السوق الكروية الصينية تفتح ذراعيها لنجوم القارة السمراء

المقابل المادي أحد عناصر جذب اللاعبين الأفارقة الكبار

TT

بات الدوري الصيني الممتاز بمثابة القبلة التي يتوجه إليها اللاعبون الأفارقة الكبار في عالم الساحرة المستديرة، فبعد أن رحل النجم الإيفواري القدير ديديه دروغبا عن صفوف تشيلسي الإنجليزي عقب الحصول على بطولة دوري أبطال أوروبا إلى نادي شنغهاي شينهوا الصيني، سار على نهجه كثير من اللاعبين الدوليين البارزين في القارة السمراء، حيث انتقل المهاجم النيجيري ياكوبو ايجبيني من نادي بلاكبيرن روفرز الإنجليزي إلى نادي كوانزو الصيني في عقد يمتد لـ3 سنوات، ثم سرعان ما تبعه النجم المالي فريدريك كانوتيه الذي انتقل من نادي إشبيلية الإسباني إلى نادي بكين غوان الصيني لمدة عامين.

وكان النجم المالي سيدو كيتا قد انتقل هو الآخر إلى نادي داليان أربين الصيني في عقد يمتد لعامين ونصف العام، بعد أن حصل على 14 لقبا مع نادي برشلونة الإسباني. والسؤال الآن هو: ما الذي دفع هذه الكوكبة من النجوم اللامعة في سماء الكرة الأفريقية والعالمية للانتقال إلى الدوري الصيني، مع الأخذ في الاعتبار المقابل المادي الكبير بالفعل؟

في الواقع، يحقق انتقال هذه الأسماء اللامعة فوائد كثيرة للأندية الصينية داخل الملعب، وفوائد أكثر خارجه. ويقول جيمس بورتيوس، وهو كاتب في صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»: «تشهد الصين توسعا سريعا في مجالات التعدين والموارد الطبيعية في أفريقيا. وربما تكون هناك فرص للأندية لتعزيز الروابط السياسية والتسويق بين الصين وأفريقيا في هذا الصدد». ومع ذلك، يعد المقابل المادي أحد عناصر الجذب الرئيسية للاعبين البارزين. ويضيف بورتيوس: «يفيض الدوري الصيني الممتاز - أو على الأقل عدد من الأندية - بالأموال المتدفقة من مالكي الأندية الذين حققوا أرباحا طائلة من الانتفاضة العقارية الضخمة التي حدثت في الصين».

يذكر أن متصدر الدوري الصيني الآن هو نادي قوانغتشو إيفرغراندي المملوك لمجموعة «إيفرغراندي» للعقارات التي يعد رئيسها شو جيان أغنى أغنياء الصين، الذي يقال إنه ضخ في النادي نحو 70 مليون دولار خلال العامين الماضيين فقط. ومن المعروف لكافة عشاق كرة القدم في جميع أنحاء المعمورة أن مالكي الأندية الصينية يضخون مبالغ خيالية في تلك الأندية، ولكن الشيء غير المعروف هو حجم هذه المبالغ بالضبط.

يذكر أن المدير الفني الحالي لنادي قوانغتشو إيفرغراندي هو مارسيلو ليبي الحائز على لقب كأس العالم عام 2006 مع المنتخب الإيطالي، الذي يتقاضى الآن راتبا سنويا يصل إلى 16 مليون دولار، ليكون بذلك ضمن قائمة أغلى المديرين الفنيين في العالم، أما بالنسبة للاعبين فيحصل الفيل الإيفواري ديديه دروغبا على راتب أسبوعي يصل إلى 350.000 دولار، في حين يحصل النيجيري ايجبيني على 150.000 دولار في الأسبوع. وعلى الرغم من عدم التأكد من دقة هذه الأرقام، فإن الشيء المؤكد دون أدنى شك هو أن المقابل المادي المرتفع في الصين يعد فرصة رائعة للاعبين المتقدمين في العمر، مثل دروغبا وكانوتيه، اللذين وصل كل منهما إلى عامه الرابع والثلاثين.

وقال بورتيوس: «دون أن أعرف أيا من هؤلاء اللاعبين، سوف أقول على الفور إنهم جاءوا إلى هنا من أجل المال. ومع ذلك، فإنهم سوف يستمتعون ببلد حديث تتسم فيه الحياة بالسرعة. شنغهاي مدينة كبيرة ولا تقل عن أي مدينة عالمية أخرى، ولن يعاني دروغبا أو أنيلكا من عدم وجود المحلات والمطاعم الفاخرة التي ينفقان فيها أموالهما». ومع ذلك، يصر النجم النيجري ايجبيني على أنه لم يأت إلى الصين من أجل المال. وأضاف عندما كان يتم تقديمه لجمهور النادي لأول مرة: «بعدما استمعت إلى خطط النادي، كان يتعين علي الانضمام إليه، ولم يكن المال أحد عوامل مجيئي إلى الصين. منذ مجيء أنيلكا (من نادي تشيلسي إلى شنغهاي شينهوا)، تبعه كثير من اللاعبين البارزين، وهو ما من شأنه أن يعمل على تطوير كرة القدم في الصين».

وتأمل الأندية الصينية أن يساعد التعاقد مع هؤلاء اللاعبين البارزين على زيادة أعداد الجماهير في المباريات، ويكفي أن تعرف أن متوسط الحضور الجماهيري في مباريات نادي شنغهاي شينهوا لا يتعدى 10.000 متفرج. ومن جهته، عبر النجم الغاني السابق كوامي أيو، الذي لعب في الصين 4 مواسم خلال الفترة بين عامي 2002 و2006، عن دهشته من هجرة اللاعبين الأفارقة البارزين إلى الصين، قائلا: «أنا فخور لأنني كنت من أوائل اللاعبين الذين لعبوا هناك، وأنا سعيد للغاية لوجود لاعبين كبار من أمثال دروغبا وأنيلكا. لا يتعلق الأمر بالمقابل المادي وحده، ولكن اللعب هناك يعني حياة مختلفة وثقافة مختلفة. وعلاوة على ذلك، هناك رغبة في أن تكون كرة القدم الصينية معروفة على مستوى العالم. وسواء كنت معجبا بذلك أم لا، عليك الاعتراف بأن الصين قوة صاعدة بسرعة كبيرة في المجال الاقتصادي، ولم لا يكون هناك تطور كبير أيضا في عالم كرة القدم الصينية؟».

ومع ذلك، وجه أيو، الذي يعد أحد هدافي الدوري الصيني عام 2004 وشقيق النجم الغاني القدير والحاصل على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا من قبل عبيدي بيليه، تحذيرا للاعبين الأفارقة الذين يلعبون في الصين، قائلا: «هناك عدد قليل من اللاعبين الأفارقة والأوروبيين والمديرين الفنيين في الصين، وقدم بعضهم أداء جيدا، في حين فشل آخرون، وذلك لأن اللعب هناك ليس بالأمر الهين ولا يعني الحصول على الأموال والاستمتاع فقط، لأنهم لن يترددوا في فسخ التعاقد مع من لا يقدم الأداء المتوقع منه، وحدث هذا بالفعل مع عدد من اللاعبين، سواء من أفريقيا أو من الغرب».