوك حول مشاركته في العرس القاري على الرغم من أن المدرب أوليغ بلوخين اختاره بين التشكيلة الأساسية. وقال شفتشنكو: «إذا لم أشعر بأنني في حالة جيدة، وإذا شعرت بأنني لا أستطيع اللعب على أعلى مستوى، فلن أشارك، لكن لياقتي البدنية تتحسن مع كل مباراة». وتعتبر البطولة التي تستضيفها أوكرانيا، الحلم الأخير لمهاجم نادي ميلان الإيطالي سابقا، الذي فاز معه على الخصوص بمسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2003.

وقال شفتشنكو لدى بداية جولة الكأس القارية في أوكرانيا: «عندما كنت طفلا، كنت أحلم كثيرا».

وسيفتقد منتخب أوكرانيا لجهود ايفيكا أوليتش الذي أصيب بشكل مفاجئ قبل أيام وتم استدعاء المهاجم نيكولا كالينيتش بديلا له.