نتنياهو يدعم فرض الخدمة العسكرية على العرب.. ونوابهم يعتبرون ذلك إعلان حرب

بعد مرور 64 سنة على قرار عدم تجنيدهم

جندي إسرائيلي خلال مواجهات مع محتجين فلسطينيين على مصادرة أراض في بلدة كفر قدوم جنوب نابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نوابا عربا في الكنيست التقوه في مكتبه الليلة قبل الماضية، أنه ينوي سن قانون يلزم الشبان العرب بالخدمة الإجبارية في الجيش كشرط لتحقيق المساواة، وقال: إن من يطالب بالمساواة في الحقوق عليه أن يقبل بالمساواة في الأعباء.

ورد النواب العرب عليه بأنهم ليسوا مستعدين للمشاركة في ممارسات جيش الاحتلال ضد شعبهم، وأنهم يرون في مشروعه إعلان حرب على المواطنين العرب في إسرائيل، ودعا النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، حكومة نتنياهو أن لا تتشبث بأوهام فرض خدمة كهذه، وقال لدى خروجه من الاجتماع مع نتنياهو «إننا سنتصدى لها بكل قوتنا لمنعها». في حين قال النائب أحمد الطيبي من القائمة الموحدة والعربية للتغيير، رئيس الحركة العربية للتغيير: «إن الرغبة الجارفة لدى نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان بتجنيد العرب، تدل على حاجة ملحة لتلقي العلاج من مرض الجهل في المنطق. فاقتراحهم هو تعبير عن جنون هستيري، وسيمنى بالفشل الذريع»، ودعا نتنياهو إلى ألا يحل مشاكله الائتلافية على حساب العرب، وقال النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني، إن العرب سيرفضون بكل قوتهم الخدمة العسكرية وسيحاربونها.

وكان نتنياهو قد خرج بهذا الموقف المفاجئ بعد أن دخلت حكومته في أزمة ائتلافية جديدة مع الأحزاب الدينية من جهة ومع حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة ليبرمان من جهة ثانية، على خلفية سن قانون جديد بخصوص الخدمة العسكرية والمدنية. فقد أقيمت لجنة من نواب الائتلاف الحاكم تدعى لجنة «بلاسنر»، على اسم رئيسها، وهو نائب عن حزب «كديما» لوضع صيغة قانون يضمن ما سموه «المساواة في الأعباء»، المقصود به وضع حد لإعفاء المتدينين من الخدمة، وبحثت اللجنة أيضا في اقتراحات لتجنيد الشبان العرب للخدمة العسكرية أو استبدالها بخدمة مدنية إلزامية، ولكن اللجنة، وبعد أن جلست مع ممثلين عن كل الأطراف خرجت باستنتاجات أن الشبان العرب غير ملزمين بالخدمة لأسباب قومية من جهة ولأن الجيش الإسرائيلي أيضا ليس معنيا بتجنيد جارف للعرب.

وعندما نشرت هذه الاستنتاجات خرج ممثلو الأحزاب الدينية بالاحتجاج وقالوا: إنهم يتفهمون القرار بإعفاء العرب من الخدمة ويطلبون من الحكومة أن تتفهم وضعهم كما تفهمت وضع العرب، وانسحبوا من اللجنة احتجاجا على قرارها، ورد ليبرمان بالقول إن حزبه أيضا ينسحب منن اللجنة وهدد بأنه سينسحب من الحكومة إذا لم يسن قانون يلزم كل مواطن إسرائيلي يهوديا كان أم عربيا، بالخدمة في الجيش.

ومع تفاقم هذه الأزمة، تصادف أن اجتمع نتنياهو مع النائبين بركة والطيبي للتباحث في قضايا العرب في إسرائيل. ففاجأهما بتأييده لليبرمان في تجنيد إلزامي للعرب واليهود.

يذكر أن حكومات إسرائيل المتعاقبة، امتنعت عن فرض التجنيد الإجباري على الشبان العرب طيلة 64 عاما، واكتفت بفرضه على الدروز منهم، وجاء قرارها هذا أولا لأن العرب لن يتجندوا في جيش يحارب شعبهم الفلسطيني وأمتهم العربية وثانيا لأن الجيش الإسرائيلي لا يريد أن يرى في صفوفه عشرات ألوف الجنود العرب. فهم يشكلون نسبة 20% من السكان ولا يريد أيضا أن يكون 20% من جنوده عربا، خوفا من أن يتحولوا إلى طابور خامس في صفوفه.

وخرجت صحيفة «هآرتس» بمقال لمحرر الشؤون الحزبية، يوسف فولتر، يقول فيه «إن تصريحات نتنياهو ليست جدية ولم تنسق مع الجيش، وإن كل ما في الأمر أنه يتشاطر على الضعفاء (يقصد العرب) ويحاول أن يحل أزمته الائتلافية على أكتافهم، وقال فولتر إن نتنياهو يثبت مجددا في هذا الشأن أنه ليس قائدا، وأنه بدلا من أن يقود رفاقه في الائتلاف، يقودونه من أنفه إلى متاهات لا تناسب رئيس وزراء وسيتراجع عنها عاجلا أو آجلا».

وقال النائب بركة لـ«الشرق الأوسط»: إن أجندة حكومة نتنياهو هي من أخطر الأجندات التي عرفتها حكومات إسرائيل وهي تشن حربها على عدة جبهات، ضد الشعب الفلسطيني وضدنا نحن الفلسطينيين في وطننا، وأيضا ضد إيران، إضافة إلى شن حرب اقتصادية على الشرائح الفقيرة والضعيفة، التي غالبيتها في إسرائيل من العرب، وأضاف بركة: إن هذه الحكومة تريد الإسراع بحل أزمة المؤسسة الحاكمة في قضية تجنيد الشبان المتدينين اليهود على حساب المواطنين العرب، بفرض خدمة مرفوضة كليا، بتسمياتها المختلفة.

وتابع بركة قائلا: «إن المواطنين العرب لن يقبلوا بأي حال من الأحوال خدمة عسكرية ولا (وطنية) أو (مدنية)، وهناك ثلاثة مقاييس يجب التركيز عليها في هذه المسألة. الأول، هو أنه لا يمكن للدولة أن تطلق على نفسها (دولة يهودية) وأن تطلب من العرب أن يدافعوا عنها بهذه المواصفات، أو أن تعرض عليهم بديلا للخدمة العسكرية، والثاني، أن الدولة لا يمكنها أن تظهر أياديها نظيفة للجماهير العربية التي تواجه تقريبا أسبوعيا قوانين عنصرية جديدة، ولهذا فإن كل حديث عن مساواة، يجب أن يسبقه إلغاء كل القوانين والتشريعات والأنظمة العنصرية التي تم سنها على مر عشرات السنين، وثالثا، هو أن الجماهير العربية هنا هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأوضاعها ومكانتها، المدنية والقومية، مرتبطة بما جرى في عام 1948. إقامة دولة إسرائيل ونكبة الشعب الفلسطيني».

وتابع بركة القول: وعلى هذا الأساس فإنه لن يكون أي بحث مع الجماهير العربية حول واجباتها بما يسمى «الخدمة العسكرية» وبدائلها، من دون تحقيق السلام مع شعبنا، الشعب العربي الفلسطيني، وحتى بعد تحقيق المقاييس الثلاثة السابق ذكرها، لن يكون البحث حول الانخراط بالخدمة العسكرية، وإنما ستكون نقطة البدء فيه، هو حصتنا في الأرض، أراضينا التي سلبت منا على مر السنين منذ قيام إسرائيل.

وحذر بركة من أن «أي محاولة من هذا القبيل سنجابهها بشكل حاسم وحازم، من قبل كل ألوان طيف الجماهير العربية، وإذا قرر من قرر أن يجعل من الخدمة بكل تسمياتها، إلزامية، فنحن سندعو إلى تمرد مدني، وحتى وإن كل هذا مرتبطا بالزج بآلاف الشبان في السجون ضد هذا النهج».