المعارضة السورية تطالب بتدخل أممي بعد مجزرة التريمسة التي ذهب ضحيتها أكثر من 220 شخصا

النظام يتهم «قنوات الإعلام الدموي» بالشراكة مع المجموعات الإرهابية المسلحة باقترافها

TT

طالبت قوى المعارضة السورية مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار «عاجل وحاسم» بحق النظام السوري إثر المجزرة التي راح ضحيتها نحو 220 قتيلا في بلدة التريمسة بريف حماه حسب لجان التنسيق المحلية. وحمّلت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الموفد الدولي والعربي كوفي أنان وكذلك إيران وروسيا حليفتا نظام الرئيس بشار الأسد مسؤولية المجزرة.

وفي وقت اتهم فيه النظام السوري عبر وكالة الأنباء الرسمية (سانا) «قنوات الإعلام الدموي» بالشراكة مع المجموعات الإرهابية المسلحة باقتراف المجزرة، أعرب مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان عن «صدمته وروعه» للتقارير الصادرة من سوريا معتبرا أن ذلك يشكل «انتهاكا لالتزام الحكومة وقف استخدام الأسلحة الثقيلة في أماكن سكنية والتزامها بالنقاط الست لخطة السلام».

وأعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود أن المراقبين مستعدون للتوجه إلى التريمسة للتحقق مما حصل، «عندما يكون هناك وقف جدي لإطلاق النار». وقال مود في مؤتمر صحافي في دمشق إن بعثة المراقبين الدوليين «مستعدة للتوجه إلى التريمسة والتحقق من الوقائع إذا أو عندما يحصل وقف جدي لإطلاق النار»، مؤكدا أن المراقبين الموجودين في محافظة حماه تمكنوا أول من أمس من معاينة «استمرار الاشتباكات في محيط التريمسة التي استخدمت فيها وحدات آلية والمدفعية والمروحيات». ورأت فرنسا أن «مجزرة التريمسة بوسط سوريا تشير في حال تأكد وقوعها إلى هروب إلى الإمام قاتل يقوم به النظام»، داعية مجددا مجلس الأمن الدولي إلى «تحمل مسؤولياته». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي: «إن هذه المأساة تعكس كم يترتب على الحكومة السورية القيام بخطوة أولى في اتجاه وقف أعمال العنف» لافتا إلى أن «تشديد الحزم ينبغي أن يمر من الآن فصاعدا عبر التهديد بعقوبات من مجلس الأمن»، وأضاف: «حان الوقت ليتحمل الكل مسؤولياته، فرنسا تتحمل مسؤولياتها».

كذلك أبلغ أحد قادة مقاتلي المعارضة المسلحة القريب من المنطقة واسمه الحركي أبو محمد، وكالة الصحافة الفرنسية ليل الخميس الجمعة أن الهجوم أدى إلى سقوط «أكثر من 200 قتيل». وبحسب أحد الناشطين القاطنين في المنطقة فإن حصيلة القتلى مرتفعة خصوصا بسبب قصف القوات الحكومية لمسجد في البلدة كان عدد كبير من السكان لجأوا إليه.

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، وصف أبو غازي الحموي، عضو مجلس ثوار حماه الوضع الراهن في التريمسة بـ«الضبابي» بعد انقطاع الاتصال مع شهود عيان على المجزرة كانوا قد تواصلوا معنا بوقت سابق، وقال: «كما العادة يسعى النظام حاليا لإخفاء آثار جرائمه قبل دخول المراقبين الدوليين للبلدة وهو كان قد منعهم أمس من التقدم للتريمسة بعدما كانوا قد وصلوا إلى بلدة محردة». وشرح الحموي تفاصيل المجزرة لافتا إلى أنه «وبعدما كان قد تم تطويق البلدة من 4 اتجاهات تعرضت للقصف الشديد، وحين حاولت قوات الأمن اقتحامها تصدى لها الجيش السوري الحر بعدما كان قد حاول تأمين ملاذ آمن لخروج المدنيين»، وأضاف: «لكن هؤلاء وخلال هروبهم تفاجأوا بعدد من الشبيحة جاءوهم من القرى المجاورة فقضوا على معظم سكان التريمسة بالسلاح الخفيف والأبيض ورموا عددا منهم في نهر العاصي».

وطالب رئيس المجلس عبد الباسط سيدا خلال مؤتمر صحافي مجلس الأمن بعقد اجتماع عاجل يخصص لحماية الشعب من القتل الذي يتعرض له من النظام السوري وباجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، كما طالب بتحقيق دولي من مجلس حقوق الإنسان والجمعيات الدولية للتحقيق بالمجازر التي حصلت. ودعا سيدا إلى رفع وتيرة المظاهرات في كل أنحاء سوريا، لافتا إلى أن سوريا غدت أسرة واحدة في مواجهة نظام الأسد. وإذ أكد أن «لا حل من دون رحيل الزمرة القاتلة ولا حوار مع القتلة»، شدد على أن «الثورة مستمرة»، داعيا «الدول الصديقة إلى التحرك من أجل مساندة الشعب السوري وخلاصه من براثن النظام المارق»، مشيرا إلى أن «المرحلة الحالية هي مرحلة مفصلية وسوريا الجديدة ستكون وفية لأصدقائها».

وقالت جماعة الإخوان المسلمين في بيان «لا نعتبر الوحش بشار المسؤول وحده عن الجريمة المروعة.. بل إن المسؤول عن هذه المجزرة وعن سابقاتها هو كوفي أنان والروس والإيرانيون وكل دول العالم التي تدعي مسؤوليتها في حماية السلم والاستقرار العالميين ثم تلوذ بالصمت والمراوغة».

وأشارت الجماعة إلى أن هذه المجزرة الأخيرة «ستنضم إلى ما سبقها من مجازر العصر الكبرى» ذاكرة من بينها مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982 ومجزرة سريبرينيتسا عام 1995. وحذر البيان من أنه «سيكون بعد المجزرة ما هو أفظع وأقسى ما دام أدعياء التحضر في العالم مصرين على الاستهانة بالدم السوري وترك هذا الوحش طليقا يقتل من أبناء سوريا من يشاء». في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر إعلامي لم تسمه أن «قنوات الإعلام الدموي بالشراكة مع المجموعات الإرهابية المسلحة ارتكبت مجزرة بحق أهالي قرية التريمسة في ريف حماه في محاولة لتأليب الرأي العام ضد سوريا وشعبها واستجرار التدخل الخارجي عشية اجتماع لمجلس الأمن الدولي».

ونفى المصدر ما بثته قناة «الجزيرة» وقال إنه «عار عن الصحة»، لافتا إلى أن «الجهات المختصة بالتعاون مع أهالي القرية أفشلت مجددا محاولات الإرهابيين تنفيذ أوامر مجلس إسطنبول ومكتبه العسكري تمهيدا لاجتماع مجلس الأمن يوم الجمعة».

وكانت السلطات السورية قالت في وقت سابق، إن قواتها وتلبية لنداءات أهالي التريمسة اشتبكت مع مسلحين نفذوا جريمة في بلدة التريمسة، وقال التلفزيون السوري، إن مجموعة إرهابيين مسلحين أطلقوا النار بشكل عشوائي على الأهالي في بلدة التريمسة. قوات السورية قتلت «عددا كبيرا من الإرهابيين» في التريمسة ولا ضحايا مدنيين (مصدر عسكري).

ولكن اللافت والمثير أن مصدرا عسكريا سوريا أكد أمس، أن القوات المسلحة السورية قتلت يوم الخميس الماضي «عددا كبيرا من الإرهابيين» في التريمسة في محافظة حماه (وسط)، حيث نفذت «عملية نوعية» لم تؤد إلى وقوع ضحايا بين المواطنين.

وقال المصدر، إن «بعض الوحدات المسلحة قامت صبيحة الخميس الماضي بعملية نوعية استهدفت تجمعات لعناصر المجموعات الإرهابية المسلحة»، وأسفرت عن «القضاء على أوكار المجموعات الإرهابية ومقتل عدد كبير من عناصرها».

وأكد المصدر أن القوات السورية نجحت في القضاء على «الإرهابيين»، من «دون وقوع أي ضحايا في صفوف المواطنين».

وأشار المصدر العسكري إلى أن القوات النظامية قامت بعد ذلك بـ«عملية تفتيش الأوكار، حيث عثرت على جثث عدد من المواطنين ممن كانت المجموعات الإرهابية المسلحة قد اختطفتهم سابقا وقامت بتصفيتهم»، كما ألقت القبض على «عشرات الإرهابيين وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة والوثائق بينها بطاقات شخصية لعناصر من جنسيات غير سورية».