مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.. منارة علمية حققت شعاره «علم ينفع الناس»

تنبع برامجه وأهدافه من واقع معاناة وحاجات المعاقين.. وحصل على العديد من الجوائز

الأمير سلمان بن عبد العزيز والأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، في حفل سابق لجمعية ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة
TT

حقق مشروع البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لأمراض التمثيل الغذائي الخاص بالأطفال حديثي الولادة، والذي يجريه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بالتعاون مع وزارة الصحة السعودية، نتائج إيجابية من خلال تطبيق الفحص المبكر لأمراض التمثيل الغذائي، والذي يهدف إلى الكشف عن 16 مرضا وراثيا تؤدي إلى التخلف العقلي وحالات مرضية حادة بعضها يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم اكتشافها وعلاجها مبكرا، وتم حتى الآن فحص 586.270 عينة مخبرية، نتج عنها اكتشاف وإنقاذ 567 طفلا من الإعاقة حتى الآن.

ويهدف مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة إلى إرساء قواعد الوقاية والرعاية في هذا المجال على أسس ودراسات علمية يؤمل معها تطويع نتائج الدراسات والأبحاث التطبيقية لتلمس الطرق والوسائل الناجحة للوقاية منها والرعاية المثلى للمصابين بها، إلى جانب إتاحة المجال لتنسيق أفضل لإجراء البحوث العلمية وتطبيق نتائجها في مجالات تخصصها. كما يقوم المركز بسد ثغرة مهمة في ما يتعلق بأبحاث الإعاقة وتطوير وسائل التأهيل والتعليم وإجراء الإحصائيات والدراسات المتخصصة التي أهلته من خلال تبنيه شعار «علم ينفع الناس» إلى أن يكون رافدا من روافد الدعم الأساسي للرعاية الخاصة على مستوى السعودية بشكل خاص وعلى المستوى الإقليمي والدولي بشكل عام.

وقد صدر قرار إنشاء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بدعم مادي تأسيسي من قبل الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران، عام 1990، كمركز متخصص في أبحاث الإعاقة، وحظي بدعم من الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وما زال الدعم مستمرا من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. كما حظي المركز منذ إنشائه بدعم مادي ومعنوي من قبل الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز.

وتتنوع البحوث والدراسات التي يجريها المركز بين أبحاث علمية وسلوكية وتقنية، تشتمل على جميع أنواع الإعاقات، بحيث تتولى اللجنة العلمية تحديد أولويات ومجالات البحوث والدراسات التي ينفذها في ضوء المستجدات العلمية، وتنبع برامجه من واقع المعاقين أنفسهم وما يعانونه ويحتاجونه، لا سيما أن التركيز يتم على الجوانب التطبيقية ذات الصلة المباشرة بالإعاقة للتخفيف من وطأتها والحد من آثارها والتشخيص والتدخل المبكر قبل حدوثها أو قبل استفحال مضاعفاتها وتأثيراتها السلبية والحد منها.

ومن أهم الإنجازات البحثية للمركز النظام الوطني لرعاية المعاقين بالسعودية، والذي يعتبر نظاما متكاملا وشاملا لهذه الفئة، يأخذ في الاعتبار مختلف الأنظمة المحلية والإقليمية والعالمية ذات الصلة، كما يُبنى على أساس التشريع الإسلامي والنظم النافذة في السعودية، إلى جانب البحث الوطني لدراسة الإعاقة لدى الأطفال بالسعودية، والذي يتماشى مع أولويات الرعاية ويعنى بمعرفة نسبة الإعاقة لدى الأطفال في مختلف المناطق وتحديد مسبباتها ومن ثم متابعتها ووضع الحلول المناسبة لمشاكلها والعمل على التغلب عليها.

كما يقوم المركز بتشجيع البرامج والمشاريع البحثية المتعلقة بالعوامل المسببة للإعاقة في مجال الدراسات والأبحاث الطبية، كبحث الجلطات الدماغية لدى الأطفال السعوديين من حيث معرفة الخصائص السريرية والأسباب والعوامل المساعدة على الإصابة للوصول إلى النتائج.

ويعد بحث «دور DFNBI في توارث الإعاقة السمعية في المجتمع السعودي» من أهم البحوث التي أجراها المركز، إلى جانب الفحص الطبي قبل الزواج، والفحص المبكر للأطفال حديثي الولادة، وذلك بهدف اكتشاف الأشخاص حاملي الأمراض المعنية بالانتقال للمساهمة في الحد من انتشارها.

واهتم المركز بالتعاون مع العديد من الجهات الداخلية والخارجية لبناء جسور التواصل وتنفيذ الأبحاث المشتركة، كبرنامج المعايير الفنية لسهولة الوصول الشامل في السعودية، والذي يهدف إلى إيجاد بيئة خالية من الموانع تيسر مشاركة كل أعضاء المجتمع خاصة المعاقين، ويعتبر من البرامج المهمة في حياة وبيئة المعاقين وغير المعاقين من كبار السن، حيث يسهل وصولهم إلى كل المرافق البيئية والعمرانية والمساعدة في عملية دمجهم في المجتمع.

وقد حظي البرنامج برعاية وتدشين الأمير سلمان بن عبد العزيز، مؤسس المركز، عندما كان أمير منطقة الرياض، وقد أعلن في ذلك الحين أن مدينة الرياض هي أول مدينة صديقة للمعاق على مستوى السعودية، تليها المنطقة الشرقية ومن ثم مكة المكرمة، فيما تأتي المدينة المنورة في المرتبة الرابعة كصديقة للمعاقين، وتأتي القصيم في المرتبة الخامسة. واستمر بعد ذلك التنسيق مع إمارات المناطق بناء على توجيهات الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، وتمت العديد من الزيارات لتلك المناطق، لتفعيل البرنامج، وما زالت برامج الزيارة مستمرة لاستكمال ما تبقى من ذلك، وتم التوقيع مع 11 جهة حكومية وخاصة لتطبيق البرنامج.

كما تطمح السعودية من خلال مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة لأن تطلق برنامج المسح الوطني للصحة النفسية على غرار المسح العالمي للصحة النفسية، بهدف تقدير حجم الاضطرابات النفسية في شتى مناطق السعودية، ومعرفة مقدار الإعاقة الناجمة عن تلك الاضطرابات، على غرار ما قامت به منظمة الصحة العالمية «مبادرة المسح العالمي للأمراض النفسية»، لتحديد العوامل المسببة لها ونتائج علاجها. وقد أجري المسح العالمي للصحة النفسية في 26 دولة حتى الآن.

ويعتبر تصميم وتطوير بوابة معلومات إلكترونية تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة على الشبكة العنكبوتية (القرية العائلية) من ضمن اهتمامات مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، ويهدف هذا المشروع إلى إيجاد قواعد معلومات شاملة ومحدثة تتعلق بالإعاقة وأنماط علاجها ومراكزها التخصصية ودعمها عبر الشبكة العنكبوتية، ونشر المواد التخصصية في مجال الإعاقة.

كما حصل المركز على عدة جوائز، أهمها جائزة البحرين للعمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي، وهي جائزة إقليمية حصل عليها المركز باسم الأمير سلمان بن عبد العزيز تكريما وتقديرا لتأسيسه ودعمه لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة. إلى جانب جائزة الأمير محمد بن فهد لخدمة أعمال البر، في دورتها السابعة عن فرع القطاعات الأهلية والحكومية المشاركة في دعم وتشجيع أعمال البر.

وحصل على جائزة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للرواد العرب لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تم ترشيح المركز لها من خلال وزراء الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، وجائزة شايو 2011 من مفوضية الاتحاد الأوروبي في المملكة العربية السعودية، وذلك لدور المركز في جعل حقوق المعاقين معترفا بها من دون تمييز.

كما تمت الموافقة على إنشاء جائزة خاصة بمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة باسم «جائزة الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة»، وذلك تشجيعا ودعما للبحث العلمي والتأكيد على أهميته، وتم تشكيل هيئة للجائزة برئاسة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، وزير الصحة وعضو مجلس أمناء المركز، ونخبة من الخبراء والمتخصصين بالسعودية، وتشكيل لجنة للجائزة أيضا. ويسخر المركز كل الإمكانيات اللازمة لإنجاح الجائزة.