التريمسة تدفع ثمن موقعها داخل محيط متداخل طائفيا

تأخرت في الانضمام للثورة وشهدت على عمليات خطف متبادلة

TT

تقع قرية التريمسة في ريف حماه داخل موزاييك طائفي ومناطقي معقد، إذ يحيط بالقرية التي شهدت أول من أمس مجزرة مروعة، قرى ذات غالبية علوية وأخرى يعيش فيها مسيحيون. ويفصل القرية عن منطقة محردة، ذات الغالبية المسيحية، 10 كيلومترات فيما تقع بالقرب منها بلدتان سكانها بمعظمهم علويون وهما سلحب وأصيل. وهو الأمر الذي أخر مشاركة أهالي التريمسة في الثورة السورية، وفق ما يقول ناشطون. وذلك خوفا من ردود فعل تأتي من القرى المجاورة لا سيما العلوية منها، التي تؤيد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بشكل مطلق.

«إلا أن نزول أهالي حماه بالآلاف إلى الشوارع ومطالبتهم برحيل نظام الحكم دفع بالمناطق الريفية إلى حسم أمرها والانضمام إلى الثورة»، هذا ما يؤكده حسان وهو ناشط وعضو في تنسيقيات ريف حماه للثورة السورية. ويضيف: «ريف حماه تأخر بالانضمام للثورة السورية على عكس بقية المدن المنتفضة التي بدأت الثورة من أريافها» ويعزو الناشط المعارض ذلك «إلى وجود قرى ومناطق موالية للنظام وأخرى تقف على الحياد».

القرية التي يقطن فيها ما يزيد عن 11000 نسمة وتقع على نهر العاصي، يؤكد حسان أنها «شكلت بعد انخراط سكانها بالمظاهرات المعارضة للنظام، بؤرة للانتفاضة الشعبية في ريف حماه، فأصبحت إلى جانب اللطامنة وكفر زيتا وحلفايا مراكز أساسية تنظم فيها التظاهرات المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد».

ويضيف: «مع اشتداد الحملة الأمنية التي يقودها النظام ضد قرى ريف حماه ومن بينها التريمسة صارت المظاهرات الشعبية تعتمد أكثر على الجيش الحر لحماية نفسها من آلة القمع الأسدية، الأمر الذي أظهر الكثير من الحساسيات الطائفية مع القرى المحيطة ودفعها إلى تكوين ميليشيات خاصة بها تقيم الحواجز وترتكب عمليات خطف».

وكانت القرية قد شهدت في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي عمليات خطف متبادلة بينها وبين قريتي سلحب والبطين حيث تقطن غالبية علوية. ويقول ناشطون إن «حواجز نصبت بين الطرفين وتم خطف شبان على أساس انتماءاتهم الطائفية». ويوجد في ريف حماه أكثر من 50 قرية، تتوزع على مناطق سهل الغاب، ومحردة، والسلمية، ومصياف. ويعتبر ناشطون من المنطقة أن التقسيم الطائفي لهذه القرى يجعل من احتمال حدوث توترات مذهبية بين سكانها عاليا دائما. ويتركز الوجود العلوي المحدود والموالي للنظام في قرى مصياف، يقابله أغلبية سنية معارضة له في بقية المناطق، كما تعيش أقلية مسيحية في منطقة محردة، وأخرى إسماعيلية في منطقة السلمية.

ويقول أحد المعارضين السوريين المتحدرين من ريف حماه «إن قرية التريمسة دفعت ثمن موقعها الجغرافي الواقع بمحاذاة قرى علوية موالية لنظام الأسد»، مشيرا إلى أن «أهالي التريمسة وبقية القرى الثائرة في ريف حماه استنجدت بالجيش الحر لحماية نفسها بينما قامت القرى العلوية بالاستقواء بالجيش النظامي لممارسة المجازر بحق أهل التريمسة».

يذكر أن قرية التريمسة تقع في منطقة سهل الغاب التابعة لمحافظة حماه وتطل على نهر العاصي على طريق حماه محردة السقيليبة، تبعد عن مدينة حماه 35 كيلومترا، ويعتمد أهلها لتحصيل عيشهم على الزراعة.