مديرة صندوق النقد الدولي: مستقبل اليورو على المحك

اجتماعات «ساخنة» لزعماء أكبر 4 اقتصادات في منطقة اليورو.. ووزراء مالية الاتحاد الأوروبي

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

حث صندوق النقد الدولي منطقة اليورو على تقديم المساعدات المالية بشكل مباشر إلى البنوك التي تعاني من مشاكل بدلا من تمريرها عبر الحكومات ودعا البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة قائلا: إن مستقبل اليورو على المحك.

وستزيد الرسالة - التي نقلتها كريستين لاغارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد إلى وزراء مالية دول منطقة اليورو في اجتماع في لوكسمبورغ - الضغوط من أجل صوغ نهج موحد لمعالجة المشاكل في البنوك المتعثرة مثل البنوك الإسبانية.

وقالت لاغارد في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع «إننا نرى بوضوح توترات إضافية وضغوطا حادة تتعرض لها البنوك والحكومات على السواء في منطقة اليورو».

«ينبغي إعادة تأكيد تحرك محدد وقوي نحو اتحاد نقدي أوروبي كامل من أجل استعادة الثقة... في الوقت الحالي فإن قدرة النظام النقدي الأوروبي على الاستمرار موضع شك».

وحددت لاغارد خطة تتضمن إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو وكذلك المزيد من السيطرة المركزية على الاقتصاد في الدول السبع عشرة التي تستخدم العملة الأوروبية.

ومع استعداد الوزراء لتقديم ما يصل إلى 100 مليار يورو (127 مليار دولار) لمساعدة إسبانيا في تعزيز بنوكها المنهكة قالت لاغارد إن الدعم المالي للبنوك ينبغي أن يقدم بشكل مباشر وليس عبر الدولة.

ودعت لاغارد أيضا البنك المركزي الأوروبي إلى تنفيذ السياسة النقدية «بقدر كاف من الابتكار» لمساعدة منطقة اليورو. وحدد صندوق النقد تفاصيل الفكرة في تقرير جديد بشأن العملة الأوروبية الموحدة.

وقال الصندوق في التقرير «لدى البنك المركزي الأوروبي مجال - رغم أنه محدود - لتيسير أسعار الفائدة وإصدار إشارة إلى الالتزام بسياسة نقدية أكثر تيسيرا لفترة طويلة».

وترك المركزي الأوروبي سعر الفائدة القياسي بلا تغيير عند 1% في أوائل يونيو (حزيران) ويقول رئيسه ماريو دراجي إن المسؤولية تقع على عاتق حكومات المنطقة لاتخاذ إجراءات لتعزيز الثقة في منطقة تشهد ركودا اقتصاديا.

ومع هذا فإن خبراء اقتصاديين كثيرين يتوقعون أن يخفض المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض في الأشهر القادمة ويقولون: إن البنك المركزي لديه القدرة على تيسير السياسة النقدية إذا استمر الاقتصاد في الضعف.

وقال التقرير «إذا اقتضت الضرورة فإنه ينبغي استخدام إجراءات غير تقليدية. هذا يعني دراسة إجراءات غير اعتيادية».

وفي روما يسعى زعماء ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا للعثور على أرضية مشتركة في روما أمس لاستعادة الثقة في منطقة اليورو قبل قمة زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.

وتراجعت تكاليف الإقراض عالية الخطورة للسندات الإسبانية والإيطالية قليلا وسط آمال في الأسواق باتخاذ مبادرات خلال قمة بروكسل يومي 28 و29 يونيو. وإذا ما فشلت القمة في التوصل لحلول ربما يدفع ذلك الدولتين إلى طلب برامج إنقاذ سيادية في نهاية المطاف.

وسيبحث اجتماع اليوم عن سبل لتحقيق وحدة مالية ومصرفية في منطقة اليورو بشكل أسرع وربما يكون مناسبة كي تطلب إسبانيا رسميا مساعدة تصل إلى 100 مليار يورو لبنوكها التي تعاني من المشكلات.

ووجد تدقيق مالي صدر أول من أمس الخميس أن البنوك الإسبانية في حاجة إلى نحو 62 مليار يورو من رأس المال الإضافي لمواجهة الظروف المعاكسة.

وبينما تعد احتياجات إسبانيا هي الأكثر إلحاحا إذ بلغت تكاليف إقراضها في الأجل المتوسط أعلى مستوى منذ إطلاق اليورو في مزاد أجري أمس ربما تكون المخاطر السياسية أعلى بالنسبة لرئيس وزراء إيطاليا.

ومع تراجع شعبيته تحجم الأحزاب التي تساند مونتي في البرلمان بشكل متزايد عن تأييد مقترحاته للإصلاح وتطالبه بالتوصل إلى نتائج على الساحة الأوروبية لتخفيف الضغط على الاقتصاد الإيطالي الذي يعاني من الركود.

وفي لوكسمبورغ ناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي أمس سبل تعزيز قطاعاتهم المصرفية وفك الارتباط بين البنوك المتعثرة والبلدان المثقلة بالديون وسط مخاوف حيال النظام المصرفي الإسباني المحاط بالمشكلات.

وحثت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد منطقة اليورو على تقديم مساعدات إلى البنوك المتعثرة مباشرة بدلا من تقديمها عبر الحكومات لكن ألمانيا ودولا أخرى تعارض مثل هذا الإقراض المباشر وهو غير ممكن بموجب القواعد المعمول بها في الوقت الحالي.

والنقاش بخصوص هذا الأمر جزء من جدل أوسع عن كيف يمكن للاتحاد الأوروبي المضي قدما نحو تحقيق «وحدة مصرفية» تشمل برنامجا لضمانات الودائع على مستوى الاتحاد الأوروبي وصندوقا لإنقاذ البنوك المتعثرة في محاولة لإنهاء أزمة الديون السيادية المستمرة منذ عامين ونصف.

وقال وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جويندوس في اجتماع للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج إن طلب إسبانيا لمساندة من منطقة اليورو سيتم تقديمه «فورا»، مشيرا إلى أنه سيتخذ الخطوة «في أقرب وقت ممكن» لدى عودته إلى مدريد.

وقال قبل الدخول في محادثات مع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي «كما قلت بالأمس (الخميس) سيتم فورا... وبمجرد أن أصل مدريد فسيكون خطاب طلب القرض جاهزا لتقديمه على الفور».

وأضاف أن إمكانية تقديم القرض مباشرة إلى البنوك الإسبانية وليس عبر الحكومة في مدريد «هو خيار مطروح على الطاولة».

وكان وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جيندوس قال لدى وصوله إلى الاجتماع أمس إن هذا الاحتمال قد يكون قائما بالنسبة لإسبانيا التي من المقرر أن تحصل على نحو 100 مليار يورو (126 مليار دولار) من المساعدات من منطقة اليورو لإنقاذ بنوكها المحاطة بالمشكلات.

وأبلغ الصحافيين «أعتقد أن إعادة رسملة البنوك أمر ممكن... هذا احتمال قائم بشدة بالنسبة لإسبانيا إذا ما حدث تقدم في الشهور القليلة المقبلة (في هذا الصدد). عملية إعادة الرسملة ليست فورية».

وظلت تكاليف الإقراض لإسبانيا مستقرة أمس الجمعة مع ارتفاع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بشكل طفيف فقط بعد صدور معلومات جديدة بشأن حالة البنوك الإسبانية.

وضعت مؤسستان للتدقيق المحاسبي بتكليف من الحكومة احتياجات إعادة رسملة البنوك عند 62 مليار يورو (79 مليار دولار) خلال ثلاث سنوات.

أشارت المؤسستان إلى أن خطط منطقة اليورو للبنوك الإسبانية كافية في ضوء تعهدها بتقديم مساعدة بقيمة تصل إلى 100 مليار يورو.

غير أن نتائج المراجعة لم تساهم في خفض تكاليف الإقراض لإسبانيا مع ارتفاع العائد على السندات العشرية إلى 61.‏6% مقابل 60.‏6%.

وارتفع هامش المخاطرة بمقدار نقطة أساس واحدة ليصل إلى 508 نقاط أساس وهو الفارق بين عائدي السندات الإسبانية والألمانية.