رئيس باراغواي المعزول يدعو إلى التظاهر ودول الجوار تسحب سفراءها

الحكومة الجديدة تسعى لفرض شرعيتها.. والمزارعون يطالبون بإنصافهم

رئيس الباراغواي المطاح به لوغو يتحدث إلى صحافيين في مقار قناة تلفزيونية عمومية في العاصمة أسونسيون أمس (ا.ف.ب)
TT

تسعى حكومة رئيس باراغواي الجديد، فيديريكو فرانكو، إلى فرض شرعيتها، بعد إقالة الرئيس فرناندو لوغو، الذي دعا إلى «التظاهر السلمي» للاحتجاج على إقصائه عبر تصويت في البرلمان.

وقال فرناندو لوغو إن «من أقيل ليس لوغو، بل الديمقراطية، ولم تحترم رغبة الشعب»، داعيا نحو 500 من أنصاره، احتشدوا في أسونسيون، إلى «التظاهر السلمي»، احتجاجا على قرار النواب، مؤكدا في الوقت نفسه قبوله «بالحكم الجائر للبرلمان باسم السلام واللاعنف». وأوضح لوغو، وهو أول رئيس يساري لباراغواي خلال 62 عاما، أنه كان ضحية «انقلاب برلماني»، وذلك في تصريح تلفزيوني.

وبدوره، أقر الرئيس الجديد فيديريكو فرانكو، في مؤتمر صحافي «بوجود هواجس تقلقه مع المجموعة الدولية»، لكنه سارع إلى رفض تعبير «انقلاب» الذي استخدمه أيضا بعض الرؤساء غداة إقالة الرئيس فرناندو لوغو.

وفي أعقاب هذه العملية الانتقالية السريعة، التي أدانها عدد كبير من بلدان أميركا اللاتينية، ستعمد الحكومة الجديدة إلى تبرير هذا الوضع لفرض نفسها محاورا يتمتع بالصدقية في الخارج.

وسحبت الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وشركاء باراغواي في السوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية (ميركوسور)، سفراءها احتجاجا على إقالة لوغو. وتحدثت الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر عن «انقلاب غير شرعي»، واستدعت سفيرها في أسونسيون، الذي لن يعود إلى مقر عمله قبل «عودة النظام الديمقراطي». كما أدانت الحكومة البرازيلية الإقالة السريعة للرئيس لوغو، مشيرة إلى أنه لم يحصل على حقوقه في الدفاع، ولذلك فإن ما حصل يعد «خروجا على النظام الديمقراطي». وأعلن رئيس نيكاراغوا، دانيال أورتيغا، بدوره، أن حكومته لا تعترف برئيس باراغواي الجديد، فيديريكو فرانكو. وقررت حكومة أورغواي، من جهتها، استدعاء سفيرها في باراغواي للتشاور، واعتبرت أن إقالة فرناندو لوغو، تخالف «الممارسات الديمقراطية الأساسية».

وندد الرئيس البوليفي، ايفو موراليس، ثم كوبا بما قالا إنه «انقلاب برلماني»، فيما وصف الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الرئيس الجديد بأنه «غير شرعي». أما الرئيس الإكوادوري، فدعا إلى عقد قمة لاتحاد بلدان أميركا الجنوبية هذا الأسبوع، لاتخاذ قرار حول احتمال فرض عقوبات على النظام الجديد.

وحرص فرانكو، أول من أمس، على أن يطمئن الداخل والخارج، مشيرا إلى «عدم وجود جنود في الشوارع». لكنه رفض تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في المجزرة الأخيرة للمزارعين، الذين لا يملكون أراضي وعناصر الشرطة (التي بررت جزئيا إقالة سلفه)، قائلا إن في البلاد «مؤسسات دستورية»، وإن حكومته ستتعاون معها «لمعاقبة المسؤولين عن هذه المجزرة».

وساد الهدوء العاصمة وكل مناطق هذا البلد الفقير الصغير في أميركا الجنوبية، المعروف بنظامه المتشدد لألفريدو ستروستر بين 1954 و1989. ورافقت صدامات بين أنصار فرناندو لوغو وقوات الأمن الإعلان عن إقالته مساء الجمعة، لكن الجموع احترمت بعد ذلك الدعوة التي وجهها لوغو إلى الهدوء.

وقد أقيل هذا الأسقف السابق، الذي اتهمه البرلمان «بالتقاعس في تأدية مهماته»، بعد محاكمة سياسية استغرقت بضع ساعات في البرلمان الذي فقد فيه القسم الأكبر من حلفائه.

في هذه الأثناء، عين فيديريكو فرانكو (49 عاما)، النائب السابق للوغو رئيسا، وأعلن تشكيل حكومة جديدة بعد بضع ساعات. وحصل فرانكو الذي ينتمي إلى الحزب الليبرالي على دعم كبار مالكي الأراضي وبدأ حملة دبلوماسية، أول من أمس، لدى استقباله القاصد الرسولي في أسونسسيون أوغستان ارييتي، ثم السفيرين الأميركي والألماني.

وفي غضون ذلك، طالب أهالي المزارعين، الذين قتلوا في 15 من الشهر الحالي خلال مواجهات مع الشرطة أدت إلى إقالة لوغو في باراغواي حيث يستحوذ 2 في المائة من المالكين، على 80 في المائة من الأراضي، بإنصافهم وبتمليكهم أراضي يعتاشون منها. وغداة الإقالة، اجتمع عشرون من صغار المزارعين في قرية ياكوندال (300 كلم شرق العاصمة) على بعد بضعة كيلومترات من المنطقة، التي وقعت فيها أعمال عنف أسفرت عن 11 قتيلا من المزارعين وستة من عناصر الشرطة.

وقد خسرت مارتينا باريديس (33 عاما) اثنين من أشقائها في العملية التي استهدفت إخراج عشرات المزارعين، الذين كانوا يحتلون ملكية تبلغ مساحتها ألفي هكتار يملكها متعهد محلي ثري. وقالت: «نحن نحتاج إلى الأراضي لتأمين قوت يومنا». وكان الشقيقان من العمال ويتقاضى كل منهما 30 ألف غوارانيس يوميا (أقل من ثمانية دولارات). وأضافت مارتينا: «يمتلك أبي 10 هكتارات، ونحن 11 شخصا.. نعيش من استثمار هذه الأرض التي تنتج السمسم والذرة والقطن. وأوضحت مارتينا أن احتلال أراض يشكل أملا في الحصول يوما على قطعة أرض (لبناء منزل صغير وتأمين استثمار صغير)».