رحيل الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي

ترعرع شيوعيا وسجن في الجزائر وأدانته فرنسا لتشكيكه في المحرقة اليهودية

روجيه غارودي
TT

توفي روجيه غارودي في باريس عن 98 عاما، حسب ما علم أمس من بلدية شينفيير، ليرحل الفيلسوف الذي كان لفترة طويلة كبير المفكرين الشيوعيين الفرنسيين، ثم اعتنق الإسلام وشكك في المحرقة اليهودية. وتوفي غارودي الأربعاء في شينفيير حيث كان يقيم، وسيتم تشييعه يوم الاثنين في مدينة شامبيني سور مارن، كما ذكرت مصادر متطابقة أمس.

ولد غارودي في 17 يوليو (تموز) 1913 في مرسيليا بجنوب فرنسا، وقد انتخب نائبا في عام 1954، ثم أصبح عضوا في مجلس الشيوخ. وبصفته أستاذا للفلسفة، تولى من 1960 إلى 1970 رئاسة تحرير مجلة «كاييه دو كومونيسم» (دفاتر الشيوعية) الناطقة باسم الحزب، ومركز الدراسات والبحوث الماركسية (1960 - 1970). وفي 1981، أشركه المرشح الاشتراكي والرئيس المقبل فرنسوا ميتران في حملته، لكن الرجلين ما لبثا أن اختلفا.

في عام 1982، اعتنق الإسلام، وفي 1996 أصدر كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» الذي شكك فيه في المحرقة اليهودية. وبسبب تشكيكه في المحرقة، تمت محاكمته وحكم عليه بالسجن تسعة أشهر مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة قدرها نحو 25 ألف يورو. وتم تثبيت الحكم نهائيا في عام 2000.

وفي الثمانينات، حصل غارودي على شهرة واسعة في العالم الإسلامي، وحاول القيام بمساع شخصية في طهران وبغداد، حيث استقبله صدام حسين لإنهاء الحرب العراقية - الإيرانية. كما حصلت مؤلفاته على تقدير من عدة جهات في العالم الإسلامي.

وقال هذا الفيلسوف اللامع ذو النظارة السميكة الذي وضع نحو سبعين كتابا، إن «أشد ما يحملني على الفخر هو تمسكي بالحلم الذي راودني في سن العشرين، أعني وحدة الأديان الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام». ويصف غارودي نفسه بأنه «دون كيشوت» يناضل ضد «طواحين الهواء» الرأسمالية. لكنه كان أيضا رجل مؤسسات. ففي إطار الحزب الشيوعي الذي انضم إليه في العشرين من عمره، وطرد منه في 1970 لانتقاده «التطبيع» في تشيكوسلوفاكيا، وافق على طرد كثر. وقبل اثنتي عشر عاما، وافق غارودي الذي خاض جدالا مع جان بول سارتر الذي انفصل آنذاك عن الحزب الشيوعي الفرنسي، على اجتياح الاتحاد السوفياتي للمجر. وفي المكتب السياسي، لقب «الكاردينال» بسبب ميوله السلطوية وانجذابه للكنيسة. واستأثر طوال عقود باهتمام أوساط المثقفين ووسائل الإعلام الفرنسية التي قدرت مؤلفاته الفلسفية وشجاعته السياسية. حصل غارودي على دعم عدد كبير من الأصوات العربية ودعم صديقه القديم الأب بيار، الكاهن الكاثوليكي الملتزم قضية الفقراء، وهو دعم راسخ تسبب في اندلاع فضيحة. وفي سن الرابعة عشرة، اعتنق غارودي المولود في عام 1913، في مرسيليا بجنوب فرنسا لأب يعمل في مجال المحاسبة، البروتستانتية وحصل على إجازة في الفلسفة وعلى الدكتوراه في الآداب. وسجن ثلاثين شهرا من 1940 إلى 1943 في معسكر بجلفة في الجزائر، إلى جانب جمهوريين إسبان. ونجا من الجوع والتيفود والإعدام، وأنقذه في اللحظة الأخيرة مسلمون إباضيون، مما حمله هذا الموقف على اعتناق الإسلام.