برلمان كردستان يمرر قانون الميزانية بالأغلبية

المعارضة تقاضي رئيس الحكومة ووزير الموارد الطبيعية

TT

لم تثن التهديدات التي أطلقتها منظمات المجتمع المدني بتنظيم مظاهرات عارمة بأنحاء كردستان في حال تمرير ميزانية الإقليم للعام الحالي دون الكشف عن الموارد الحقيقية، كما لم تشفع المقاطعة التي أعلنتها كتل المعارضة الثلاث (التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) بتحقيق أكبر قدر من الشفافية في مناقشات الميزانية، التي دعا إليها رئيس الإقليم مسعود بارزاني أيضا أثناء احتدام المناقشات البرلمانية حول الميزانية، حيث صادق برلمان كردستان، يوم أمس (الأحد)، بالأغلبية على الميزانية الخاصة بالإقليم للسنة الحالية 2012، التي تقدر بنحو 12 مليار دولار.

وتخيم على كردستان حالة من القلق مع تمرير الميزانية، خاصة أن كثيرا من منظمات المجتمع المدني سبق أن أعلنت في بيانات متكررة أنها ستنظم مظاهرات شعبية ضد تمرير قانون الميزانية دون تحقيق أكبر قدر من الشفافية والوضوح، خاصة أن الميزانية هي قوت الشعب الذي يجب الدفاع عنه، وهذا ما أدى يوم أمس وقبل إقرار الميزانية إلى حالة من القلق والترقب داخل البرلمان الذي تحدثت مصادر في المعارضة أن قوات النخبة من تشكيل بيشمركة «زيرفاني» قد وصلت إلى هناك، وهذا ما نفاه المستشار الإعلامي لرئاسة البرلمان، طارق جوهر سارممي، بشكل قاطع، فقد أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمر لم يستدع أي إجراءات طارئة، حيث إن الكتل البرلمانية بما فيها كتل المعارضة كانت متوافقة حول بنود وفقرات الميزانية إلى ما قبل أمس، ولكن تلك الكتل اتخذت موقفا بالمقاطعة لأسباب تتعلق بتشكيل اللجنة الخاصة بكشف الإيرادات المحلية».

وأوضح سارممي: «لقد سارت المناقشات منذ بدايتها بشكل سلس، وشاركت الكتل البرلمانية جميعها بالمناقشات، بما فيها كتل المعارضة، ووصل عدد الأعضاء المشاركين في المناقشات والمداخلات وتوجيه المقترحات 104 أعضاء من مجموع 111 عضوا، وخلال الأيام السابقة تمت مناقشة ثم إقرار 24 مادة من مشروع القانون، مع الأخذ في الاعتبار جميع الآراء والمقترحات والتعديلات المطروحة، وبقيت هناك تسع مواد كان يفترض مناقشتها يوم أمس، وصولا إلى طرح المشروع بالكامل للتصويت، ولكن كتل المعارضة الثلاث أعلنت مقاطعتها للجلسات بذريعة عدم تشكيل اللجنة الخاصة للتحقق من الإيرادات، ولكن البرلمان رأى أن هذا الطلب غير ضروري لأن هناك ديوان للرقابة المالية يستطيع أن يتابع هذا الموضوع مع لجنتي الطاقة والمالية ببرلمان كردستان للكشف عن تلك الموارد، مما يؤكد عدم الحاجة إلى تشكيل اللجنة المقترحة».

وحول التداعيات المحتملة لتمرير قانون الميزانية بمعزل عن موافقة الكتل المعارضة، قال سارممي: «من خلال مشاركة الأعضاء في جميع الكتل البرلمانية، ظهر أنه كان هناك هدف واحد للجميع، وهو تحقيق أكبر قدر من الشفافية في مناقشات الميزانية، وأود أن أشير إلى أن 9 كتل نيابية مختلفة داخل البرلمان قد صوتت لصالح المصادقة على الميزانية وتمريرها بالإضافة إلى الكتلة الكردستانية، وهذا يعني تحقيق الأغلبية المطلقة للمصادقة، ومن ضمن هذه الكتل نواب مستقلون كانوا للأمس القريب جزءا من كتلة التغيير المعارضة، وعليه، فأنا لا أتوقع أن يكون لموقف ثلاث كتل برلمانية أي تأثير على العملية التي سارت بكل انتظام وشفافية، وبموافقة الأغلبية».

وفي تصريح لرئيس كتلة التغيير المعارضة كاردو محمد، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن سبب مقاطعتنا لجلسات البرلمان كان عدم تلبية مطلبنا الأساسي والوحيد، وهو تشكيل لجنة خاصة للتحقق من الموارد المحلية، وخاصة موارد النفط، وسبق أن أنذرنا منذ البداية بعدم وجود الشفافية والوضوح في هذا الباب المتعلق بالإيرادات، ولكن للأسف لم تستمع رئاسة البرلمان ولا الكتلة الكردستانية لهذا المطلب، ومررت الميزانية كما أرادت ودون موافقتنا، وهذا ما يدفعنا إلى سلوك طرق قانونية للطعن بقرار البرلمان».

وكشف النائب سمير سليم عن كتلة الاتحاد الإسلامي عن الطرق القانونية التي تزمع كتل المعارضة اتخاذها، قائلا: «سنتقدم بشكوى ضد الحكومة العراقية أولا بسبب احتجازها مستحقات إقليم كردستان من النفقات السيادية والحاكمة، كما سنقاضي أيضا رئيس حكومة الإقليم ونائبه ووزراء المالية والتخطيط والموارد الطبيعية بحكومة الإقليم بسبب عدم إيضاح العائدات النفطية، فهناك موارد هائلة لا أحد يعرف شيئا عنها، وخاصة عمليات بيع النفط ومشتقاته، والبرلمان هو الجهة المسؤولة عن مراقبة تلك الموارد وتوضيحها للرأي العام». وأضاف سليم في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» لقد حاولنا كثيرا من خلال مداخلاتنا ومقترحاتنا ومناقشاتنا أن نبين للرأي العام تلك الموارد، ولكن للأسف يبدو أنه ليس هناك من يستمع إلينا ونحن نواب الشعب في البرلمان».

وتنص المادة 24 من قانون الموازنة بالإقليم، الذي صادق عليه البرلمان، يوم أمس، على أن «تقوم وزارة الموارد الطبيعية بحكومة الإقليم بتأمين ميزانية خاصة من البترودولار للسنتين 2010 و2011 للمحافظات المنتجة للنفط بواقع دولار واحد عن كل برميل نفط، وتخصيص تلك العوائد لتنفيذ مشاريع خدمية في المحافظات المنتجة.

وأصدرت كتل المعارضة في وقت لاحق بيانا إلى الرأي العام جاء فيه «كما كان متوقعا بعد أن انسحابنا من قاعة البرلمان وإعلاننا الاعتصام داخل البرلمان، مررت الكتلة الكردستانية ميزانية هذا العام دون مراعاة لأي من الملاحظات والمداخلات والمقترحات التي تقدمنا بها من أجل الإصلاحات. لذلك نعلن نحن الكتل المعارضة عدم مسؤوليتنا عن هذه الميزانية غير الشفافة والمليئة بالنواقص، وسنواصل جهودنا في المستقبل من أجل زيادة الضغط لمواجهة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وقطع الطريق عن هدر الأموال العامة وأداء المؤسسات الحكومية. ولتحقيق هذا الهدف سنبادر كخطوة أولى بتسجيل دعوى قضائية ضد الأطراف التي تخفي أو تستولي على الإيرادات، ولن نسكت عن الانتهاكات القانونية ومحاولات إخفاء الموارد المحلية».

يُذكر أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني سبق أن وجه رسالة إلى رئاسة البرلمان دعا فيها إلى تحقيق أكبر قدر من الشفافية والوضوح في كشف موارد الإقليم أمام الرأي العام.