اجتماع طارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي يحذر من نشوب حرب أهلية في سوريا

سوريا وإيران ترفضان مناقشة تعليق العضوية وتتحفظان على مقترح التعامل مع الفصل السابع

الأمير تركي بن محمد وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف خلال الاجتماع الطارئ (واس)
TT

طغى قرار رفض كل من إيران وسوريا مقترح تعليق عضويتهما في منظمة التعاون الإسلامي على الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في جدة أمس. وبرر ممثلو الدولتين الرفض بعدم اختصاص اللجنة التنفيذية، رغم أنها مخولة من قبل المجلس الوزاري، وشددا على ضرورة تضمين البيان الختام رفضهما مناقشة الوضع في سوريا.

وشددت كل من سوريا وإيران خلال الاجتماع على الرفض التام حول مقترح التعامل مع الفصل السابع لمجلس الأمن، واستخدام القوة ضد القوات السورية، والتي آلت الأوضاع فيها إلى سفك للدماء وإزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء، وتدمير واسع للبيوت والمنشآت، بسبب العنف العشوائي، والذي فاق تعداد ضحاياه الآلاف، حيث أيدت دولة الجزائر وكازاخستان رفض تدخل القوات في الشأن السوري في الوقت الراهن.

من جهتها، أيدت السعودية خلال الاجتماع تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، وقال الأمير تركي بن محمد وكيل وزارة الخارجية للعلاقات ذات الأطراف المتعددة في السعودية، إن الاجتماع مطالب باتخاذ إجراءات حاسمة وقوية بعد فشل أنصاف الحلول وكل الجهود المبذولة لوقف المجازر التي تعرض لها الشعب السوري الشقيق، مؤكدا أن إراقة الدماء للأبرياء ليس من الدين ولا من القيم الأخلاقية.

وأوضح أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أن الإجماع يكمن في تدارس التطورات الأخيرة المهمة التي تقلق الأمة الإسلامية والتي لا يمكن تأجيلها إلى حين الاجتماعات العادية. ويأتي هذا الاجتماع الاستثنائي بعد قرابة سبعة أشهر على اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير، الذي خصص لبحث الأوضاع الجارية في سوريا، كذلك دراسة الأزمات الأخيرة في فلسطين، وسوريا، والسودان، ومالي.

ففي الشأن السوري، قال إحسان أوغلي: «إن ما يحدث حاليا ينذر بنشوب حرب أهلية قد تطحن المزيد من آلاف الضحايا الأبرياء، وقد يتجاوز أثرها سوريا إلى كل دول المنطقة وبات من الواجب علينا الإسراع لإنقاذ ضحايا هذا العنف، وقد سبق لي أن وجهت في هذا المضمار قبل أقل من شهر نداء لوقف عمليات القتل في سوريا، استنادا إلى أن تعاليم ديننا الحنيف تؤكد صيانة حرمة النفس البشرية، وتدعو إلى حمايتها، وتحرم قتل الأبرياء أو إلحاق أي أذى بهم».

وناشد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي علماء سوريا خاصة حض الناس على احترام أيام شهر رمضان الحرم وهي على الأبواب، وعدم الاقتتال فيها، وتثقيف الناس بموقف الشريعة السمحة من عمليات قتل الأبرياء، والتي تدينها وتحرمها كل الديانات والمعتقدات، مؤكدا في الوقت ذاته مسؤولية الحكومة السورية في الحفاظ على أمن الشعب السوري وسلامته.

وزاد إحسان أوغلي «لقد حرصنا منذ بداية هذه الأزمة على الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة عضو، واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، واقترن هذا الموقف بحرصنا على سلامة سوريا وأمنها واستقرارها، ورفض تدويل أزمتها توطئة للوصول إلى حل دائم في إطار العالمين الإسلامي والعربي، كما ينص على ذلك الميثاق، ولكن تفاقم الوضع الأمني، وطبيعة الممارسات القمعية، وقتل أعداد كبيرة من الأطفال والنساء، كانت عوامل أدت إلى تدويل الأزمة».

وأضاف إحسان أوغلي «إن منظمة التعاون الإسلامي أول منظمة دولية سعت لتطويق الأزمة في سوريا قبل استفحالها، حيث أجريت محادثات واتصالات مع السلطات في دمشق»، معربا عن القلق من استفحال الأزمة، ومشجعا السلطات السورية على سرعة تنفيذ الإصلاحات التي كانت السلطات قد أعلنت عنها. ثم بعثت بمبعوث خاص إلى دمشق في شهر مايو (أيار) 2011 يحمل رسالة خطية إلى الرئيس بشار الأسد نحثه فيها على ضرورة ضبط النفس، وعدم حصر محاولات حل الأزمة في نطاق العمل العسكري والأمني، والسعي إلى تحقيق التوافق بين كل مكونات الشعب السوري لضمان استقرار سوريا، وتجنيبها مخاطر تدويل أزمتها، وأصدرنا عددا من البيانات الرسمية تدعو إلى التهدئة وإيجاد حل تفاوضي، كما واظبنا على الدعوة لوقف دوامة العنف».

واستطرد أمين عام المنظمة «لقد شاركنا بوفد من المنظمة في أشغال لجنة تقصي الحقائق الإنسانية التي ذهبت إلى سوريا في شهر مارس (آذار) من هذا العام إلى جانب وفد من منظمة الأمم المتحدة، وأمام عدم إحراز أي تقدم في المساعي التي استهدفت الحوار الجاد السلمي، واستمرار أعمال القتل والتدمير وزيادة تدفق اللاجئين خارج الحدود، أعلنا ترحيبنا بالحل الذي تبنته جامعة الدول العربية، وخطة السيد كوفي أنان بنقاطها الست، التي لم تحظ حتى الآن بالاستجابة لها».

وفي صعيد آخر، قال الأمين العام للمنظمة «ما زال النزاع بين شمال السودان وجنوبه أمرا يثير قلقنا البالغ حيث ناشدت البلدين الجارين في مناسبات كثيرة اللجوء إلى المفاوضات والحوار، لإيجاد حل للمشاكل العالقة، بما يتضمن موضوع الحدود المتنازع عليها، وقد أدنت التغلغل العسكري الذي قامت به جمهورية جنوب السودان إلى منطقة هيجليج، وأعلنا تضامننا الكامل مع جمهورية السودان في جهدها لحماية سيادتها، ووحدة أراضيها، واعتبرنا أنه لا طائل من وراء هذا النزاع، بل إنه يشكل انحرافا يهدد الكثير من الجهود والموارد البشرية لكلا الجانبين، بدلا من الاهتمام بقضايا التنمية الحقيقية». وفي هذا الإطار، ناشد إحسان أوغلي أصدقاء السودان وجنوب السودان الإلحاح على كلا الطرفين لاحترام تعهداتهما المنصوص عليها في اتفاقية السلام، وحل جميع المشاكل العالقة عن طريق المفاوضات والحوار.

ومن المقرر أن يعلن بيان ختامي بشأن القضايا المطروحة وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا تتجه لإمكانية تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي احتجاجا على الانتهاكات الدموية التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه أو تجميد مشاركتها في اجتماعات المنظمة الدورية.