الطاسة الضائعة!

علي المزيد

TT

تعاني الدول العربية من غياب الاستراتيجيات، وهذا ملموس وظاهر وقابل للملاحظة من دون بذل أي جهد، فأنت حينما تفكر في مشروع تجاري لفئة الشباب وتأتي لطلب إحصاءات من جهة رسمية في دولة عربية ما فلن تجد من يجيبك، أو يقال لك لدينا إحصاءات قديمة، ولعلنا بعد الربيع العربي وإعداد قوائم الناخبين كما حدث في مصر نجد مثل هذه الإحصاءات مستقبلا.

ومن غياب الاستراتيجيات عدم وضوح الرؤية على مدى خمسين سنة قادمة مثلا وغياب الأهداف التي تسعى الحكومات عبر أجهزتها لتحقيقها، ستقولون: خمسون سنة كثيرة وأنت مبالغ. أخبركم أنه لا توجد رؤية استراتيجية على مدى 15 سنة في أهم نقطة، وهي التعليم، فنحن لا نعرف ماذا نريد من المنهج وأي طالب يخرج، ببساطة مخرجات التعليم لا تواكب متطلبات سوق العمل.

غياب الاستراتيجيات يعطل سير العملية التجارية، بل يؤخر كل شيء، ويجعل من تقدم العالم العربي تقدما (سلحفائيا). أمنت بالله، وبأن الطاسة ضائعة على مستوى الاستراتيجيات. الغريب في عالمنا العربي ليس غياب الاستراتيجيات فقط، بل حتى العمل الإجرائي البسيط به غياب ملحوظ، فنحن نفتقر لأدلة إجرائية لأعمالنا اليومية، وإن وجدت في مصالحنا الحكومية فهي لا تطبق، وإن طبقت فهي لا تعلن للجمهور المستهدف بالخدمة.. بمعنى أنك لا تجد لوحة مكتوبا عليها المطلوب منك لاستخراج رخصة قيادة، وفي بعض مطاراتنا العربية التي يفترض أن تكون الواجهة المشرفة للبلد تجد من يتربص بك لتقع في خطأ. فأنت على سبيل المثال لا تجد قائمة بالممنوعات من دخول البلد، ولا تعرف كم الكاش النقدي المسموح لك بحمله، بل تجد المتربصين لسلبك، هذه الأخطاء تؤخر الاستثمار في البلد وتؤخر إيجاد الفرص الوظيفية. الطاسة ضائعة في الاستراتيجيات وفي الإجراءات، فما رأيك أيها القارئ الكريم، أن أتعاون أنا وأنت في البحث عن هذه الطاسة الضائعة في عالمنا العربي؟! ودمتم.

* كاتب اقتصادي