مرسي يعلن احترامه لحكم «الدستورية» بوقف تنفيذ قراره بعودة البرلمان

«إخوان مصر» يفتحون جبهات جديدة لصراع الرئاسة والقضاة.. وتأسيسية الدستور تواجه مصير «الحل»

الرئيس المصري محمد مرسي أثناء استقباله المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور أمس (أ.ف.ب)
TT

دخل الصراع بين مؤسسة الرئاسة في مصر، ومن خلفها جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس الجديد محمد مرسي، ساحة صراع مفتوح مع المحكمة الدستورية العليا، بعد أن قضت الأخيرة بوقف تنفيذ قرار مرسي بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم قضائي الشهر الماضي. وبينما أعلن مرسي احترامه لحكم المحكمة، صعد «الإخوان» من وتيرة الصراع، فيما قررت محكمة مصرية التعجيل في فصل دعوى حل الجمعية التأسيسية للدستور، لتفصل فيها منتصف الشهر الحالي.

وقال بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة أمس إن قرار مرسي بعودة المجلس كان يهدف لاحترام حكم المحكمة الدستورية، وأوضح أن «الهدف أيضا كان في الوقت ذاته اختيار الوقت المناسب لتنفيذ الحكم، بما يحقق مصلحة الشعب وصالح الوطن، ويحافظ على استمرار سلطات الدولة خاصة مجلس الشعب المنتخب في القيام بمهامه، حتى لا يحدث فراغ في سلطة التشريع والرقابة».

وتابع البيان «إذا كان حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر أمس قد حال دون استكمال المجلس مهامه فسنحترم ذلك، لأننا دولة قانون تحكمها سيادة القانون واحترام المؤسسات. وسيتم التشاور مع القوى والمؤسسات والمجلس الأعلى للهيئات القانونية لوضع الطريق الأمثل للخروج من هذا المشهد، من أجل أن نتجاوز معا هذه المرحلة التي تمر بها البلاد ونعالج كل القضايا المطروحة وما قد يستجد خلال المرحلة المقبلة، ولحين الانتهاء من إقرار الدستور الجديد».

ورغم بيان الرئاسة أمس، والذي أكدت فيه احترامها حكم المحكمة الدستورية العليا، فإن جماعة الإخوان المسلمين تحركت على كل الأصعدة لمواجهة قرار المحكمة التي قضت أول من أمس بوقف تنفيذ قرار مرسي بعودة البرلمان؛ فميدانيا دفعت الجماعة مساء أول من أمس بأنصارها إلى ميدان التحرير، وهتفوا ضد قضاة بالمحكمة الدستورية، والمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة. وسياسيا بحث مكتب إرشاد جماعة الإخوان (أعلى هيئة تنفيذية بالجماعة) تداعيات حكم المحكمة الدستورية وسبل الرد عليه.

وعلى الصعيد القضائي، طعنت هيئة دفاع حزب الحرية والعدالة على حكم الدستورية العليا باعتباره حكما معدوما، وقررت «رد المحكمة بكامل تشكيلها، لثبوت عدم صلاحياتها لنظر المنازعة المرتبطة بالحكم المعدوم». وقال عبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان المسلمين، إن الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بوقف قرار مرسى بعودة البرلمان لعقد جلساته مرة أخرى، وسحب القرار المسبق بحله، هو والعدم سواء.

وشدد عبد المقصود على أنه لا يحق للمحكمة أن تصدر مثل هذا الحكم، لافتا إلى أنه تقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق في واقعة تزوير حكم المحكمة الدستورية الخاص بحل البرلمان، والذي تم نشره في الجريدة الرسمية قبل صدوره بساعات. وأمر النائب العام بالتحقيق في البلاغ المقدم من حزب «الإخوان»، وأحال البلاغ لنيابة استئناف القاهرة للتحقيق.

وقبيل حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان بسبب انتخاب نوابه على أساس قانون غير دستوري، دفع حزب «الإخوان» بتعديلات على قانون المحكمة الدستورية، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من «الإخوان» لتقليم أظافر المحكمة الدستورية المعنية بالفصل في دستورية القوانين، لكن المحكمة التي أنشأت في شكلها الحالي منذ عام 1969، عاجلت البرلمان بأن قضت بانعدامه.

وتقول قيادات جماعة الإخوان إن حكم المحكمة الدستورية الشهر الماضي كان الأسرع في تاريخ المحكمة، إذ لم يستغرق ثلاثة أشهر. ووفق سوابق للمحكمة استغرقت أحكام مماثلة ثلاث سنوات. وردت المحكمة الدستورية بتحرك قضائي، حيث طالبت النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بالتحقيق مع برلماني إخواني لاتهامه المحكمة بالتزوير.

وكان النائب ناصر الحافي، عضو مجلس الشعب المنحل، قد قال إن المحكمة الدستورية أرسلت حكمها السابق بحل مجلس الشعب إلى المطبعة الأميرية لنشره في الجريدة الرسمية قبل انتهاء جلسة النطق به. وأرسلت المحكمة أمس خطابا رسميا للنائب العام يتضمن صورة من محضر جلسة البرلمان أمس، والتي اتهم فيها الحافي المحكمة بالتزوير. وقال مصدر قضائي إن رئيس المحكمة طالب النائب العام بالتحقيق في تلك الاتهامات لإثبات صحتها من عدمها، أو اتخاذ اللازم ضده لو ثبت عدم صحة اتهاماته.

وفي السياق نفسه، قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة تحديد موعد جديد لنظر الطعون المقدمة على بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور الجديد للبلاد، والمقامة من عدد من المحامين والمراكز الحقوقية، بحيث تنظر في جلسة مبكرة الثلاثاء المقبل وذلك بدلا من الموعد المقرر لها في 4 من شهر سبتمبر (أيلول) القادم.

وجاء هذا القرار في ضوء تقدم عدد من مقيمي الدعوى بطلب «تقصير الجلسة» إلى المحكمة ونظر القضية في موعد مبكر عن موعد التأجيل، الذي سبق أن حددته المحكمة أثناء نظر أولى جلسات القضية في 26 يونيو (حزيران) الماضي، نظرا لحالة الاستعجال والضرورة القصوى لنظر القضية.. وهو الطلب الذي استجاب له المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة رئيس الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، وقرر معه تحديد جلسة الثلاثاء القادم لنظر القضية.

وقال مصدر قضائي بمجلس الدولة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الإجراء لا يعد استثنائيا، وإنه منصوص عليه قانونا، حيث إنه لأطراف الخصومة في الطعون التقدم بطلبات لتقصير الجلسات، مشيرا إلى أن الطلب حمل دفوعا قانونية جدية في مقدمتها خشية مقيمي الطعون صدور حكم لاحق ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية بعد أن تكون الجمعية قد انتهت من إعداد الدستور وإقراره، على نحو من شأنه أن يجعل دستور مصر الجديد محلا للتشكيك من الفرق السياسية المتنازعة.

وأشار المصدر إلى أن تقصير الجلسة للنظر في الطعون لا يعد إبداء للرأي فيها بأي صورة من الصور، وأنه مجرد قرار إجرائي معتاد أثناء نظر القضايا، مرجحا في الوقت ذاته أن تصدر المحكمة حكمها في القضية خلال الجلسة ذاتها أو في جلسة أخرى قريبة على أقصى تقدير.