طرد الأفارقة غدا يبشر بأزمة دبلوماسية بين إسرائيل وجنوب السودان

عشرات الخبراء اليهود فشلوا في إقناع أي دولة باستيعابهم

لاجئ من جنوب أفريقيا يأخذ قسطا من الراحة بعد شراء حقائب استعدادا للرحيل (رويترز)
TT

حذر عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يديرون مصالح تجارية وصناعية في دولة جنوب السودان، منذ إعلانها دولة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أن التعامل الإسرائيلي الفظ مع اللاجئين الأفارقة واعتقالهم وطردهم بالقوة، يشكل تهديدا للعلاقات بين البلدين.

وقال ميخائيل مان، الذي يدير متجرا كبيرا في جوبا، إن «الممارسات الوحشية ضد الأفارقة والتصريحات العنصرية المريعة التي يطلقها وزير الداخلية والنواب في الكنيست الإسرائيلي، تزعزع الثقة التي تميز علاقات مواطني جنوب السودان بإسرائيل». ولم يستبعد مان أن تؤدي لاحقا لأزمة دبلوماسية بين البلدين. وأضاف، خلال لقاء مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن جنوب السودان ما زالت في بداياتها وتتعرض لتدخلات أجنبية كثيرة وليست في وضع يتيح لها الآن أن تبادر إلى أزمة. ولكن استمرار التصرفات الإسرائيلية قد تجعلها تغير من حساباتها وتمس بالصداقة بين البلدين.

وكان وفد يمثل حكومة جنوب السودان قد حضر إلى إسرائيل، الليلة قبل الماضية، لبحث موضوع اللاجئين. وصرح رئيس الوفد، عبدون فركوك متيويت، بأن بلاده تسعى لتثبيت النظام وتحقيق الاستقرار وإعادة ما لا يقل عن 120 ألف مواطن مشردين في أرجاء المعمورة، وبينهم 1500 مواطن في إسرائيل. وقد تمت إعادة 15 ألفا حتى الآن «ولكننا لا نستطيع إعادتهم جميعا الآن ونطلب من أصدقائنا في العالم بأن يساعدونا على ترتيب الأمر بشكل منظم وإن أمكن، نطلب أن يدربوا هؤلاء اللاجئين على قيادة مشاريع تطوير وتعمير في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والتجارية والزراعية والتكنولوجية، حتى لا ينضموا إلى جيش العاطلين عن العمل عند عودتهم». وأوضح متيويت أنه جاء لينسق أمر عودة هؤلاء اللاجئين، على قلة عددهم، بطريقة إرادية حتى يغادروا بشكل إنساني، وأنه سيلتقي عددا من المسؤولين الإسرائيليين، في مقدمتهم أولئك الذين يهاجمون السودانيين ويطلقون التصريحات القاسية ضدهم، مثل وزير الداخلية، إيلي يشاي وعضو الكنيست، داني دنون، من حزب الليكود، الذي أقام مجموعة ضغط من النواب في البرلمان تعمل على طرد اللاجئين الأفارقة.

والمفترض أن تغادر أول مجموعة من اللاجئين السودانيين، وتضم 120 شخصا، إلى جوبا غدا. فقد وقع كل منهم على إقرار بأنه يريد المغادرة بإرادته. وقبض مقابل ذلك 1000 يورو مكافأة من الحكومة الإسرائيلية.

وتوجه بالروح نفسها مجموعة من الأدباء والشعراء اليهود وأساتذة الجامعات مؤكدين أن التصرفات الإسرائيلية والشعبية مع الأفارقة مخجلة وعنصرية، وطالبوا بتدريب اللاجئين على مهن قد تفيدهم في أوطانهم ولا يطردونهم إلا إذا قرروا هم المغادرة من خاطرهم.

من جانبه، واصل وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، يتسحاق أهرنوفتش، هجومه على مخطط طرد اللاجئين الأفارقة، فقال: إن «هناك كذبة كبيرة في الحملة الإسرائيلية الإعلامية ضد الأفارقة. ففي نهاية المطاف لن تستطيع إسرائيل طرد أكثر من بضعة آلاف. وليس لها إلا أن تتعامل مع عشرات الآلاف الذين سيبقون فيها، لأنها لا تستطيع إعادتهم إلى أوطانهم في الظروف الحالية. وما نفعله اليوم عمليا هو تشويه صورة إسرائيل بين الأمم بلا أي جدوى حقيقية». وكشف أن مسؤولين حكوميين كثيرين أرسلوا إلى عدد كبير من دول أفريقيا وأوروبا وغيرها ليقنعوها باستيعاب اللاجئين الأفارقة وعرضوا على تلك الدول «مغريات»، ولكنهم عادوا خالي الوفاض ولم يفلحوا في إقناع أحد بقبول هؤلاء اللاجئين.