تراشق كلامي بين فتح وحماس بعد تصريحات «لا مصالحة مع العلمانية».. و«التخريب ولو بالقتل»

الهباش: حكام غزة مثل أصحاب مسجد الضرار

TT

ارتفعت حدة التوتر بشكل كبير بين حركتي فتح وحماس، قبل اللقاء المرتقب بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس المكتب السياسي خالد مشعل، لإعلان تشكيل حكومة توافق، وإطلاق عجلة المصالحة وإنهاء الانقسام، الذي كان مفترضا في 20 يونيو (حزيران) الجاري، وتأجل بسبب الانتخابات في مصر، حتى آخر الشهر. وتبادلت الحركتان أبشع الاتهامات، بشأن تخريب المصالحة، «ولو بالقتل» بشكل أثار شكوكا كبيرة حول إمكانية تطبيقها على الأرض.

ويتواصل التراشق الكلامي والاتهامات المتبادلة بين الفصيلين الأكبر، رغم محاولة إشاعة أجواء من التصالح والتفاهم قبل ذلك بقليل، وإعلان أن المصالحة تسير في الطريق المرسوم لها.

فقد هاجم وزير الأوقاف في رام الله، محمود الهباش، المقرب من أبو مازن، أمس، قيادة حماس في غزة، وشبه بعضهم أمس من على منبر الجمعة، بـ«أبو عامر الفاسق» (أبو عامر الراهب من الأوس، وصاحب فكرة بناء مسجد الضرار، وهو مسجد بناه منافقون). وقرأ الهباش آية من سورة التوبة نصها (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).

وجاء هجوم الهباش الحاد، بعد ساعات من هجوم مماثل، شنته وزارة داخلية حماس على فتح والسلطة، قالت فيه «إن نية إفشال جهود المصالحة الفلسطينية مبيتة لدى فتح وقياداتها ولو بالقتل». واتهمت داخلية غزة شقيق الهباش في بيان رسمي بمحاولة قتل أعضاء في لجنة الانتخابات في غزة، وتفجير عبوات في مقرها عبر إعطائه تعليمات لشخص رهن الاعتقال الآن.

ودافعت داخلية غزة عن تصريحات مثيرة للجدل لرئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية ووزير داخليته فتحي حماد، كانت قد فجرت كل هذه الخلافات، قائلة «إن تصريحات هنية كانت واضحة وصريحة إننا نريد المصالحة لكنها لن تكون وسيلة لعودة الفلتان الأمني الذي تسعى إليه قيادات متنفذة في أجهزة سلطة رام الله».

وجاء في البيان: «إن حالة الفلتان الأمني التي تعيشها مدن الضفة كما نرى اليوم في مدينة جنين، وتهديدات لجنة الانتخابات بالأمس تشير إلى أن هدف فتح وأجهزة التنسيق الأمني من المصالحة هو إعادة الفلتان الأمني إلى غزة وزعزعة حالة الاستقرار التي يعيشها أبناء شعبنا في قطاع غزة وهو ما لن يكون». وطالب البيان «الرئيس عباس إن صدقت نواياه تجاه المصالحة بلجم قيادات أجهزته الأمنية التي تدبر ليل نهار محاولة إفشال جهود الحوار والمصالحة». وهذه الاتهامات من حماس لفتح، جاءت بعد اتهامات مماثلة من فتح، بعد تصريحات حماد التي حاول بيان داخلية المقالة تلطيفها أو الدفاع عنها، وقال فيها إنه «لا مصالحة مع العلمانية».

وأثار غضب فتح تحويل حماس لذكرى سيطرتها على غزة، في 14 يونيو، إلى يوم وطني للشرطة، ومن ثم جاءت تصريحات حماد التي قال فيها «لا صلح مع العلمانية ولن يسود إلا حكم الإسلام»، مضيفا في حفل تخريج لرجال الشرطة «أن هذه الأفواج ستلاحق العملاء ولن نسمح للعملاء أن يلاحقوا المجاهدين»، وتابع: «إن أرض فلسطين لن تقبل إلا جنودا أطهارا، وهذا الفوج سيكون منه ضباطه رئيس شرطة حيفا ويافا وعكا واللد والرملة».

وتلا ذلك تصريحات لهنية، قال فيها: «أسسنا مؤسسة أمنية ذات عقيدة وطنية لا تعترف بالتعاون الأمني مع الاحتلال بل تشكل غطاء وحاضنة لأمن الإنسان الفلسطيني ولأمن المقاوم الفلسطيني ولأمن المقاومة الفلسطينية، ونحن لن نسمح بعودة الفلتان الأمني حتى ولو كان على رقابنا، وهذا يشكل قاعدة انطلاق لأي عمل أمني فلسطيني في أي مكان سواء في غزة أو الضفة الغربية».

وردت فتح بقوة على حماس، وقالت الحركة إن اعتبار حماس يوم الانقلاب عيدا وطنيا لشرطتها، «يوم أسود» و«انقلاب جديد على التقدم الحاصل في ملف المصالحة الفلسطينية وتراجع عن اتفاقات القاهرة وإعلان الدوحة».

ورفضت أجهزة أمن الضفة اتهامات حماس، واعتبرت تخريج الشرطة في غزة ومنحهم رتبا مسألة مخالفة للقانون. ودعت فتح «الشعب الفلسطيني لمحاسبة قيادات حماس المستفيدين من الانقلاب، الذين أفزعهم التقدم الحاصل في ملف المصالحة خشية على مواقعهم ومصالحهم الشخصية».

ووصفت فتح، مواقف قيادات حماس في غزة «غدرا بالآمال التي بناها شعبنا الفلسطيني في الأيام الأخيرة على تحقيق المصالحة وضربة لإصرار قيادتنا المتمسكة بالمصالحة والمؤمنة بالوحدة الوطنية كخيار استراتيجي لا بديل له».

وقالت فتح إنه لا يمكنها «تفسير احتفال حماس بيوم شقها للصف الفلسطيني إلا تعبيرا عن تمسك قياداتها في غزة بالانقلاب والانتقام والانقسام وتكريسه كأمر واقع». وتساءلت فتح عن مغزى تصريحات القيادي في حماس، محمود الزهار باعتبار غزة ومقر المجلس التشريعي فيها عاصمة للدولة الإسلامية الكبرى. وقال أحمد عساف الناطق بسام فتح «هل تنازل الزهار وقيادة حماس في غزة عن القدس كعاصمة للدولة أم أن الزهار يعتبر إمارة حماس في غزة هي القضية الأوحد لأمتنا؟».