الطليان يحلقون في الأعالي.. والألمان يتحسرون على انتهاء «الحلم»

«الآزوري» يهزم «الماكينات» بالتخصص ويتأهل لمواجهة الماتادور الإسباني في نهائي كأس الأمم الأوروبية

TT

تأهل المنتخب الإيطالي إلى نهائي يورو 2012 عبر الفوز على نظيره الألماني بهدفين لهدف على الاستاد الوطني في وارسو في المربع الذهبي لكأس الأمم الأوروبية. ويدين المنتخب الإيطالي بالفضل في هذا الفوز لمهاجمه الشاب ماريو بالوتيللي الذي سجل هدفي الفريق في الدقيقتين 20 و36.

وجاء الهدف الوحيد للفريق الألماني من ضربة جزاء في الوقت بدل الضائع للمباراة عن طريق مسعود أوزيل. ويلتقي الآزوري في المباراة النهائية غدا في كييف مع نظيره الإسباني الذي تغلب على البرتغال 4-2 بضربات الجزاء الترجيحية مساء الأربعاء في المباراة الأخرى بالدور قبل النهائي.

وأكد شيزاري برانديللي مدرب إيطاليا أن أغلب التوقعات كانت تشير لفوز ألمانيا المتألقة لكن فريقه ناقض كل هذا ليتخطى الدور قبل النهائي ويبدأ حلمه في التتويج بلقب البطولة الأوروبية. وقال برانديللي بعد فوز إيطاليا على ألمانيا أول من أمس وصعودها للنهائي «عندما يحلم المرء يجب أن تكون أحلامه كبيرة. هذه هي بداية الحلم». ولا تبدو النتيجة كبيرة بالنسبة لألمانيا التي قلصت الفارق بهدف من ركلة جزاء في الوقت المحتسب بدل الضائع وكان بوسع إيطاليا إضافة المزيد من الأهداف في الشوط الثاني لكنها أهدرت سلسلة من الفرص. لكن بالنسبة لبرانديللي فإن هذا الانتصار لم يتحقق بسهولة على الإطلاق وبدا المدرب البالغ من العمر 54 عاما مرتاحا لأن ألمانيا لم تصل أبدا لمستواها المعروف أثناء المباراة.

وقال برانديللي بشكل قاطع «لو أدركت ألمانيا التعادل أعتقد أننا كنا سنخسر 5 - 2 في الوقت الإضافي لأننا تفككنا». والسبب في هذا الإرهاق الذي حل بإيطاليا هو الجهد الكبير الذي بذلوه اللاعبون لإيقاف ألمانيا التي فازت بجميع مبارياتها الرسمية منذ نهائيات كأس العالم 2010. وأضاف برانديللي «حاولنا دائما اللعب بعيدا عن الضغوط في البطولة.. هذا هو مصدر قوتنا. أعتقد أننا أظهرنا ذلك في هذه المباراة. حاولنا أن نتبادل الكرة في وسط الملعب.. لطالما رغبت في اقتراح هذا الأسلوب».

وما تمناه برانديللي تحقق وأكثر بينما أثبتت طريقته الجادة في التعامل مع شخصيات متقلبة في الفريق مثل ماريو بالوتيللي صاحب الهدفين أنها مفيدة.

وأعرب برانديللي عن سعادته البالغة بتأهل فريقه إلى نهائي يورو 2012، وقال: «كانت مباراة مذهلة، فعلنا تماما ما خططنا له، أهدرنا فرصة تسجيل الهدف الثالث ولكنها كانت مباراة مثالية.. مسيرة بالوتيللي بدأت منذ الآن». وأوضح برانديللي أن «إسبانيا هي المرشحة للفوز في النهائي، ولكننا لن نقف في موقف المتفرج، هذا الانتصار دليل على حب قميص منتخبنا الوطني».

في المقابل أبدى يواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني خيبة أمله لفشل فريقه في التأهل إلى نهائي يورو 2012. وقال لوف: «أردت أن أعزز دفاعي بتوني كروس، الأهداف جاءت من أخطاء لخط الدفاع، لم نكن منظمين بشكل جيد، بعد الهدف الأول، لقد واجهنا خصما في منتهى القوة». وأضاف: «نشعر بخيبة أمل كبيرة، ولكن لا ينبغي أن نشكك في كل شيء، قدمنا بطولة جيدة، انهمرت الدموع في غرفة خلع الملابس، هناك حالة من الهدوء ولا أحد يتحدث، الجميع يشعر بإحباط شديد، ولكن الفريق سيتطور ويتقدم للأمام». وأعرب لوف عن أسفه على الهدفين اللذين دخلا مرمى فريقه وكان يمكن تحاشيهما.

وكان المنتخب الألماني دخل مباراته ضد نظيره الإيطالي بعد أن فاز في أربع مباريات متتالية ثلاث منها في دور المجموعات وواحدة في ربع النهائي، قبل أن يفشل في تخطي عقدته المستعصية المتمثلة بإيطاليا. ولدى سؤاله لماذا لم تسر الأمور كما لم يشته المنتخب الألماني أجاب لوف «في الشوط الأول وبعد الهدف الأول الذي كان يمكن تحاشيه إثر كرة عرضية من كاسانو، فقدنا تنظيمنا. لم نكن مركزين لدى تسجيل المنتخب الإيطالي هدفيه. وعندما تتخلف بهدفين أمام المنتخب الإيطالي من الصعب العودة وقلب الأمور في مصلحتك على الرغم من أن الفريق أظهر شجاعة كبيرة في الشوط الثاني عندما حاول بكل ما أوتي تسجيل هدف».

وكشف لوف أنه ليس نادما على اختياره التشكيلة التي بدأت المباراة ضد إيطاليا بقوله «بعد المباراة من السهل القول بأنه كان يتعين علينا القيام بهذا الأمر أو ذاك. سجل ماريو غوميز ثلاثة أهداف في هذه البطولة وتدرب بشكل جيد في الأيام الأخيرة. كنت أريد تعزيز خط الوسط فأشركت توني كروس في مواجهة بيرلو ودي روسي لكي يوجد لاعبان يستطيعان إعاقة تحرك الأخيرين».

واعتبر لوف أنه لم يفاجأ بالمستوى الذي ظهر به المنتخب الإيطالي وكشف «كنا ندرك تماما أن إيطاليا الحالية أفضل بكثير من المنتخب الذي خاض كأس العالم 2010، لقد قام المدرب برانديللي بتغيير أسلوب اللعب واعتمد فلسفة هجومية أكثر. يملك مهاجمين رائعين بالإضافة إلى ضابط إيقاع ممتاز هو بيرلو. يلعب هذا الفريق بسرعة كبيرة وفي ظهر مدافعي الفرق المنافسة وأكبر دليل على ذلك هدفه الثاني في مرمانا. لم ننجح في تقليص الفارق في مطلع الشوط الثاني على الرغم من الفرص التي سنحت لنا. لقد كان المنتخب الإيطالي أفضل منا في الأوقات الحاسمة».

وختم «لقد عشنا عامين استثنائيين، لقد تطور مستوى الفريق كثيرا وقبل الخسارة أمام إيطاليا كنا قد حققنا 15 فوزا متتاليا في المسابقات الرسمية. على الرغم من الخسارة يجب أن لا نعيد كل شيء من نقطة الصفر. نحن الفريق الأصغر سنا في هذه البطولة وعلى الرغم من الخسارة أمام إيطاليا التي خيبت أملنا، حقق فريقي بطولة جيدة. لقد أهدرنا فرصة بلوغ المباراة النهائية لكن الفرصة ستكون متاحة أمامنا في المستقبل».

من جانبها احتفلت الصحافة الإيطالية بفوز المنتخب الإيطالي على ألمانيا، واعتبرت أن هدفي المهاجم بالوتيللي «كانا من خارج هذه الأرض». وكتبت صحيفة «كورييري ديلو سبورت»: «إيطاليا كبيرة وبالوتيللي وبيرلو هزما ألمانيا ورفعا إيطاليا إلى الجنة»، مذكرة بأن ألمانيا «كانت المرشحة» للفوز بالبطولة. وكتبت «لا غازيتا ديللو سبورت»: «إيطاليا كبرى في النهائي»، متحدثة عن «أداء مدهش للآزوري، وثنائية رائعة لبالوتيللي». وأضافت: «هزمت إيطاليا ألمانيا. مرة جديدة، وهذه المرة 2 - 1 في وارسو مع ثنائية لبالوتيللي العملاق أخيرا». كما أشادت الصحيفة بصانع العاب المنتخب الإيطالي أندريا بيرلو «الذي أدار العمليات، وكان كالعادة نقطة القوة في المنتخب». وصنفت «لا ريبوبليكا» المباراة بأنها «تحفة»، ولا سيما «الشوط الأول المثالي، الذي أثبت أن كل من اعتبر أن بالوتيللي غير قادر على أداء دور رأس الحربة، أو أن المدرب تشيزاري برانديللي يواجه مشكلات، كان على خطأ».

في المقابل تحسرت الصحافة الألمانية على خسارة منتخب بلادها أمام إيطاليا، وخروجه من الدور نصف النهائي لكأس أوروبا. وعنونت صحيفة «بيلد» الشعبية على موقعها الإلكتروني: «انتهى! انتهى! انتهى الحلم!»، متحدثة عن «دموع في غرف تبديل الملابس» للاعبين الألمان. وكعادتها في الإفراط في مشاعر الثناء وخيبات الأمل، منحت الصحيفة اليومية علامة صفر-20 إلى ثلاثة من اللاعبين الأساسيين في مباراة الخميس هم ماريو غوميز وباستيان شفاينستايغر ولوكاس بودولسكي. وكتبت صحيفة «دي دزايت» أن «الحلم الألماني بالمباراة النهائية انهار». وأسفت على موقعها الإلكتروني بأن «النهائي الذي حلمنا به ضد إسبانيا لن يتحقق، ولن نكافأ بعد بطولة ناجحة إلى هذا الحد». وسألت «إكسبرس» على موقعها الإلكتروني: «(يوغي)، أين كانت فطنتك؟»، في إشارة إلى الخطوات الجريئة للمدرب يواكيم لوف، والتي لم تثمر هذه المرة، مع تفضيله لاعب الوسط طوني كروس على ماركوس ريوس وتوماس مولر، والمهاجم ماريو غوميز بدلا من ميروسلاف كلوزه.

أضافت: «كان جالسا على مقعده. نظره مثبت على أرض الملعب، وهو يقضم أظافره بتوتر. أجل، هذا الرجل، كان يواكيم لوف. أظهر مدرب منتخبنا الوطني الخميس وجها له لم نعد نعرفه: ذاك الخاص بالخسارة».

وأشادت «زودويتش زايتونغ» بطريقة غير مباشرة بالمهاجم الإيطالي ماريو بالوتيلي، بعنوان قالت فيه إن ألمانيا «خسرت بطريقة مؤلمة من بالوتيلي»، الذي سجل هدفي «الآزوري».

وأضافت الصحيفة اليومية البافارية: «مرة جديدة إيطاليا، مرة جديدة في نصف النهائي»، في استعادة للهزيمة أمام إيطاليا نفسها (2 - 0) في نصف نهائي كأس العالم 2006 الذي استضافته ألمانيا. وتابعت الصحيفة: «على ألمانيا أن تسأل نفسها لماذا تقدم مرة جديدة عرضا غير كاف في ختام مسابقة مهمة». ويرجح أن يطرح هذا السؤال على نطاق واسع في الصحف الألمانية في الأيام المقبلة.