بوادر أزمة بين شركات التأمين السعودية و المستشفيات الأهلية

مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: التخلف عن السداد بسبب مطالبات «مرفوضة»

شركة تأمين تتأخر عن دفع مطالبات مالية لأحد المستشفيات لمدة 3 سنوات مضت
TT

يبدو أن بوادر أزمة علاقة متوترة بين شركات التأمين السعودية وبين المستشفيات الأهلية في البلاد قد انطلقت، إذ رفض أحد المستشفيات الأهلية الخاصة في شرق العاصمة الرياض، استقبال مرضى تم التأمين عليهم من قبل إحدى شركات التأمين الكبرى في البلاد، بحجة أن هذه الشركة لم تدفع مستحقات المستشفى المالية خلال الأعوام الثلاثة الماضية 2009 و2010 و2011.

وأبدى عملاء شركة التأمين هذه انزعاجا شديدا من رفض المستشفى الأهلي استقبال حالاتهم ببطاقة التأمين التي معهم. يأتي ذلك في وقت يعيش فيه قطاع التأمين السعودي طفرة كبرى خلال الفترة الحالية.

وأعلن المستشفى الأهلي الذي رفض استقبال عملاء شركة التأمين عن اعتذاره عن عدم استقبال عملاء شركة تأمين بالأمر. وجاء ذلك عبر ملصقات كبرى وضعها عند مدخله الرئيسي، على الرغم من أن شركة التأمين هذه تصنف على أنها واحدة من كبرى الشركات العاملة في البلاد.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مسؤول رفيع المستوى داخل قطاع التأمين السعودي، أن النظام المعمول به في مجلس الضمان الصحي السعودي هو أن تقوم شركة التأمين بدفع المستحقات التي عليها للمستشفيات والمستوصفات الأهلية الخاصة خلال مدة لا تتجاوز 60 يوما من تاريخ المطالبة.

وأوضح المسؤول ذاته، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه من الصعب أن تتأخر شركة تأمين في دفع المستحقات التي عليها لدى أحد المستشفيات الأهلية الخاصة، إلا أنه استدرك قائلا «من الواضح أن الشركة التي رفضت دفع المبالغ المالية للمستشفى الخاص، اختلفت حول هذه الأرقام، وهو أمر وارد جدا».

وقال المسؤول ذاته: «شركات التأمين تدقق كثيرا في الفواتير، وقد تكون بعض المطالبات التي تتقدم بها المستشفيات الأهلية الخاصة مرفوضة، وهو الأمر الذي يقود إلى تأخر شركة التأمين عن دفع المستحقات المالية لجهة المطالبة»، مشيرا إلى أن مستوى العلاقات التعاونية بين شركات التأمين السعودية والمستشفيات الأهلية الخاصة جيدة إلى حد كبير.

وبين أن شركات التأمين العاملة في السوق السعودية تقدم خدمات التأمين الصحي لنحو 8.5 مليون مؤمن عليهم، وقال إن «جميع هؤلاء من المؤمن عليهم من القطاع الخاص، من السعوديين يشكلون ما قدره 1.5 مليون من الرقم الإجمالي».

ولفت المسؤول ذاته إلى أن المستشفيات الأهلية الخاصة التي تتضرر من تأخر شركة تأمين ما من دفع المستحقات التي عليها، تستطيع تقديم شكوى إلى مجلس الضمان الصحي في البلاد، وذلك للنظر في هذه الشكوى واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأمام هذه المستجدات في قطاع التأمين السعودي، أكد فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن تكرر توقف شركات التأمين عن دفع المستحقات التي عليها للمستشفيات الأهلية أمر يضر بسمعة القطاع.

وقال المشاري: «قطاع التأمين السعودي يمر خلال الفترة الحالية بطفرة كبيرة جدا، كما أن هذه الطفرة من المتوقع أن تستمر وتنمو بشكل أكبر في حال التأمين الإلزامي على العائلات السعودية، ومن السيئ تماما أن تكون هناك علاقات متوترة بين شركات التأمين والمستشفيات الأهلية الخاصة».

يشار إلى أنه كان قد نفى مجلس الشورى السعودي في شهر (مارس) الماضي، اعتماد تطبيق أي شكل من أشكال التأمينات الطبية بشكل انفرادي، مؤكدا أن جهات صحية عليا متخصصة تتبقى لها أربعة أعوام من أجل تطبيق برنامج التأمين الصحي على جميع المواطنين السعوديين.

وقال الدكتور فهد العنزي، رئيس لجنة التأمينات الطبية في مجلس الشورى السعودي حينها، إنه يمكن التأمين على المواطنين السعوديين بتكلفة لا تتجاوز 19 مليار ريال (5 مليارات دولار)، في حين أن ميزانية وزارة الصحة أكثر من 70 مليار ريال (18 مليار دولار).

وأضاف العنزي: «يجب أن تكون الوزارة جهة رقابية تراقب جودة الخدمات الصحية ولا تقوم بتقديمها لأنه من الصعب أن تقوم الوزارة بتقديم خدمات الرعاية الصحية وتراقب جودتها في الوقت نفسه».

وقال الدكتور العنزي، لـ«الشرق الأوسط» في شهر الماضي: «جهات طبية عليا ممثلة في مجلس الخدمات الصحية ووزارة الصحة ومجلس الضمان الصحي التعاوني تدرس مشروع التأمين الصحي في ضوء التوجيه السامي بدراسة تطبيق التأمين الصحي التعاوني على المواطنين السعوديين، وإمهال هذه الجهات مدة خمس سنوات مضت منها سنة واحدة فقط».

وأشار إلى أن الرعاية الصحية المجانية أصبحت نادرة وغير مطبقة في كثير من الدول في وقتنا الحالي، وقال «هناك أكثر من 150 دولة في العالم تقدم الرعاية الصحية عن طريق التأمين، إلا أن هناك اختلافا في فلسفة الرعاية الصحية التي يتم تقديمها عن طريق التأمين، حيث إن هناك نماذج مختلفة من التأمين الصحي وبعض الدول تجمع أكثر من نموذج».