السودانيون ينفذون جمعة «لحس الكوع» في العاصمة والولايات المختلفة.. ووقوع إصابات

قيادات في المعارضة لـ «الشرق الأوسط»: الشباب السوداني دعا للمظاهرات والنظام لحس كوعه

TT

نفذ السودانيون أمس ما سموه بجمعة «لحس الكوع»، في مظاهرات عمت العاصمة السودانية الخرطوم والمدن حولها إلى جانب الولايات المختلفة، وطالب المتظاهرون بإسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير. ووقعت إصابات بحسب شهود عيان بينها حالات إغماء. واعتبر تحالف المعارضة في قوى الإجماع الوطني أن خروج الشعب في مظاهرات كبيرة أمس يفتح الطريق أمام إحداث التغيير، وأن النظام أصبح يترنح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من 6 آلاف متظاهر خرجوا من مسجد عبد الرحمن المهدي في منطقة ود نوباوي في أم درمان، والخاص بهيئة شؤون الأنصار الطائفة التابعة لحزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق، ويشارك ابنه عبد الرحمن الصادق في منصب مساعد الرئيس السوداني عمر البشير. وأضافوا أن اشتباكات وقعت بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين أطلق فيها الرصاص المطاطي إلى جانب الغاز المسيل للدموع، وأن إصابات متفاوتة وقعت بين المتظاهرين، منها حالات إغماء بسبب استنشاق الغاز. وقال الشهود إن نوع الغاز المستخدم صنع في إيران.

وقالت مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط» إن مظاهرات أخرى خرجت من مسجد السيد علي الميرغني، التابع لطائفة الختمية المؤيدة لزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) محمد عثمان الميرغني، ويشارك ابنه جعفر الصادق في الحكومة في منصب مساعد الرئيس عمر البشير. وأضافت المصادر أن الشرطة أغلقت الشارع الرئيسي في شمبات، وأن اشتباكات وقعت أمام المسجد بين الشرطة والمتظاهرين. وقالت إن مظاهرات أخرى اندلعت في مدن الولايات المختلفة في سنار، الجزيرة، كوستي، مدني، الكاملين، وجميعها تقع في وسط السودان، وفي الأبيض والفاشر غرب البلاد، وفي كسلا في الشرق إلى عطبرة المدينة العمالية المشهورة في الشمال. وأشارت المصادر إلى أن المظاهرات ظلت مستمرة من بعد صلاة الجمعة إلى المساء بتوقيت السودان المحلي.

من جهتها، قالت القيادية في حزب الأمة الدكتورة مريم الصادق المهدي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها محاصرة ومعها مجموعة من النساء في صحن المسجد في المكان المخصص للنساء. وأضافت أن الشرطة ترمي عليهم الغاز المسيل للدموع، وأن المصابات وسطهن لا يمكن نقلهن إلى المستشفى لإسعافهن بسبب الحصار المحكم الذي تضربه الشرطة على المكان. وتابعت «بتصرفات السلطة وضربها الناس داخل المسجد فإن حملة السلاح لديهم الحق في مناهضة النظام بوسيلتهم، لأنه يبدو أنه لا يفهم سوى هذا السلاح». وأضافت أن الدعوة للمظاهرات تمت من قبل الشباب السوداني والأحزاب دعمتها، وقالت «النظام يريدنا أن نذهب لحمل السلاح، الآن هم يلاحقون العزل ويتم ضرب النساء بالرصاص المطاطي ولا نستطيع إسعافهن ونقلهن إلى المستشفى».

من جانبها، قالت إحدى الصحافيات، فضلت حجب اسمها، لـ«الشرق الأوسط»، إن العاصمة السودانية شهدت مظاهرات قوية أكدت أن الشعب يسعى إلى إسقاط النظام، وأضافت «شارك أكثر من 6 آلاف متظاهر في مسجد عبد الرحمن المهدي في أم درمان، وأكثر من 3 آلاف في الأبيض بولاية شمال كردفان في غرب البلاد». وقالت «مظاهرات جمعة لحس الكوع أعطت الشعب السوداني ثقة كبيرة ودفعة قوية في أن التغيير أصبح ممكنا، وأنهم لا يهابون بطش السلطة».

من جانبه، قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر عبد السلام، لـ«الشرق الأوسط»، إن مظاهرات جمعة «لحس الكوع» التي تعني «المستحيل» تمت بمبادرة من الشباب السوداني، وعبرت عن حركة المجتمع. وأضاف «بكل تواضع نقول إن الأحزاب السودانية لم ترتب لهذا اليوم، وإنما رتب له الشباب، وكانت مظاهرة ناجحة للغاية، وأعطت رسالة واضحة وقوية بأن الشعب السوداني تحدى الجبروت وعبر عن إرادته بقوة». وقال «الاحتجاجات التي خرجت قبل أسبوعين تحولت إلى ثورة عارمة، وهذا الشعب معلم لكل الشعوب، ولن تستطيع أي قوة أن تمنعه من التعبير عن إرادته وهو لا ينكسر»، مشيرا إلى أن الملاحظة المهمة هي مشاركة طائفة الختمية التابعة للحزب الاتحادي الديمقراطي رغم أن جزءا منه يشارك في الحكم. وتابع «نظام المؤتمر الوطني كان يعتقد أن القوى التقليدية أصبحت في جيبه، وكان يعول عليها لتصبح درعا ضد إرادة الشعب، لكن هذه القوى الحية أكدت أنها مع خيار شعبها». وقال «الآن ليس نافع وحده هو من لحس كوعه، بل كل أركان النظام لحسوا». وكشف عن أن الغاز المسيل للدموع خطير يشل حركة الشخص، وقال «يبدو أنه صنع في دولة مرتبطة أيديولوجيا مع النظام، وهو ذات الغاز المستخدم في سوريا ومناطق الاستبداد».

وفتح عبد السلام الاحتمالات كلها في الفترة القادمة بما فيها تشكيل مجلس انتقالي للتحضير إلى الفترة الانتقالية، وقال «هذا الأمر يدور وسط تحالف المعارضة حتى نرص صفوفنا لنعالج مشاكل ما بعد نظام البشير، وحل المشاكل مع حملة السلاح، وكل هذا موجود في وثيقة الدستور المقترح». وأضاف «نحن نعمل لأن نطمئن للمرحلة القادمة، وهذه الثورة ستمضي إلى أبعاد أخرى.. ونقول ذلك ليس لأننا فرحون بما حدث في جمعة لحس الكوع، لكن لأن القوى السياسية في الوقت ذاته لا تقف متفرجة».

وقال شهود إن الشرطة أطلقت النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، وإن نساء وأطفالا إلى جانب كبار في السن أصيبوا باختناقات.

يذكر أن الدعوة للخروج في مظاهرات جمعة «لحس الكوع» أطلقها ناشطون سودانيون تحديا لمساعد البشير الدكتور نافع علي نافع الذي تحدى من يفكر في إسقاط النظام بأنه يمكن أن يلحس الكوع أسهل، لاستحالة ذلك.